
وقوله عزَّ وجلَّ: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ (١٣)
ْأصل السفَهِ في اللغة خِفَةُ الحلم، وكذلك يقال ثَوْبٌ سَفِيه إِذا كان رقيقاً
بالِياً.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (أَلَا إنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ).
معنى (أَلَا) اسْتِفْتَاح وَتَنْبِيهٌ " وقوله: (هُم السفهاءُ) يجوز أن يكون
خبر إنَّ و (هُم) فَصْلٌ، وهو الذي يسميه الكوفيون العماد.
ويجوز أن يكون (هُم) ابتداء، والسفهاءُ خبر الإِبتداء، وهم السفهاءُ خبر إن.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (١٤)
أنْبَأ الله الْمؤمِنِينَ بِمَا يُسِره المنافقونَ مِنَ الكُفْرِ ومعنى شَيَاطِييهمْ في
اللغة: مَرَدَتُهُمْ، وعُتَاتُهُمْ في الكفر، ويقال خلوت إِليه ومعه، ويقال خلوت
به، وهو على ضربين: أحدهما جعلت خَلْوتي معه، كما قال: خَلَوْتُ إِليه
(أي جعلت خلوتي معه)، وكذلك يقال خَلَوْتُ إِليهِ، ويصلح أن يكون
خلوت بِهِ سخرت منه.
ونصب (معكم) كنصب الظروف، تقول: إِنا معكم وإِنا
خَلْفَكم معناه إِنا مستقرون معكم ومستقرون خلفكم.
والقراءَة المجمَعُ عليها فتح العَين وقد يجوز في الاضطرار إسكان العين، ولا يجوز أن يقرأ بها.
ويجوز إِنَّا مَعْكُمْ للشاعر إِذا اضطر قال الشاعر:
قَرِيشي منكمو وهواي مَعْكُمْ... وَإِن كانت زِيَارَتُكُمْ لِمَاما

وفي قوله عزَّ وجلَّ: (خَلَوْا إلَى). وجهان إن شئت أسْكَنْتَ الوَاو
وخففت الهمزة وكسرتها فقلت: (خلوْا إلَى) وإن شئت ألقيت الهمزة وكسرت الواو فقلت: " خَلَوِ ليى " وكذلك يقرأ أهل الحجاز وهو جيد بالغ، و (إِنا) الأصل فيه "إننا"، كما قال اللَّه عزَّ وجلَّ: (إنَّنِي معَكُما) ولكن النون حذفت لكثرة النونات، والمحذوف النون الثانية من إِن، لأن في " إن " نونين الأولى ساكنة والثانية متحركة.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (إنما نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ).
نحن مبنية عفى الضم، لأن نحن يدل على الجماعة، وجماعة
المُضْمَرينَ يدل عليهم - إذا ثَنيتَ الواحدَ من لفظه - الميم والواو، نحو
فعلوا، وأنتم، فالواو من جنس الضمة، فلم " يكن بذ من حركة (نَحْنُ)
فحركت بالضم لأن الضم من الواو؛ ألا ترى أن واو - الجماعة إذا حركت
لالتقاء السَّاكنين ضمت، نحو (اشْتَرَوُا الضلاَلَةَ)، وقد حركها بعضهم إلى
الكسر فقال: (اشتروِا الضلالة)، لأن اجتماع السَّاكنين يوجب كسر الأولى إذا كانا من كلمتين، والقراءة المجمع عليها: (اشتروُا الضلالةَ) بالضم، وقد
رُويت: (اشْترَوَا الضلالة)، بالفتح، وهو شاذ جِدًّا.
و (مستهزئون)؛ القراءَة الجَيدَةُ فيه، تحقيق الهمزة فإذا خَففْتَ الهمزةَ
جعلْتَ الهمزةَ بين الواو، والهمزة فقلت "مستهزؤون).
فهذا الاختيار بعد التحقيق.