آيات من القرآن الكريم

لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرُونَ
ﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢ ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯ ﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘ ﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠ

الفوائد:
قصة عمار بن ياسر:
روى التاريخ أن ناسا من أهل مكة فتنوا فارتدوا عن الإسلام بعد دخولهم فيه وكان فيهم من أكره فأجرى كلمة الكفر على لسانه وهو معتقد للإيمان منهم عمار بن ياسر وأبواه ياسر وسمية وصهيب وبلال وخباب وسالم عذبوا فأما سمية أم عمار فربطوها بين بعيرين وضربها أبو جهل بحربة في قلبها فماتت وقتل زوجها ياسر وهما أول قتيلين في الإسلام وأما عمار فإنه أعطاهم بعض ما أرادوا بلسانه مكرها فقيل يا رسول الله إن عمارا كفر، فقال: كلا إن عمارا مليء إيمانا من قرنه إلى قدمه واختلط الإيمان بلحمه ودمه فأتى عمار رسول الله يبكي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما وراءك؟ قال: شر يا رسول الله نلت منك فذكرت فجعل النبي ﷺ يمسح عينيه وقال: إن عادوا لك فقل لهم ما قلت إلى آخر هذه القصة الممتعة التي يرجع إليها في المطولات.
[سورة النحل (١٦) : الآيات ١٠٧ الى ١١١]
ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ (١٠٧) أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ (١٠٨) لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخاسِرُونَ (١٠٩) ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا ثُمَّ جاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١١٠) يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجادِلُ عَنْ نَفْسِها وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (١١١)

صفحة رقم 370

اللغة:
(النفس) يؤخذ من مجموع أقوال المعاجم العربية أن النفس مصدر وهي أيضا الروح والدم يقال دفق نفسه أي دمه والجسد يقال هو عظيم النفس أي الجسد والعين يقال أصابته نفس أي عين وشخص الإنسان، ونفس الشيء عينه ويؤكد به فيقال: جاءني هو نفسه وبنفسه ونفس الأمر حقيقته والنفس أيضا العظمة والهمة والعزة والأنفة والإرادة والرأي والعقوبة والماء، والنفس مؤنث إن أريد بها الروح نحو خرجت نفسه ومذكر إن أريد بها الشخص نحو عندي خمسة عشر نفسا والجمع أنفس ونفوس ويقال في نفسي أن أفعل شيئا أي قصدي ومرادي أن أفعل كذا وفلان يؤامر نفسيه ويشاورهما أي يتردد في الأمر ويتجه له رأيان لا يدري على أيهما يثبت وخرجت نفسه وجاد بنفسه إذا مات، أما معنى النفس عند الفلاسفة فمرجعه علم النفس وليس هذا مكانه والخلاف فيه طويل وقد أصاب أبو الطيب حيث قال:

صفحة رقم 371

تخالف الناس حتى لا اتفاق لهم إلا على شجب والخلف في الشجب
فقيل تخلص نفس المرء سالمة وقيل تشرك جسم المرء في العطب
ومن تفكر في الدنيا ومهجته أقامه الفكر بين الهمّ والتعب
من قصيدة الرئيس ابن سينا في النفس:
هذا ومن المفيد أن نقتبس هنا أبياتا مختارة من قصيدة الشيخ الرئيس أبي علي بن سينا في النفس:

صفحة رقم 372

علقت بها ثاء الثقيل فأصبحت... بين المعالم والطلول ا
لخضع تبكي وقد ذكرت عهودا بالحمى... بمدامع تهمي ولما
تقلع وتظل ساجعة على الدمن التي... درست بتكرار الرياح الأربع
ويطول بنا القول إن حاولنا شرح ما رمزت إليه هذه الأبيات المقتبسة من العينية الرائعة وحاصل ما أراده أنه يتساءل: لم تعلقت النفس بالبدن؟ إن كان رائدها غير الكمال فهي حكيمة خفية على الأذهان وإن كان رائدها الكمال فلم ينقطع تعلقها به قبل حصوله.
الإعراب:
(ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ) الاشارة الى ما تقدم من ذكر الغضب والعذاب واسم الاشارة مبتدأ خبره بأنهم أي ثابت بسبب أنهم فالباء للسببية وان واسمها وجملة استحبوا خبرها أي اختاروا والحياة مفعول به والدنيا صفة وعلى الآخرة جار ومجرور متعلقان باستحبوا. (وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ) وأن عطف على بأنهم وأن واسمها وجملة لا يهدي خبرها والقوم مفعول به والكافرين صفة القوم. (أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ) أولئك مبتدأ والذين خبره وجملة

صفحة رقم 373

طبع الله صلة وعلى قلوبهم جار ومجرور متعلقان بطبع وسمعهم وأبصارهم عطف على قلوبهم وأولئك مبتدأ وهم مبتدأ ثان أو ضمير فصل والغافلون خبر هم أو خبر أولئك. (لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخاسِرُونَ) لا جرم تقدم القول فيها وأن واسمها وفي الآخرة متعلقان بالخاسرون وهم مبتدأ والخاسرون خبره والجملة خبر ان. (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا ثُمَّ جاهَدُوا وَصَبَرُوا) ثم للترتيب مع التراخي لتباعد حال هؤلاء عن حال أولئك وإن واسمها وللذين خبر إن بمعنى أنه وليهم وناصرهم وجملة هاجروا صلة ومن بعد متعلقان بهاجروا وما مصدرية مؤولة مع ما بعدها بمصدر مضاف للظرف أي من بعد فتنتهم ثم حرف عطف وتراخ وجاهدوا وصبروا عطف على هاجروا (إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) إن واسمها ومن بعدها حال واللام المزحلقة وغفور خبر إن الأول ورحيم خبرها الثاني، هذا وقد أسهب المعربون في إعراب هذه الآية واضطربت أقوالهم اضطرابا شديدا لفرط عنايتهم وتحريهم مواقع الصواب فجهدهم مشكور ولكن لا حاجة لذلك كله والكلام واضح لا لبس فيه. (يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجادِلُ عَنْ نَفْسِها) الظرف متعلق بمحذوف أي اذكر وجملة تأتي مضافة للظرف وكل نفس فاعل تأتي وجملة تجادل حال وعن نفسها متعلقان بتجادل وإنما جازت إضافة النفس الى النفس ومن شرط المتضايفين أن يكونا متغايرين ان المراد بالنفس الأولى الإنسان وبالثاني ذاته فكأنه قال يوم يأتي كل إنسان يجادل على ذاته أي يعتذر عنها لا يهمه شأن غيره. (وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) وتوفى عطف على تجادل وكل نفس نائب فاعل وما عملت مفعول توفى الثاني وهم الواو حالية أو عاطفة وهم متدأ وجملة لا يظلمون خبر.

صفحة رقم 374
إعراب القرآن وبيانه
عرض الكتاب
المؤلف
محيي الدين بن أحمد مصطفى درويش
الناشر
دار الإرشاد للشئون الجامعية - حمص - سورية ، (دار اليمامة - دمشق - بيروت) ، ( دار ابن كثير - دمشق - بيروت)
سنة النشر
1412 - 1992
الطبعة
الرابعة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية
هبطت إليك من المحل الأرفع ورقاء ذات تعزّز وتمنع
محجوب عن كل مقلة عارف وهي التي سفرت ولم تتبرقع
وصلت على كره إليك وربما كرهت فراقك وهي ذات توجع
أنفت وما أنست فلما واصلت ألفت مجاورة الغراب الأبقع
وأظنها نسيت عهودا بالحمى ومنازلا بفراقها لم تقنع
حتى إذا اتصلت بهاء هبوطها عن ميم مركزها بذات الاجرع