آيات من القرآن الكريم

وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ ۚ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ
ﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛ ﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂ ﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕ ﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟ ﮡﮢﮣﮤ ﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔ ﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣ ﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟ

[سورة الحج (٢٢) : الآيات ٣٨ الى ٤٧]

إِنَّ اللَّهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (٣٨) أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (٣٩) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ وَمَساجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (٤٠) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ (٤١) وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَثَمُودُ (٤٢)
وَقَوْمُ إِبْراهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ (٤٣) وَأَصْحابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسى فَأَمْلَيْتُ لِلْكافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ (٤٤) فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها وَهِيَ ظالِمَةٌ فَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ (٤٥) أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها أَوْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (٤٦) وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (٤٧)
إِنَّ اللَّهَ يُدافِعُ مكي وبصري: يدفع، غيرهم: يُدافِعُ، ومعناه: إنّ الله يدفع غائلة المشركين.
عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ في أمانة الله كَفُورٍ لنعمته.
أُذِنَ قرأ أهل المدينة والبصرة وعاصم أُذِنَ بضم الألف، وقرأ الباقون بفتحه أي أذن الله لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ قرأ أهل المدينة والشام بفتح التاء يعنون المؤمنين الذين يقابلهم المشركون، وقرأ الباقون بكسر التاء يعني إنّ الذين أذن لهم بالجهاد يقاتلون المشركين بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ.
قال المفسّرون: كان مشركو أهل مكة يؤذون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم فلا يزالون يجيئون من بين مضروب ومشجوج، فيشكونهم إلى رسول الله فيقول لهم: اصبروا فإنّي لم أؤمر بالقتال حتى هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلّم من مكة، فأنزل الله سبحانه هذه الآية وهي أول آية أذن الله فيها بالقتال.
وقال ابن عباس: لما أخرج النبي صلى الله عليه وسلّم من مكة قال أبو بكر: أخرجوا نبيّهم، إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ، لنهلكنّ، فأنزل الله سبحانه أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ الآية، قال أبو بكر: فعرفت أنّه سيكون قتال.
وقال مجاهد: نزلت هذه الآية في قوم بأعيانهم خرجوا مهاجرين من مكة إلى المدينة فكانوا يمنعون من الهجرة، فأذن الله تعالى لهم في قتال الكفّار الذين يمنعونهم من الهجرة.
الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ بدل من الذين الأولى، ثمّ قال إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ يعني لم يخرجوا من ديارهم إلّا لقولهم ربّنا الله وحده، فيكون أن في موضع الخفض ردّا على الباء في قوله بِغَيْرِ حَقٍّ ويجوز أن يكون في موضع نصب على وجه الاستثناء.
وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ بالجهاد وإقامة الحدود وكفّ الظلم لَهُدِّمَتْ قرأ «١» الحجازيّون بتخفيف الدال، والباقون بالتشديد على الكسر أي تخرّبت صَوامِعُ قال مجاهد والضحاك: يعني صوامع الرهبان، قتادة: صوامع الصابئين.
وَبِيَعٌ النصارى، ابن أبي نجيح عن مجاهد: البيع: كنائس اليهود، وبه قال ابن زيد.
(١) في النسخة الثانية (أصفهان) : ابن كثير و.

صفحة رقم 25

وَصَلَواتٌ قال ابن عباس وقتادة والضحاك: يعني كنائس اليهود ويسمّونها صلوتا. أبو العالية: هي مساجد الصابئين.
ابن أبي نجيح عن مجاهد: هي مساجد لأهل الكتاب ولأهل الإسلام بالطريق، وعلى هذه الأقاويل تكون الصلوات «١» صلوات أهل الإسلام تنقطع إذا دخل عليهم العدوّ، انقطعت العبادة وهدمت المساجد كما صنع بخت نصّر.
وَمَساجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً يعني مساجد المسلمين، وقيل: تأويلها: لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ في أيام شريعة عيسى، وَصَلَواتٌ في أيام شريعة موسى، وَمَساجِدُ في أيام شريعة محمد صلّى الله عليهم أجمعين.
وقال الحسن: يدفع عن هدم مصليات أهل الذّمة بالمؤمنين، فإن قيل: لم قدّم مصليات الكافرين على مساجد المسلمين؟ قلنا: لأنها أقدم، وقيل: لقربها من الهدم، وقرب المساجد من الذكر كما أخّر السابق في قوله فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ لقربه من الخيرات «٢».
وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ أي ينصر دينه ونبيّه.
إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ قال قتادة: هم أصحاب محمد، عكرمة: أهل الصلوات الخمس، الحسن وأبو العالية: هذه الأمة.
وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ آخر أمور الخلق ومصيرهم إليه.
وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ يا محمد فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَثَمُودُ وَقَوْمُ إِبْراهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسى فَأَمْلَيْتُ لِلْكافِرِينَ أمهلتهم ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ عاقبتهم فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ إنكاري بالعذاب والهلاك، يعزّي نبيّه صلى الله عليه وسلّم ويخوّف مخالفيه.
فَكَأَيِّنْ وكم مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها وَهِيَ ظالِمَةٌ يعني وأهلها ظالمون، فنسب الظلم إليها لقرب الجوار.
فَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها ساقطة على سقوفها وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ متروكة مخلّاة عن أهلها وَقَصْرٍ مَشِيدٍ قال قتادة والضحّاك ومقاتل: رفيع طويل، ومنه قول عدي «٣» :

(١) في النسخة الثانية زيادة: بمعنى مواضع الصلوات، وقال بعضهم: أراد بها الصلوات بعينها، مجاز الآية:
وتركت صلوات، قال ابن زيد: الصلوات.
(٢) في النسخة الثانية: الحسنات.
(٣) في النسخة الثانية: علي بن زيد.

صفحة رقم 26

شاده مرمرا وجلّله كلسا فللطّير في ذراه وكور «١»
أي رفعه.
وقال سعيد بن جبير ومجاهد وعطاء وعكرمة: مجصّص، من الشيد وهو الجصّ، قال الراجز:
كحبّة الماء بين الطىّ والشيد
وقال امرؤ القيس:
وتيماء لم يترك بها جذع نخلة ولا أجما إلّا مشيدا بجندل «٢»
أي مبنيّا بالشيد والجندل.
وروى أبو روق عن الضحاك أنّ هذه البئر كانت بحضرموت في بلدة يقال لها حاصورا وذلك أنّ أربعة آلاف نفر ممّن آمن بصالح ونجوا من العذاب أتوا حضرموت ومعهم صالح، فلمّا حضروه مات صالح، فسمّي حضرموت لأن صالحا لمّا حضره مات، فبنوا حاصورا وقعدوا على هذه البئر وأمّروا عليهم رجلا يقال له بلهنس بن جلاس بن سويد، وجعلوا وزيره سنحاريب بن سواده، فأقاموا دهرا وتناسلوا حتى نموا وكثروا، ثم أنّهم عبدوا الأصنام فكفروا فأرسل الله إليهم نبيّا يقال له حنظلة بن صفوان كان حمالا فيهم فقتلوه في السوق، فأهلكهم الله وعطّلت بئرهم وخرّبت قصورهم.
أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ يعني كفّار مكة فينظروا إلى مصارع المكذّبين من الأمم الخالية.
فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها يعلمون بها أَوْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها فيتفكروا ويعتبروا.
فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ تأكيد، كقوله سبحانه وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ وقوله تعالى يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ.
قال ابن عباس ومقاتل: لمّا نزل وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى «٣» جاء ابن أم مكتوم النبي صلى الله عليه وسلّم باكيا فقال: يا رسول الله أنا في الدنيا أعمى أفأكون في الآخرة أعمى؟
فأنزل الله سبحانه وتعالى هذه الآية.
وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ نزلت في النضر بن الحرث.
(١) لسان العرب: ٣/ ٢٤٤.
(٢) لسان العرب: ١٢/ ٨.
(٣) سورة الإسراء: ٧٢.

صفحة رقم 27
الكشف والبيان عن تفسير القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي أو الثعالبي
راجعه
نظير الساعدي
الناشر
دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان
سنة النشر
1422 - 2002
الطبعة
الأولى 1422، ه - 2002 م
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية