
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمن الشَّيَاطِين من يغوصون لَهُ﴾ الغوص هُوَ النُّزُول فِي قَعْر الْبَحْر، فَكَانَ الشَّيَاطِين يَفْعَلُونَ ذَلِك لِسُلَيْمَان؛ لاستخراج الدّرّ والجواهر.
وَقَوله: ﴿ويعملون عملا دون ذَلِك﴾ أَي: سوى الغوص، وَهُوَ معنى: ﴿يعْملُونَ لَهُ مَا يَشَاء من محاريب وتماثيل﴾ الْآيَة.
وَقَوله: ﴿وَكُنَّا لَهُم حافظين﴾.

﴿وَأَيوب إِذْ نَادَى ربه أَنِّي مسني الضّر وَأَنت أرْحم الرَّاحِمِينَ (٨٣) ﴾
قَالَ الْفراء والزجاج معنى ذَلِك: أَنا حفظنا الشَّيَاطِين من أَن يفسدوا مَا عمِلُوا. وَفِي الْقِصَّة: أَن سُلَيْمَان كَانَ إِذا بعث شَيْطَانا مَعَ إِنْسَان ليعْمَل لَهُ عملا قَالَ لَهُ: إِذْ فرغ من عمله قبل اللَّيْل، أشغله بِعَمَل آخر؛ لِئَلَّا يفْسد مَا عمل، وَكَانَ من عَادَة الشَّيْطَان أَنه إِذا فرغ من الْعَمَل، وَلم يشغل بِعَمَل آخر يخرب مَا عمل، ويفسده، فَهَذَا معنى قَوْله تَعَالَى: ﴿وَكُنَّا لَهُم حافظين﴾ على مَا ذكرنَا من الْفراء والزجاج، وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَيْضا.