
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَدخل الْمَدِينَة﴾ فِي التَّفْسِير: أَن الْمَدِينَة كَانَت مَدِينَة عين شمس، وَقيل: مَدِينَة منف، وَعَن السّديّ قَالَ: كَانَ مُوسَى يركب من مراكب فِرْعَوْن، ويلبس من ملابسه، وَكَانَ يُسمى ابْن فِرْعَوْن، فَركب فِرْعَوْن مرّة فِي حشمه إِلَى بعض الْمَدَائِن، وَكَانَ مُوسَى غَائِبا فَرجع وَقد ركب فِرْعَوْن، فَركب فِي أَثَره، فوصل إِلَى الْمَدِينَة وَقت القائلة، وَقد اشْتغل النَّاس بالقيلولة، فَهُوَ معنى قَوْله: ﴿وَدخل الْمَدِينَة على حِين غَفلَة من أَهلهَا﴾ أَي: غفلوا عَن ذكر مُوسَى.
وَقَوله: ﴿فَوجدَ فِيهَا رجلَيْنِ يقتتلان﴾ فِي الْقِصَّة: أَنه وجد قبطيا يسخر إِسْرَائِيلِيًّا فِي حمل الْحَطب إِلَى مطبخ فِرْعَوْن، وَقَوله: ﴿يقتتلان﴾ أَي: يختصمان ويتنازعان، وَقَوله: ﴿هَذَا من شيعته وَهَذَا من عدوه﴾ أى: الإسرائيلي من شيعته، والقبطي من

﴿عدوه فاستغاثه الَّذِي من شيعته على الَّذِي من عدوه فوكزه مُوسَى فَقضى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا من عمل الشَّيْطَان إِنَّه عَدو مضل مُبين (١٥) قَالَ رب إِنِّي ظلمت نَفسِي فَاغْفِر لي فغفر لَهُ إِنَّه هُوَ الغفور الرَّحِيم (١٦) قَالَ رب بِمَا أَنْعَمت عَليّ فَلَنْ أكون ظهيرا للمجرمين﴾ عدوه، وَكَانَت بَنو إِسْرَائِيل قد عزوا بمَكَان مُوسَى؛ لأَنهم كَانُوا يعلمُونَ أَنه مِنْهُم، وَيُقَال: ﴿هَذَا من شيعته وَهَذَا من عدوه﴾ أَي: هَذَا مُؤمن وَهَذَا كَافِر.
وَقَوله: ﴿فاستغاثه الَّذِي من شيعته﴾ الاستغاثة: طلب المعونة، وَقَوله: ﴿فوكزه مُوسَى﴾ قَرَأَ (ابْن مَسْعُود) :" فلكزه مُوسَى " واللكز والوكز (وَاحِد، وَهُوَ الضَّرْب بِجمع الْكَفّ، وَقيل الوكز هُوَ الضَّرْب فِي الصَّدْر، واللكز) هُوَ الضَّرْب فِي الظّهْر. وَفِي بعض التفاسير: (أَن مُوسَى) عقد ثَلَاثًا وَثَمَانِينَ وضربه ضَرْبَة بِهِ فِي صَدره، وَكَانَ شَدِيد الْبَطْش، فَقتل الرجل، فَهُوَ معنى قَوْله: ﴿فَقضى عَلَيْهِ﴾ أَي: قَتله، يُقَال: قضى فلَان أَي: مَاتَ. فَإِن قيل: كَيفَ يجوز هَذَا على مُوسَى؟ قُلْنَا: وَهُوَ لم يقْصد الْقَتْل، وَإِنَّمَا وَقع الْقَتْل خطأ، وَكَانَ قَصده استنقاذ الإسرائيلي من ظلمه.
وَقَوله: ﴿قَالَ هَذَا من عمل الشَّيْطَان﴾ أَي: من تزيينه، وَقَوله: ﴿إِنَّه عَدو مضل مُبين﴾ أَي: مضل بَين الضَّلَالَة،