آيات من القرآن الكريم

وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ
ﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄ ﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐ ﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟ ﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮ ﮰﮱﯓﯔﯕ

- ١٦ - وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ
- ١٧ - لَوْ أَرَدْنَآ أَن نَّتَّخِذَ لَهْواً لاَّتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّآ إِن كُنَّا فَاعِلِينَ
- ١٨ - بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ
- ١٩ - وَلَهُ مَن فِي

صفحة رقم 503

السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ
- ٢٠ - يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لاَ يَفْتُرُونَ
يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّهُ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ أَيْ بِالْعَدْلِ وَالْقِسْطِ، لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُواْ بِمَا عَمِلُواْ وَيِجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُواْ بالحسنى، وَأَنَّهُ لَمْ يَخْلُقْ ذَلِكَ عَبَثًا وَلَا لَعِبًا، كَمَا قَالَ: ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنُّ الذي كَفَرُواْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنَ النار﴾، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿لَوْ أَرَدْنَآ أَن نَّتَّخِذَ لَهْواً لاَّتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّآ إِن كُنَّا فَاعِلِين﴾، قَالَ مجاهد: يَعْنِي مِنْ عِنْدِنَا، يَقُولُ: وَمَا خَلَقْنَا جَنَّةً وَلَا نَارًا وَلَا مَوْتًا وَلَا بَعْثًا وَلَا حساباً. وقال الحسن وقتادة ﴿لَوْ أَرَدْنَآ أَن نَّتَّخِذَ لَهْواً﴾ اللَّهْوُ: الْمَرْأَةُ بلسان أهل اليمن، وقال إبراهيم النخعي ﴿لاَّتَّخَذْنَاهُ﴾ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ وَالسُّدِّيُّ: والمراد باللهو ههنا الولد، وهذا الذي قَبْلَهُ مُتَلَازِمَانِ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لَّوْ أَرَادَ اللَّهُ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الواحد القهار﴾ فنزه نفسه عن اتخاذ الولد مطلقاً ولا سِيَّمَا عَمَّا يَقُولُونَ مِنَ الْإِفْكِ وَالْبَاطِلِ مِنَ اتخاذ عيسى أو الملائكة ﴿سُبْحَانَ الله وتعالى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّاً كبيراً﴾، وَقَوْلُهُ: ﴿إِن كُنَّا فَاعِلِينَ﴾ قَالَ قَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ: أَيْ مَا كُنَّا فَاعِلِينَ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: كُلُّ شَيْءٍ فِي الْقُرْآنِ «إنْ» فَهُوَ إِنْكَارٌ. وَقَوْلُهُ: ﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ﴾ أَيْ نُبَيِّنُ الْحَقَّ فَيَدْحَضُ الْبَاطِلَ وَلِهَذَا قَالَ: ﴿فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ﴾ أَيْ ذَاهِبٌ مُضْمَحِلٌّ، ﴿وَلَكُمُ الْوَيْلُ﴾ أَيْ أَيْهَا الْقَائِلُونَ لِلَّهِ وَلَدٌ ﴿مِمَّا تَصِفُونَ﴾ أَيْ تَقُولُونَ وَتَفْتَرُونَ. ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى عَنْ عُبُودِيَّةِ الْمَلَائِكَةِ لَهُ وَدَأْبِهِمْ فِي طَاعَتِهِ لَيْلًا وَنَهَارًا، فَقَالَ: ﴿وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ﴾ يَعْنِي الْمَلَائِكَةَ ﴿لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ﴾: أَيْ لَا يَسْتَنْكِفُونَ عَنْهَا كَمَا قَالَ: ﴿لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً للَّهِ وَلاَ الملائكة المقربون﴾، وقوله: ﴿وَلاَ يَسْتَحْسِرُونَ﴾ أي لا يتبعون وَلَا يَمَلُّونَ، ﴿يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لاَ يَفْتُرُونَ﴾ فَهُمْ دَائِبُونَ فِي الْعَمَلِ لَيْلًا وَنَهَارًا مُطِيعُونَ قَصْدًا وَعَمَلًا، قَادِرُونَ عَلَيْهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿لاَّ يَعْصُونَ اللَّهَ مَآ أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يأمرون﴾. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ قَالَ: جَلَسْتُ إِلَى كَعْبِ الْأَحْبَارِ وَأَنَا غُلَامٌ، فَقُلْتُ لَهُ: أرأيتِ قول الله تعالى لِلْمَلَائِكَةِ: ﴿يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لاَ يَفْتُرُونَ﴾ أَمَا يَشْغَلُهُمْ عَنِ التَّسْبِيحِ الْكَلَامُ وَالرِّسَالَةُ وَالْعَمَلُ؟ فَقَالَ: من هَذَا الْغُلَامُ؟ فَقَالُوا مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، قال: فقبّل رأسي ثم قال: يَا بُنَيَّ إِنَّهُ جَعَلَ لَهُمُ التَّسْبِيحَ كَمَا جَعَلَ لَكُمُ النَّفَسَ، أَلَيْسَ تَتَكَلَّمُ وَأَنْتَ تَتَنَفَّسُ وَتَمْشِي وَأَنْتَ تَتَنَفَّسُ؟.

صفحة رقم 504
مختصر تفسير ابن كثير
عرض الكتاب
المؤلف
محمد علي بن الشيخ جميل الصابوني الحلبي
عدد الأجزاء
1