آيات من القرآن الكريم

فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ ۖ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا
ﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇ

حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: لَمَّا قَدِمْتُ نَجْرَانَ سَأَلُونِي، فَقَالُوا: إِنَّكُمْ تَقْرَءُونَ: ﴿يَا أُخْتَ هَارُونَ﴾ وَمُوسَى قَبْلَ عِيسَى بِكَذَا وَكَذَا! فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: "إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَمَّوْنَ بِأَنْبِيَائِهِمْ وَالصَّالِحِينَ قَبْلَهُمْ" (١).
وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: كَانَ هَارُونُ أَخَا مَرْيَمَ مِنْ أَبِيهَا، وَكَانَ أَمْثَلَ رَجُلٍ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ.
وَقَالَ السُّدِّيُّ: إِنَّمَا عَنَوْا بِهِ هَارُونَ أَخَا مُوسَى، لِأَنَّهَا كَانَتْ مِنْ نَسْلِهِ كَمَا يُقَالُ لِلتَّمِيمِيِّ: يَا أَخَا تَمِيمٍ.
وَقِيلَ: كَانَ هَارُونُ رَجُلًا (٢) فَاسِقًا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ عَظِيمَ الْفِسْقِ فَشَبَّهُوهَا بِهِ (٣).
﴿مَا كَانَ أَبُوكِ﴾ عِمْرَانُ ﴿امْرَأَ سَوْءٍ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: زَانِيًا، ﴿وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ﴾ حَنَّةُ ﴿بَغِيًّا﴾ أَيْ زَانِيَةً، فَمِنْ أَيْنَ لَكِ هَذَا الْوَلَدُ؟
﴿فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (٢٩) ﴾
﴿فَأَشَارَتْ﴾ مَرْيَمُ ﴿إِلَيْهِ﴾ أَيْ إِلَى عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَنْ كَلِّمُوهُ.
قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَمَّا لَمْ تَكُنْ لَهَا حُجَّةٌ أَشَارَتْ إِلَيْهِ لِيَكُونَ كَلَامُهُ حُجَّةً لَهَا (٤).
وَفِي الْقِصَّةِ: لَمَّا أَشَارَتْ إِلَيْهِ غَضِبَ الْقَوْمُ، وَقَالُوا مَعَ مَا فَعَلْتِ تَسْخَرِينَ بِنَا؟ (٥).
﴿قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا﴾ أَيْ: مَنْ هُوَ فِي الْمَهْدِ، وَهُوَ حِجْرُهَا.
وَقِيلَ: هُوَ الْمَهْدُ بِعَيْنِهِ، و"كَانَ" بِمَعْنَى: هُوَ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: "كَانَ" صِلَةٌ، أَيْ: كَيْفَ نُكَلِّمُ صَبِيًّا فِي الْمَهْدِ. وَقَدْ يَجِيءُ "كَانَ" حَشْوًا فِي الْكَلَامِ لَا مَعْنَى لَهُ كَقَوْلِهِ "هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا" (الإِسْرَاءِ: ٩٣) أَيْ: هَلْ أَنَا (٦) ؟
قَالَ السُّدِّيُّ: فَلَمَّا سَمِعَ عِيسَى كَلَامَهُمْ تَرَكَ الرِّضَاعَ وَأَقْبَلَ عَلَيْهِمْ.
وَقِيلَ: لَمَّا أَشَارَتْ إِلَيْهِ تَرَكَ الثَّدْيَ وَاتَّكَأَ عَلَى يَسَارِهِ، وَأَقْبَلَ عَلَيْهِمْ وَجَعَلَ يُشِيرُ بِيَمِينِهِ:

(١) أخرجه مسلم في الآداب، باب النهي عن التكني بأبي القاسم، برقم (٢١٣٥) : ٣ / ١٦٨٥، والمصنف في شرح السنة: ١٢ / ٣٢٨.
(٢) ساقط من "أ".
(٣) انظر في ذه الأقوال: "تفسير الطبري": ١٦ / ٧٧-٧٨، "الدر المنثور": ٥ / ٥٠٧-٥٠٨، زاد المسير": ٥ / ٢٢٧. قال الطبري: "والصواب من القول في ذلك ما جاء به الخبر عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي ذكرناه، وأنها نسبت إلى رجل من قومها".
(٤) انظر "تفسير الخازن": ٤ / ١٩٨.
(٥) انظر "البحر المحيط": ٦ / ١٨٧.
(٦) انظر في هذا كله: "تفسير الطبري": ١٦ / ٧٩، "البحر المحيط": ٦ / ١٨٧، "زاد المسير": ٥ / ٢٢٨.

صفحة رقم 229
معالم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي
تحقيق
محمد عبد الله النمر
الناشر
دار طيبة للنشر والتوزيع
سنة النشر
1417
الطبعة
الرابعة
عدد الأجزاء
8
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية