آيات من القرآن الكريم

وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ
ﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪ

قَوْله تَعَالَى: وَإِذا لقوا الَّذين آمنُوا قَالُوا آمنا وَإِذا خلوا إِلَى شياطينهم قَالُوا إِنَّا مَعكُمْ إِنَّمَا نَحن مستهزءون الله يستهزىء بهم ويمدهم فِي طغيانهم يعمهون

صفحة رقم 77

أخرج الواحدي والثعلبي بِسَنَدِهِ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي عبد الله بن أبي وَأَصْحَابه وَذَلِكَ أَنهم خَرجُوا ذَات يَوْم فَاسْتَقْبَلَهُمْ نفر من أَصْحَاب رَسُول الله فَقَالَ عبد الله بن أبي: انْظُرُوا كَيفَ أرد هَؤُلَاءِ السُّفَهَاء عَنْكُم فَذهب فَأخذ بيد أبي بكر فَقَالَ: مرْحَبًا بِالصديقِ سيد بني تَمِيم وَشَيخ الإِسلام وَثَانِي رَسُول الله فِي الْغَار الْبَاذِل نَفسه وَمَاله لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
ثمَّ أَخذ بيد عمر فَقَالَ: مرْحَبًا بِسَيِّد عدي بن كَعْب الْفَارُوق الْقوي فِي دين الله الْبَاذِل نَفسه وَمَاله لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
ثمَّ أَخذ بيد عَليّ وَقَالَ: مرْحَبًا بِابْن عَم رَسُول الله وَخَتنه سيد بني هَاشم مَا خلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
ثمَّ افْتَرَقُوا فَقَالَ عبد الله لأَصْحَابه: كَيفَ رَأَيْتُمُونِي فعلت فَإِذا رأيتموهم فافعلوا كَمَا فعلت فاثنوا عَلَيْهِ خيرا
فَرجع الْمُسلمُونَ إِلَى النَّبِي وَأَخْبرُوهُ بذلك فَنزلت هَذِه الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَإِذا لقوا الَّذين آمنُوا﴾ الْآيَة
قَالَ: كَانَ رجال من الْيَهُود إِذا لقوا أَصْحَاب النَّبِي أَو بَعضهم قَالُوا: إِنَّا على دينكُمْ ﴿وَإِذا خلوا إِلَى شياطينهم﴾ وهم إخْوَانهمْ ﴿قَالُوا إِنَّا مَعكُمْ﴾ أَي على مثل مَا أَنْتُم عَلَيْهِ ﴿إِنَّمَا نَحن مستهزؤون﴾ قَالَ: ساخرون بأصحاب مُحَمَّد ﴿الله يستهزئ بهم﴾ قَالَ: يسخر بهم للنقمة مِنْهُم ﴿ويمدهم فِي طغيانهم﴾ قَالَ: فِي كفرهم ﴿يعمهون﴾ قَالَ يَتَرَدَّدُونَ
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَإِذا لقوا الَّذين آمنُوا قَالُوا آمنا﴾ وهم مُنَافِقُو أهل الْكتاب فَذكرهمْ وَذكر استهزاءهم وَأَنَّهُمْ ﴿وَإِذا خلوا إِلَى شياطينهم قَالُوا إِنَّا مَعكُمْ﴾ على دينكُمْ ﴿إِنَّمَا نَحن مستهزؤون﴾ بأصحاب مُحَمَّد
يَقُول الله ﴿الله يستهزئ بهم﴾ فِي الْآخِرَة يفتح لَهُم بَابا فِي جَهَنَّم من الْجنَّة ثمَّ يُقَال لَهُم: تَعَالَوْا فيقبلون يسبحون فِي النَّار والمؤمنون على الأرائك وَهِي السرر فِي الحجال ينظرُونَ إِلَيْهِم فَإِذا انْتَهوا إِلَى الْبَاب سد عَنْهُم فَضَحِك الْمُؤْمِنُونَ مِنْهُم فَذَلِك قَول الله ﴿الله يستهزئ بهم﴾ فِي الْآخِرَة ويضحك الْمُؤْمِنُونَ مِنْهُم حِين غلقت دونهم الْأَبْوَاب
فَذَلِك قَوْله (فاليوم ذالذين آمنُوا من الْكفَّار يَضْحَكُونَ) (المطففون الْآيَة ٣٤)

صفحة رقم 78

أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَإِذا لقوا الَّذين آمنُوا قَالُوا آمنا﴾ أَي صَاحبكُم رَسُول الله وَلكنه إِلَيْكُم خَاصَّة ﴿وَإِذا خلوا إِلَى شياطينهم﴾ من يهود الَّذين يأمرونهم بالتكذيب ﴿قَالُوا إِنَّا مَعكُمْ﴾ أَي إِنَّا على مثل مَا أَنْتُم عَلَيْهِ ﴿إِنَّمَا نَحن مستهزؤون﴾ أَي إِنَّمَا نَحن مستهزئون بالقوم وَنَلْعَب بهم
وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن الْيَمَانِيّ أَنه قَرَأَ / وَإِذا لاقوا الَّذين آمنُوا /
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك فِي قَوْله ﴿وَإِذا خلوا﴾ قَالَ: مضوا
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله ﴿وَإِذا خلوا إِلَى شياطينهم﴾ قَالَ: رؤوسهم فِي الْكفْر
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿وَإِذا خلوا إِلَى شياطينهم﴾ قَالَ: أَصْحَابهم من الْمُنَافِقين وَالْمُشْرِكين
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿وَإِذا خلوا إِلَى شياطينهم﴾ قَالَ: إِلَى إخْوَانهمْ من الْمُشْركين ورؤوسهم وَقَادَتهمْ فِي الشَّرّ ﴿قَالُوا إِنَّا مَعكُمْ إِنَّمَا نَحن مستهزؤون﴾ يَقُولُونَ: إِنَّمَا نسخر من هَؤُلَاءِ الْقَوْم ونستهزىء بهم
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي صَالح فِي قَوْله ﴿الله يستهزئ بهم﴾ قَالَ: يُقَال: لأهل النَّار وهم فِي النَّار اخْرُجُوا وتُفْتَحُ لَهُم أَبْوَاب النَّار فَإِذا رأوها قد فتحت أَقبلُوا إِلَيْهَا يُرِيدُونَ الْخُرُوج والمؤمنون ينظرُونَ إِلَيْهِم على الأرائك فَإِذا انْتَهوا إِلَى أَبْوَابهَا غلقت دونهم
فَذَلِك قَوْله ﴿الله يستهزئ بهم﴾ ويضحك عَلَيْهِم الْمُؤْمِنُونَ حِين غلقت دونهم
ذَلِك قَوْله فاليوم الَّذين آمنُوا من الْكفَّار يَضْحَكُونَ على الأرائك ينظرُونَ) (المطففون الْآيَة ٣٤ - ٣٥) الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود ي قَوْله ﴿ويمدهم﴾ قَالَ: يملي لَهُم ﴿فِي طغيانهم يعمهون﴾ قَالَ: فِي كفرهم يتمادون
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿يعمهون﴾ قَالَ: يتمادون
وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وَجل ﴿يعمهون﴾ قَالَ: يَلْعَبُونَ ويترددون
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك

صفحة رقم 79

قَالَ: نعم
أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: أَرَانِي قد عمهت وشاب رَأْسِي وَهَذَا اللّعب شين بالكبير وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿ويمدهم﴾ قَالَ: يزيدهم ﴿فِي طغيانهم يعمهون﴾ قَالَ: يَلْعَبُونَ ويترددون فِي الضَّلَالَة

صفحة رقم 80
الدر المنثور في التأويل بالمأثور
عرض الكتاب
المؤلف
جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد ابن سابق الدين الخضيري السيوطي
الناشر
دار الفكر - بيروت
سنة النشر
1432 - 2011
عدد الأجزاء
8
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية