
بينهما من المدة ستمائة سنة، قال فسكتت. وقال قتادة: كان في ذلك الزمن في بني إسرائيل رجل عابد منقطع إلى الله يسمى «هارون» فنسبوها إلى أخوته من حيث كانت على طريقته قبل إذ كانت موقوفة على خدمة البيع، أي يا هذه المرأة الصالحة ما كنت أهلا لما أتيت به. وقالت فرقة: بل كان في ذلك الزمن رجل فاجر اسمه «هارون» فنسبوها إليه على جهة التعيير والتوبيخ ذكره الطبري ولم يسم قائله، والمعنى ما كانَ أَبُوكِ ولا أمك أهلا لهذه الفعلة فكيف جئت أنت بها؟ و «البغي» التي تبغي الزنا أي تطلبه، أصلها بغوي فعول وقد تقدم ذكر ذلك.
قوله عز وجل:
[سورة مريم (١٩) : الآيات ٢٩ الى ٣٣]
فَأَشارَتْ إِلَيْهِ قالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (٢٩) قالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (٣٠) وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا (٣١) وَبَرًّا بِوالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا (٣٢) وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (٣٣)
التزمت مريم عليها السلام ما أمرت به من ترك الكلام ولم يرد في هذه الآية أنها نطقت ب إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً [مريم: ٢٦] وإنما ورد أنها «أشارت إليه» فيقوى بهذا قول من قال إن أمرها ب «قولي» إنما أريد به الإشارة، ويروى أنهم لما أشارت إلى الطفل قالوا استخفافها بنا أشد علينا من زناها، ثم قالوا لها على جهة التقرير كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا وإنما هي في معنى هو ويحتمل أن تكون الناقصة والأظهر أنها التامة وقد قال أبو عبيدة كانَ هنا لغو، وقال الزجاج والفراء مَنْ شرطية في قوله مَنْ كانَ (ع) ونظير كان هذه قول رؤبة: [الرجز]
أبعد ان لاح بك القتير | والرأس قد كان له شكير |