آيات من القرآن الكريم

رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ
ﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟ

(رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (٢)
يقول العلماء في (رُبَّ): إنها لَا تتصل إلا بالاسم، فإذا دخلت على الفعل توسطت ما، وربما هي رب المخففة، وقد قرئت بضم الراء وبفتحها، وهما لغتان فيها.
وقالوا: إن (رُبَّ) تكون داخلة على الفعل الماضي، ولكنها هنا دخلت على الفعل المضارع لتأكد وقوعه فكان كفعل الماضي في معناه عند اللَّه تعالى، وإن معنى المُضي متحقق لفظا في (كَانُوا)، وربما تكون للتقليل وقد تستعمل للتكثير، والمعنى أنه ربما يود الذين كفروا في أوقات كثيرة لو كانوا مسلمين، وما

صفحة رقم 4065

هذه الأوقات؟ قيل: هي الأوقات التي تعلو فيها كلمة الحق، وتصير الأرض العربية للمؤمنين فيها الكلمة العليا، ويكون لهم السلطان والقوة، فيتمنى المشركون الذين كفروا باللَّه وبالقرآن أن لو كانوا مسلمين، فإذا كانوا يغترون الآن بقوتهم، وعزتهم، ويستضعفون المؤمنين، فربما يكون العكس، ويودون لو كانوا مسلمين، وإنهم في المنزلة عند الله ورسوله ليسوا سواء، فلا يستوي من أسلم، وفي المسلمين ضعف، ومن أسلم وفي المسلمين قوة، ولذا قال تعالى: (... لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً...).
هذا إذا قلنا: إن الوقت الذي يكون فيه هذا الوُد، وذاك التمني هو قوة المسلمين، وإن قلنا: إن الوقت هو يوم يرون العذاب، فإن المعنى أنهم يتمنون أن لو كانوا مسلمين لتكون لهم النجاة، حيث لَا منجاة إلا بأن يكونوا مسلمين. وقد أشار اللَّه تعالى بهذه الآية أن المشركين، وإن استطالوا بفضل قوتهم الآن فإنهم سيتمنون أن لو كان مسلمين في المستقبل فلا يأسى النبي عليهم، والعاقبة للمتقين، ولذا قال تعالى:

صفحة رقم 4066
زهرة التفاسير
عرض الكتاب
المؤلف
محمد بن أحمد بن مصطفى بن أحمد المعروف بأبي زهرة
الناشر
دار الفكر العربي
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية