
الْبَقَرَةِ [١٦٤]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ فِي سُورَة يُونُس [١٠١].
[١٠٨، ١٠٩]
[سُورَة النَّحْل (١٦) : الْآيَات ١٠٨ إِلَى ١٠٩]
أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ (١٠٨) لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخاسِرُونَ (١٠٩)
جُمْلَةٌ مُبَيِّنَةٌ لِجُمْلَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ [سُورَة النَّحْل: ١٠٧] بِأَنَّ حِرْمَانَهُمُ الْهِدَايَةَ بِحِرْمَانِهِمُ الِانْتِفَاعَ بِوَسَائِلِهَا: مِنَ النَّظَرِ الصَّادِقِ فِي دَلَائِلِ الْوَحْدَانِيَّةِ، وَمِنَ الْوَعْيِ لِدَعْوَةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْقُرْآنِ الْمُنَزَّلِ عَلَيْهِ، وَمِنْ ثَبَاتِ الْقَلْبِ عَلَى حِفْظِ مَا دَاخَلَهُ مِنَ الْإِيمَانِ، حَيْثُ انْسَلَخُوا مِنْهُ بَعْدَ أَنْ تَلَبَّسُوا بِهِ.
وَافْتِتَاحُ الْجُمْلَةِ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ لِتَمْيِيزِهِمْ أَكْمَلَ تَمْيِيزٍ تَبْيِينًا لِمَعْنَى الصِّلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَهِيَ اتِّصَافُهُمْ بِالِارْتِدَادِ إِلَى الْكُفْرِ بَعْدَ الْإِيمَانِ بِالْقَوْلِ وَالِاعْتِقَادِ.
وَأَخْبَرَ عَنِ اسْمِ الْإِشَارَةِ بِالْمَوْصُولِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْإِيمَاءِ إِلَى وَجْهِ بِنَاءِ الْحُكْمِ الْمُبَيَّنِ بِهَذِهِ الْجُمْلَةِ. وَهُوَ مَضْمُونُ جُمْلَةِ فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ [النَّحْل:
١٠٦].
وَالطَّبْعُ: مُسْتَعَارٌ لِمَنْعِ وُصُولِ الْإِيمَانِ وَأَدِلَّتِهِ، عَلَى طَرِيقَةِ تَشْبِيهِ الْمَعْقُولِ بِالْمَحْسُوسِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ مُفَصَّلًا عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [٧].
وَجُمْلَةُ وَأُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ تَكْمِلَةٌ لِلْبَيَانِ، أَيِ الْغَافِلُونَ الْأَكْمَلُونَ فِي الْغَفْلَةِ، لِأَنَّ الْغَافِلَ الْبَالِغَ الْغَايَةَ يُنَافِي حَالَةَ الِاهْتِدَاءِ.