
٥- كرامة الرسول على ربه وتقرير نبوته. وشرف من آمن به واتبع ما جاء به.
٦- مرد الأمور إلى الله تعالى في الدنيا والآخرة فيجب على عقلاء العباد أن يتخذوا لهم عند الله عهداً بالإيمان به وتوحيده في عبادته بتحقيق لا إله إلا الله محمد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (١١٠) لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلا أَذىً وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ (١١١) ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلا بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (١١٢) ﴾
شرح الكلمات:
﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ﴾ : وجدتم أفضل وأبرك أمة وجدت على الأرض.
﴿أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ : أظهرت وأبرزت لهداية الناس ونفعهم.
﴿أَذىً﴾ : الأذى: الضرر اليسير.
﴿يُوَلُّوكُمُ الأَدْبَارَ﴾ : ينهزمون فيفرون من المعركة مولينكم أدبارهم، أي: ظهورهم.
﴿ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ﴾ : أحاطت بهم المذلة ولصقت بهم حتى لا تفارقهم.
﴿وَبَاءُوا بِغَضَبٍ﴾ : رجعوا من رحلتهم الطويلة في الكفر وعمل الشر بغضب الله.
﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ... ﴾ إلخ.: ذلك إشارة إلى ما لصق بهم من الذلة والمسكنة وما عادوا به من غضب الله تعالى وما تبعه من عذاب "فالباء" في بأنهم

سببه، أي: بسبب فعلهم كذا وكذا والمسكنة هي ذلة الفاقة والفقر.
﴿يَعْتَدُونَ﴾ : الاعتداء مجاوزة الحد في الظلم والفساد.
معنى الآيات:
لما أمر الله تعالى المؤمنين بتقواه والاعتصام بحبله فامتثلوا وأمرهم بتكوين جماعة منهم يدعون إلى الإسلام ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر فامتثلوا ذكرهم بخير عظيم فقال لهم: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ كما قال لهم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كنتم خير الناس للناس.." ووصفهم بما كانوا به خير أمة فقال تأمرون بالمعروف وهو الإسلام وشرائع الهدى التي جاء بها نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتنهون عن المنكر وهو الكفر والشرك وكبائر الإثم والفواحش، وتؤمنون بالله. وبما يتضمنه الإيمان بالله من الإيمان بكل ما أمر تعالى بالإيمان به من الملائكة والكتب والرسل والبعث الآخر والقدر. ثم دعا تعالى أهل الكتاب إلى الإيمان الصحيح المنجي من عذاب الله، فقال عز وجل، ولو آمن أهل الكتاب بالنبي محمد وما جاء به من الإسلام لكان خيراً لهم من دعوى الإيمان الكاذبة التي يدعونها. وأخبر تعالى عنهم بأن منهم المؤمنين الصادقين في إيمانهم؛ كعبد الله بن سلام وأخيه، وثعلبة بن سعيد وأخيه، وأكثرهم الفاسقون الذين لم يعملوا بما جاء في كتابهم من العقائد والشرائع من ذلك أمر الله تعالى بالإيمان بالنبي الأمي واتباعه على مايجيء به من الإسلام ثم أخبر المسلمين أن فساق أهل الكتاب لن يضروهم إلا أذى يسيراً كإسماعهم الباطل وقولهم الكذب. وأنهم لو قاتلوهم ينهزمون أمامهم مولينهم ظهورهم فارين من القتال ثم لا ينصرون على المسلمين في أي قتال يقع بين الجانبين.
كما أخبر تعالى في الآية (١١٢) أنه تعالى ضرب عليهم الذلة والمسكنة أينما ثقفوا وفي يا البلاد وجدوا لن تفارقهم الذلة والمسكنة في حال من الأحوال إلا في حال دخولهم في الإسلام وهو حبل١ الله، أو معاهدة وارتباط بدولة قوية وذلك هو حبل٢ الناس. كما أخبر تعالى عنهم
٢ الحبل مستعار هنا للعهد، أي: المعاهدة التي تربطهم بدولة قوية كبريطانيا وأمريكا الآن.

أنهم رجعوا من عنادهم وكفرهم بغضب الله، وما يستتبعه من عذاب في الدنيا بحالة الفاقة والفقر المعبر عنها بالمسكنة، وفي الآخرة بعذاب جهنم كما ذكر تعالى علة عقوبتهم، وأنها الكفر بآيات الله وقتل الأنبياء بغير حق وعصيانهم المستمر واعتداؤهم الذي لا ينقطع فقال تعالى ﴿ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ﴾.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- إثبات خيرية أمة الإسلام وفي الحديث: "أنتم تتمون١ سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله".
٢- بيان علة خيرية أمة٢ الإسلام، وهي الإيمان بالله والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
٣- وعد الله تعالى لأمة الإسلام –ما تمسكت به- بالنصر على اليهود في أي قتال بينهم.
٤- صدق القرآن في إخباره عن اليهود بلزوم الذلة والمسكنة لهم أينما كانوا.
٥- بيان جرائم اليهود التي كانت سبباً في ذلتهم ومسكنتهم وهي الكفر المستمر، وقتل الأنبياء بغير حق والعصيان والاعتداء على حدود الشرع.
﴿لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (١١٣) يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ
٢ يوضح هذا قول عمر في حجه، وقد رأى في الناس دعة فقال، بعد أن قرأ هذه الآية: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾. من سره أن يكون في هذه الأمة فليؤد شرط الله فيها.