آيات من القرآن الكريم

ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ
ﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎ ﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜ

فقتلا بتقتيل وضربا بضربكم وفي الرفث ثلاثة أقوال: أحدها: أنه الجماع، قاله ابن عمر، والحسن، وعكرمة، ومجاهد، وقتادة في آخرين. والثاني: أنه الجماع، وما دونه من التعريض به، وهو مروي عن ابن عمر أيضاً، وابن عباس، وعمرو بن دينار في آخرين. والثالث: أنه اللغو من الكلام، قاله أبو عبد الرحمن اليزيدي. وفي الفسوق ثلاثة أقوال: أحدها: أنه السباب، قاله ابن عمر، وابن عباس، وإبراهيم في آخرين. والثاني:
أنه التنابز بالألقاب، مثل أن تقول لأخيك: يا فاسق، يا ظالم، رواه الضحاك عن ابن عباس. والثالث:
أنه المعاصي، قاله الحسن، وعطاء، وطاوس، ومجاهد، وقتادة في آخرين، وهو الذي نختاره، لأن المعاصي تشمل الكل، ولأن الفاسق: الخارج من الطاعة إلى المعصية. قوله تعالى: وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ، الجدال: المراء. وفي معنى الكلام قولان: أحدهما: أن معناه: لا يمارينَّ أحد أحداً، فيخرجه المراء إلى الغضب، وفعل ما لا يليق بالحج، وإلى هذا المعنى ذهب ابن عمر، وابن عباس، وطاوس، وعطاء، وعكرمة، والنخعي، وقتادة، والزهري، والضحاك في آخرين. والثاني: أن معناه:
لا شك في الحج ولا مراء، فانه قد استقام أمره وعرف وقته وزال النسيء عنه.
(٨٥) قال مجاهد: كانوا يحجون في ذي الحجة عامين، وفي المحرم عامين، ثم حجوا في صفر عامين، وكانوا يحجون في كل سنة في كل شهر عامين حتى وافقت حجة أبي بكر الآخر من العامين في ذي القعدة قبل حجّة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بسنة، ثم حجّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم من قابل في ذي الحجة، فذلك حين قال: «إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السّماوات والأرض»، وإلى هذا المعنى ذهب السدي عن أشياخه، والقاسم بن محمد.
قوله تعالى: وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى.
(٨٦) قال ابن عباس: كان أهل اليمن يحجون ولا يتزودون ويقولون: نحن المتوكلون، فيسألون الناس، فأنزل الله تعالى: وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى، قال الزجاج: أُمروا أن يتزودوا، وأعلموا أن خير ما تزوّد تقوى الله عزّ وجلّ.
[سورة البقرة (٢) : الآيات ١٩٨ الى ١٩٩]
لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ (١٩٨) ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٩٩)
قوله تعالى: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ. قال ابن عباس:
(٨٧) كانوا يتقون البيوع والتجارة في الموسم، ويقولون: أيام ذكر فنزلت هذه الآية.

أخرجه الطبري ٣٧١٨ عن مجاهد مرسلا، فهو ضعيف، والمرفوع منه صحيح، أخرجه البخاري ٣١٩٧ ومسلم ١٦٧٩ وأبو داود ١٩٤٧ وابن حبان ٥٩٧٥ و ٣٨٤٨ من حديث أبي بكرة. وسيأتي.
صحيح. أخرجه البخاري ١٥٢٣ وأبو داود ١٧٣٠ والنسائي في «الكبرى» ١١٠٣٣ و «التفسير» ٥٣ والواحدي في «الأسباب» ١١٣ من حديث ابن عباس.
حسن. أخرجه الطبري ٣٧٨٧ من طريق يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن ابن عباس به، وإسناده غير قوي لأجل يزيد. وأخرجه أبو داود ١٧٣١ بهذا الإسناد مع اختلاف يسير فيه. وأخرجه الطبري ٣٧٨٦ بإسناد ضعيف عن ابن عباس نحوه. وأصله عند البخاري ٤٥١٩ والطبري ٣٧٩٤.

صفحة رقم 165

والابتغاء: الالتماس. والفضل هاهنا: النّفع بالتجارة والكسب قال ابن قتيبة: أفضتم، بمعنى:
دفعتم، وقال الزجاج: معناه: دفعتم بكثرة، يقال: أفاض القوم في الحديث: إذا اندفعوا فيه، وأكثروا التصرف. وفي تسمية «عرفات» قولان: أحدهما: أن الله تعالى بعث جبريل إلى إبراهيم فحج به، فلما أتى عرفات قال: قد عرفت، فسمّيت «عرفة»، قاله عليّ عليه السّلام «١». والثاني: أنها سميت بذلك لاجتماع آدم وحواء، وتعارفهما بها، قاله الضحاك «٢». قال الزجاج والمشعر: المعلم، سمي بذلك لأن الصلاة عنده. والمقام والمبيت والدعاء من معالم الحج، وهو مزدلفة وهي جمع يسمى بالاسمين.
قال ابن عمر ومجاهد: المشعر الحرام المزدلفة كلها.
قوله تعالى: وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ، أي: جزاء هدايته لكم، فان قيل: ما فائدة تكرير الذكر؟ قيل: فعنه أربعة أجوبة: أحدها: أنه كرره للمبالغة في الأمر به. والثاني: أنه وصل بالذكر الثاني ما لم يصل بالذكر الأول، فحسن تكريره. فالمعنى: اذكروه بتوحيده كما ذكركم بهدايته. والثالث: أنه كرره ليدل على مواصلته، والمعنى: اذكروه ذكراً بعد ذكر، ذكر هذه الأقوال محمد بن القاسم النحوي.
والرابع: أن الذكر في قوله: فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ، هو: صلاة المغرب والعشاء اللتان يجمع بينهما بالمزدلفة. والذكر في قوله: كَما هَداكُمْ هو: الذكر المفعول عند الوقوف بمزدلفة غداة جمع، حكاه القاضي أبو يعلى.
قوله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ، في هاء الكناية ثلاثة أقوال: أحدها: أنها ترجع إلى الإسلام، قاله ابن عباس. والثاني: أنها ترجع إلى الهدى، قاله مقاتل، والزجاج. والثالث: أنها ترجع إلى القرآن، قاله سفيان الثوري.
قوله تعالى: ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ. قالت عائشة:
(٨٨) كانت قريش ومن يدين بدينها، وهم الحمس، يقفون عشيّة عرفة بالمزدلفة، يقولون: نحن قطين البيت، وكان بقية العرب والناس يقفون بعرفات، فنزلت هذه الآية. قال الزجاج: سموا الحمس لأنهم تحمسوا في دينهم، أي: تشددوا. والحماسة: الشدة في كل شيء.
وفي المراد بالناس هاهنا أربعة أقوال «٣» : أحدها: أنهم جميع العرب غير الحمس، ويدل عليه حديث عائشة، وهو قول عروة، ومجاهد، وقتادة. والثاني: أن المراد بالناس هاهنا: إبراهيم الخليل،

صحيح بهذا السياق. أخرجه الترمذي ٨٨٤ من حديث عائشة وقال: حسن صحيح، وهو كما قال.
- وأصله صحيح، أخرجه البخاري ٤٥٢٠ ومسلم ١٢١٩ وابن حبان ٣٨٥٦ وأبو داود ١٩١٠ والنسائي ٥/ ٢٥٤ من حديث عائشة. وله شواهد كثيرة أوردها الطبري ٣٨٣٥- ٣٨٤٣.
__________
(١) ضعيف جدا. أخرجه الطبري ٣٧٩٧ عن ابن جريج عن ابن المسيب عن علي، وفيه إرسال بين ابن جريج وابن المسيب، وما يرسله ابن جريج واه بمرة.
(٢) لم أقف عليه، والضحاك يروي عن كتب الأقدمين، فخبره هذا لا شيء.
(٣) القول الأول هو الصواب، وباقي الأقوال منكرة ليست بشيء.

صفحة رقم 166
زاد المسير في علم التفسير
عرض الكتاب
المؤلف
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي
تحقيق
عبد الرزاق المهدي
الناشر
دار الكتاب العربي - بيروت
سنة النشر
1422
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية