آيات من القرآن الكريم

وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ
ﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙ ﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪ

إنما تضمر إذا رميته بمثل ما رماك به، لأنه معرفة، فالجواب معرف أبداً إذا كان رد اللفظ / الأول.
قوله: ﴿كَمَآ آمَنَ السفهآء﴾.
أصل السفه قلة الحلم، فقيل للجاهل سفيه لقلة حلمه يقال: ثوب سفيه، أي بال رقيق.
قول: ﴿ألا إِنَّهُمْ هُمُ السفهآء﴾.
ردَّ الله عليهم قولهم وأعلم المؤمنين أنهم أحق بهذا الاسم، ولا عذر لهم فيما وصفهم الله به من السفه لأنهم إنما لحقهم ذلك إذ عَابوا الحق وخالفوه، وسفهوا المؤمنين واستحقوا هذا الاسم لفعلهم، وكانوا به أولى من المؤمنين.
قوله: ﴿ولكن لاَّ يَعْلَمُونَ﴾.
معناه [أنهم لا يعلمون] أنهم أولى بهذا الاسم وهو السفه، وأن الله يطلع المؤمنين على ما يبطنون.
قوله: ﴿وَإِذَا لَقُواْ الذين آمَنُواْ﴾ الآية.

صفحة رقم 162

أصل " لَقُوا ": " لقيُوا "، فألقيت حركة الياء على القاف، وحذفت الياء لسكونها وسكون الواو بعدها. [وهذه] صفة المنافقين يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر.
قوله: ﴿وَإِذَا خَلَوْاْ إلى شَيَاطِينِهِمْ﴾.
يعني أصحابهم، وقيل: رؤساؤهم في الكفر قال الله: ﴿شياطين الإنس﴾ [الأنعام: ١١٢] فسمى أهل الفسق من الإنس شياطين.
وقيل: الشياطين هنا الكهان.
وقيل: هم الكفار والمنافقون إذا لقوهم قالوا: ﴿إِنَّا مَعَكُمْ﴾ أي على دينكم.
و" إلى " بمعنى " مع "، كما قال: ﴿وَلاَ تأكلوا أَمْوَالَهُمْ إلى أَمْوَالِكُمْ﴾ [النساء: ٢]، أي مع أموالكم.

صفحة رقم 163

وقيل: إلى على بابها.
[والعرب] تقول: " خلوت به "، و " خلوت إليه ومعه "، لكن الباء يجوز أن تدل على أن معنى " خلوت به " من السخرية و " إلى " لا تدل إلا على " خلوت إليه " في أمر ما. والآية ليست / على معنى السخرية، فلذلك لم يأت بالباء لما فيها من الإشكال إذ هي تحتمل معنى " إلى "، وتحتمل السخرية. وأيضاً فإن معنى " إلى " أنه على معنى: [وإذا صرفوا] إلى شياطينهم / قالوا: إنا معكم، أي على دينكم [فالجالب لِ إلى "] الانصراف الذي دل عليه الكلام، والباء لا تدخل مع الانصراف الذي دل عليه الكلام، فلذلك أيضاً لم تدخل مع " خلوا ".
وفي اشتقاق " شيطان " قولان:
- قيل: هو فعلان من " شيط " فلا ينصرف إذا سميت به في المعرفة للتعريف

صفحة رقم 164

والزيادتين كعثمان، وينصرف في النكرة، وذلك المستعمل فيه في الكلام والقرآن. أعني النكرة على أنه واحد من جنسه كَسِرْحَان اسم واحد " الذِّئَاب ".
- وقيل: هو (فَيْعَال) من الشطن وهو الحبل، فيكون معناه أنه ممتد في الشر، ومنه " بِئْر شَطُونٌ "، إذا كانت بعيدة الاستقاء. وهو عند القتبي فَيْعال " من شطن " أي بَعُدَ من الخير يقال: " شطنت داره "، أي بعدت.
فهو ينصرف على هذين القولين في المعرفة والنكرة. وتصغيره على القول الأول في المعرفة شيطان، ولا يجمع على شياطين إلا أن تجعله نكرة فيجمع على شياطين. " كسرحان، وسراحين، ووزنه فعالين على مذهب من جعله مِنْ " شَيَّطَ " ووزنه (فياعيل) على مذهب من جعله من " شطن " وتصغيره على القولين الآخرين " شييطين " في المعرفة والنكرة.
قوله: ﴿إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ﴾.
أي نستهزئ بالمؤمنين في قولنا / لهم: " آمنا ". وهمزة " مستهزئون " يجوز في تخفيفها وجهان: أحدهما: أن تجعلها بين الهمزة المضمومة والواو

صفحة رقم 165
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية