آيات من القرآن الكريم

وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَىٰ حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَٰذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَٰذَا مِنْ عَدُوِّهِ ۖ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيْهِ ۖ قَالَ هَٰذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ۖ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ
ﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅ

وَغَيْرُهُ: ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ سَنَةً، ﴿وَاسْتَوَى﴾ أَيْ: بَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً] (١)، وَرَوَاهُ (٢) سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقِيلَ: اسْتَوَى انْتَهَى شَبَابُهُ ﴿آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا﴾ أَيِ: الْفِقْهَ وَالْعَقْلَ وَالْعِلْمَ فِي الدِّينِ، فَعَلِمَ مُوسَى وَحَكَمَ قَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ نَبِيًّا، ﴿وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾
﴿وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ (١٥) ﴾
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ﴾ يَعْنِي: دَخَلَ مُوسَى الْمَدِينَةَ. قَالَ السُّدِّيُّ: هِيَ مَدِينَةُ "مَنْفَ" مِنْ أَرْضِ مِصْرَ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: كَانَتْ قَرْيَةَ "حَابِينَ" عَلَى رَأْسِ فَرْسَخَيْنِ مِنْ مِصْرَ. وَقِيلَ: مَدِينَةُ "عَيْنِ الشَّمْسِ" (٣)، ﴿عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا﴾ وَقْتَ الْقَائِلَةِ وَاشْتِغَالِ النَّاسِ بِالْقَيْلُولَةِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ: دَخَلَهَا فِيمَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ. وَاخْتَلَفُوا فِي السَّبَبِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ دَخَلَ الْمَدِينَةَ فِي هَذَا الْوَقْتِ؛ قَالَ السُّدِّيُّ: وَذَلِكَ أَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يُسَمَّى ابْنُ فِرْعَوْنَ، فَكَانَ يَرْكَبُ مَرَاكِبَ فِرْعَوْنَ وَيَلْبَسُ مِثْلَ مَلَابِسِهِ، فَرَكِبَ فِرْعَوْنُ يَوْمًا وَلَيْسَ عِنْدَهُ مُوسَى، فَلَمَّا جَاءَ مُوسَى قِيلَ لَهُ: إِنَّ فِرْعَوْنَ قَدْ رَكِبَ، فَرَكِبَ فِي أَثَرِهِ فَأَدْرَكَهُ الْمَقِيلُ بِأَرْضِ "مَنْفَ" فَدَخَلَهَا نِصْفَ النَّهَارِ، وَلَيْسَ فِي طَرَفِهَا أَحَدٌ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا﴾ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: كَانَ لِمُوسَى شِيعَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَسْتَمِعُونَ مِنْهُ وَيَقْتَدُونَ بِهِ، فَلَمَّا عَرَفَ مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَقِّ رَأَى فِرَاقَ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ، فَخَالَفَهُمْ فِي دِينِهِ حَتَّى ذُكِرَ ذَلِكَ مِنْهُ وَخَافُوهُ وَخَافَهُمْ، فَكَانَ لَا يَدْخُلُ قَرْيَةً إلا خائفا مستخيفا، فَدَخَلَهَا يَوْمًا عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: لَمَّا عَلَا مُوسَى فِرْعَوْنَ بِالْعَصَا فِي صِغَرِهِ، فَأَرَادَ فِرْعَوْنُ قَتْلَهُ، قَالَتِ امْرَأَتُهُ: هُوَ صَغِيرٌ، فَتَرَكَ قَتْلَهُ وَأَمَرَ بِإِخْرَاجِهِ مِنْ مَدِينَتِهِ، فَلَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِمْ إِلَّا بَعْدَ أَنْ كَبُرَ وَبَلَغَ أَشُدَّهُ فَدَخْلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا، يَعْنِي: عَنْ ذِكْرِ مُوسَى، أَيْ: مِنْ بَعْدِ نِسْيَانِهِمْ خَبَرَهُ وَأَمْرَهُ لِبُعْدِ عَهْدِهِمْ بِهِ (٤).

(١) ما بين القوسين ساقط من "أ".
(٢) في "ب": وهذه رواية.
(٣) في "أ": عين شمس.
(٤) أخرج هذه الأقوال الطبري: ٢٠ / ٤٣-٤٤، ثم قال: "وأولى الأقوال في الصحة بذلك أن يقال كما قال جل ثناؤه: (ولما بلغ أشده واستوى.. ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها) ": أي حسبنا هذا، إذ لم يرد نص صحيح في سبب دخوله عليه السلام المدينة على حين غفلة من أهلها.

صفحة رقم 196
معالم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي
تحقيق
محمد عبد الله النمر
الناشر
دار طيبة للنشر والتوزيع
سنة النشر
1417
الطبعة
الرابعة
عدد الأجزاء
8
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية