آيات من القرآن الكريم

هَٰذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ
ﮤﮥﮦﮧﮨﮩ

وقولُ سليمان بن قَتَّه: (١)

وَإنَّ الألَى بالطَفِّ مِنْ آل هَاشِم تَآسَوْا فَسَنُّوا لِلكِرَامِ التَّآسِيَا (٢)
* * *
وقال ابن زيد في ذلك ما:-
٧٨٧٢- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"قد خلت من قبلكم سنن"، قال: أمثالٌ.
* * *
القول في تأويل قوله عز وجل: ﴿هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (١٣٨) ﴾
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في المعنى الذي أشير إليه بـ"هذا".
فقال بعضهم: عنى بقوله"هذا"، القرآن.
*ذكر من قال ذلك:
٧٨٧٣- حدثنا محمد بن سنان قال، حدثنا أبو بكر الحنفي قال، حدثنا
(١) في المطبوعة: "سليمان بن قنة"، وهو تصحيف وقع في كتب كثيرة، و"قتة" أمه، وهو مولى لتيم قريش. وهو من التابعين، روى عن أبي سعيد الخدري، وابن عمر وابن عباس، وعمرو ابن العاص، ومعاوية. ترجم له البخاري في الكبير ٢ / ٢ / ٣٣، وابن أبي حاتم ٢ / ١ / ١٣٦. وزعم بعضهم أنه"سليمان بن حبيب المحاربي"، وهو خطأ، بل هما رجلان، هذا محاربي، وهذا تيمي. وهو أحد الشعراء الفرسان، وهو القائل:
وَقَدْ يَحْرِمُ الله الفَتَى وَهْوَ عَاقِلٌ وَيُعْطِى الفَتَى مَالا وَلَيْس له عَقْلُ
وهو من أول من سن رثاء أهل البيت، وله في رثائهم شعر كثير.
(٢) تاريخ الطبري ٧: ١٨٤، وأنساب الأشراف ٥: ٣٣٩، وأمالي الشجري ١: ١٣١، واللسان (أسى)، وغيرها. وهذا البيت، أنشده مصعب بن الزبير قبل مقتله، فعلم الناس أن لا يريم حتى يقتل. و"الطف": أرض من ضاحية الكوفة في طريق البرية، فيها كان مقتل الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما. وقوله: "تآسوا"، صار بعضهم أسوة لبعض في الصبر على المصير إلى الموت بلا رهبة ولا فرق.

صفحة رقم 231

عباد، عن الحسن في قوله:"هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين"، قال: هذا القرآن.
٧٨٧٤- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة. قوله:"هذا بيان للناس"، وهو هذا القرآن، جعله الله بيانًا للناس عامة، وهدى وموعظة للمتقين خصوصًا.
٧٨٧٥- حدثنا المثني قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع قال في قوله:"هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين"، خاصةً.
٧٨٧٦- حدثني المثني قال، حدثنا سويد قال، حدثنا ابن المبارك، عن ابن جريج في قوله:"هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين"، خاصةً.
* * *
وقال آخرون: إنما أشير بقوله"هذا"، إلى قوله:"قد خلت من قبلكم سُنن فسيروا في الأرض فانظرُوا كيف كان عاقبه المكذبين"، ثم قال: هذا الذي عرَّفتكم، يا معشر أصحاب محمد، بيان للناس.
*ذكر من قال ذلك:
٧٨٧٧- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق بذلك.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب، قولُ من قال: قوله:"هذا"، إشارةٌ إلى ما تقدم هذه الآية من تذكير الله جل ثناؤه المؤمنين، وتعريفهم حدوده، وحضِّهم على لزوم طاعته والصبر على جهاد أعدائه وأعدائهم. لأن قوله:"هذا"، إشارة إلى حاضر: إما مرئيّ وإما مسموع، وهو في هذا الموضع إلى حاضر مسموع من الآيات المتقدمة.
فمعنى الكلام: هذا الذي أوضحتُ لكم وعرفتكموه، بيانٌ للناس = يعني بـ"البيان"، الشرح والتفسير، كما:-

صفحة رقم 232

٧٨٧٨- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق:"هذا بيان للناس"، أي: هذا تفسير للناس إن قبلوه. (١)
٧٨٧٩- حدثنا أحمد بن حازم والمثني قالا حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا سفيان، عن بيان، عن الشعبي:"هذا بيان للناس"، قال: من العَمى.
٧٨٨٠- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن الشعبي، مثله.
* * *
وأما قوله:"وهدى وموعظة"، فإنه يعني بـ"الهدى"، الدلالةَ على سبيل الحق ومنهج الدين = وبـ"الموعظة"، التذكرة للصواب والرشاد، (٢) كما:-
٧٨٨١- حدثنا أحمد بن حازم والمثني قالا حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا سفيان، عن بيان، عن الشعبي:"وهدى"، قال: من الضلالة ="وموعظة"، من الجهل.
٧٨٨٢- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن بيان، عن الشعبي مثله.
٧٨٨٣- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق:"للمتقين"، أي: لمن أطاعني وعرَف أمري. (٣)
* * *

(١) الأثر: ٧٨٧٨- سيرة ابن هشام ٣: ١١٦، وهو تتمة الآثار التي آخرها رقم: ٧٨٧٠.
(٢) انظر تفسير: "الهدى" فيما سلف، من فهارس اللغة = وتفسير"الموعظة"، فيما سلف ٢: ١٨٠ / ٦: ١٤.
(٣) الأثر: ٧٨٨٣- سيرة ابن هشام ٣: ١١٦، وهو تتمة الآثار التي آخرها: ٧٨٧٨، والظاهر أنه قد سقط من نص ابن إسحاق، ما أثبته ابن هشام في تفسير هذه الآية، وهو قوله قبل الذي رواه أبو جعفر: أي: "نور وأدب للمتقين". أما ما رواه أبو جعفر فهو تفسير قوله: "للمتقين"، وهو في هذا الموضع يفسر"الهدى"، و"الموعظة".

صفحة رقم 233
جامع البيان في تأويل آي القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطبري
تحقيق
أحمد شاكر
الناشر
مؤسسة الرسالة
الطبعة
الأولى، 1420 ه - 2000 م
عدد الأجزاء
24
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية