آيات من القرآن الكريم

قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ
ﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶ ﯸﯹﯺﯻﯼﯽ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥ ﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮ ﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹ

عَرَفَهُمْ يُوسُفُ سَأَلَهُمْ عَنْ أَبِيهِ فَقَالُوا ذَهَبَتْ عَيْنَاهُ، فَأَعْطَاهُمْ قَمِيصَهُ، قَالَ الْمُحَقِّقُونَ: إِنَّمَا عَرَفَ أَنَّ إِلْقَاءَ ذَلِكَ الْقَمِيصِ عَلَى وَجْهِهِ يُوجِبُ قُوَّةَ الْبَصَرِ بِوَحْيٍ مِنَ اللَّه تَعَالَى وَلَوْلَا الْوَحْيُ لَمَا عَرَفَ ذَلِكَ، لِأَنَّ الْعَقْلَ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: لَعَلَّ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلِمَ أَنَّ أَبَاهُ مَا صَارَ أَعْمَى إِلَّا أَنَّهُ مِنْ كَثْرَةِ الْبُكَاءِ وَضِيقِ الْقَلْبِ ضَعُفَ بَصَرُهُ فَإِذَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ قَمِيصُهُ فَلَا بُدَّ أَنْ يَنْشَرِحَ صَدْرُهُ وَأَنْ يَحْصُلَ فِي قَلْبِهِ الْفَرَحُ الشَّدِيدُ، وَذَلِكَ يُقَوِّي الرُّوحَ وَيُزِيلُ الضَّعْفَ عَنِ الْقُوَى، فَحِينَئِذٍ يَقْوَى بَصَرُهُ، وَيَزُولُ عَنْهُ ذَلِكَ النُّقْصَانُ، فَهَذَا الْقَدْرُ مِمَّا يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ بِالْقَلْبِ فَإِنَّ الْقَوَانِينَ الطِّبِّيَّةَ تَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْمَعْنَى، وَقَوْلُهُ: يَأْتِ بَصِيراً أَيْ يَصِيرُ بَصِيرًا وَيَشْهَدُ لَهُ فَارْتَدَّ بَصِيراً [يُوسُفَ: ٩٦] وَيُقَالُ: الْمُرَادُ يَأْتِ إِلَيَّ وَهُوَ بَصِيرٌ، وَإِنَّمَا أَفْرَدَهُ بِالذِّكْرِ تَعْظِيمًا لَهُ، وَقَالَ فِي الْبَاقِينَ:
وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ قَالَ/ الْكَلْبِيُّ: كَانَ أَهْلُهُ نَحْوًا مِنْ سَبْعِينَ إِنْسَانًا وَقَالَ مَسْرُوقٌ دَخَلَ قَوْمُ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِصْرَ. وَهُمْ ثَلَاثَةٌ وَتِسْعُونَ مِنْ بَيْنِ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ، وَرُوِيَ أن يهوذا حَمَلَ الْكِتَابَ وَقَالَ أَنَا أَحْزَنْتُهُ بِحَمْلِ الْقَمِيصِ الْمُلَطَّخِ بِالدَّمِ إِلَيْهِ فَأُفْرِحُهُ كَمَا أَحْزَنْتُهُ. وَقِيلَ حَمَلَهُ وَهُوَ حَافٍ وَحَاسِرٌ مِنْ مِصْرَ إِلَى كنعان وبينهما مسيرة ثمانين فرسخا.
[سورة يوسف (١٢) : الآيات ٩٤ الى ٩٨]
وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ (٩٤) قالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ (٩٥) فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٩٦) قالُوا يَا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنَّا كُنَّا خاطِئِينَ (٩٧) قالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٩٨)
يُقَالُ: فَصَلَ فُلَانٌ مِنْ عِنْدِ فُلَانٍ فُصُولًا إِذَا خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ. وَفَصَلَ مِنِّي إِلَيْهِ كِتَابًا إِذَا أَنْفَذَ بِهِ إِلَيْهِ. وَفَصَلَ يَكُونُ لَازِمًا وَمُتَعَدِّيًا وَإِذَا كَانَ لَازِمًا فَمَصْدَرُهُ الْفُصُولُ وَإِذَا كَانَ مُتَعَدِّيًا فَمَصْدَرُهُ الْفَصْلُ قَالَ لَمَّا خَرَجَتِ الْعِيرُ مِنْ مِصْرَ مُتَوَجِّهَةً إِلَى كَنْعَانَ قَالَ يَعْقُوبُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِمَنْ حَضَرَ عِنْدَهُ مِنْ أَهْلِهِ وَقَرَابَتِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ وَلَمْ يَكُنْ هَذَا الْقَوْلُ مَعَ أَوْلَادِهِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا غَائِبِينَ بِدَلِيلِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ لَهُمْ:
اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ [يُوسُفَ: ٨٧] وَاخْتَلَفُوا فِي قَدْرِ الْمَسَافَةِ فَقِيلَ: مَسِيرَةُ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ، وَقِيلَ عَشَرَةُ أَيَّامٍ، وَقِيلَ ثَمَانُونَ فَرْسَخًا. وَاخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ وُصُولِ تِلْكَ الرَّائِحَةِ إِلَيْهِ، فَقَالَ مُجَاهِدٌ: هَبَّتْ رِيحٌ فَصَفَقَتِ الْقَمِيصَ فَفَاحَتْ رَوَائِحُ الْجَنَّةِ فِي الدُّنْيَا وَاتَّصَلَتْ بِيَعْقُوبَ فَوَجَدَ رِيحَ الْجَنَّةِ فَعَلِمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الدُّنْيَا مِنْ رِيحِ الْجَنَّةِ إِلَّا مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ الْقَمِيصِ، فَمِنْ ثَمَّ قَالَ: إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ
وَرَوَى الْوَاحِدِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ/ عَنْ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: أَمَّا قَوْلُهُ: اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً [يُوسُفَ: ٩٣] فَإِنَّ نُمْرُوذَ الْجَبَّارَ لَمَّا أَلْقَى إِبْرَاهِيمَ فِي النَّارِ نَزَلَ عَلَيْهِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِقَمِيصٍ مِنَ الْجَنَّةِ وَطِنْفَسَةٍ مِنَ الْجَنَّةِ فَأَلْبَسَهُ الْقَمِيصَ وَأَجْلَسَهُ عَلَى الطِّنْفَسَةِ وَقَعَدَ مَعَهُ يُحَدِّثُهُ، فَكَسَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ذَلِكَ الْقَمِيصَ إِسْحَاقَ وَكَسَاهُ إِسْحَاقُ يَعْقُوبَ وَكَسَاهُ يَعْقُوبُ يُوسُفَ فَجَعَلَهُ فِي قَصَبَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَعَلَّقَهَا فِي عُنُقِهِ فَأُلْقِيَ فِي الْجُبِّ وَالْقَمِيصُ فِي عُنُقِهِ
فلذلك قَوْلُهُ: اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا وَالتَّحْقِيقُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ تَعَالَى أَوْصَلَ تِلْكَ الرَّائِحَةَ

صفحة رقم 507

إليه على سبيل إظهار المعجزات لا وُصُولَ الرَّائِحَةِ إِلَيْهِ مِنْ هَذِهِ الْمَسَافَةِ الْبَعِيدَةِ أَمْرٌ مُنَاقِضٌ لِلْعَادَةِ فَيَكُونُ مُعْجِزَةً وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهَا مُعْجِزَةً لِأَحَدِهِمَا وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ لِيَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ أَخْبَرَ عَنْهُ وَنَسَبُوهُ فِي هَذَا الْكَلَامِ إِلَى مَا لَا يَنْبَغِي، فَظَهَرَ أَنَّ الْأَمْرَ كَمَا ذَكَرَ فَكَانَ مُعْجِزَةً لَهُ. قَالَ أَهْلُ الْمَعَانِي: إِنَّ اللَّه تَعَالَى أَوْصَلَ إِلَيْهِ رِيحَ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عِنْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْمِحْنَةِ وَمَجِيءِ وَقْتِ الرَّوْحِ وَالْفَرَحِ مِنَ الْمَكَانِ الْبَعِيدِ وَمَنَعَ مِنْ وُصُولِ خَبَرِهِ إِلَيْهِ مَعَ قُرْبِ إِحْدَى الْبَلْدَتَيْنِ مِنَ الْأُخْرَى فِي مُدَّةِ ثَمَانِينَ سَنَةً وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ سَهْلٍ فَهُوَ فِي زَمَانِ الْمِحْنَةِ صَعْبٌ وَكُلُّ صَعْبٍ فَهُوَ فِي زَمَانِ الْإِقْبَالِ سَهْلٌ وَمَعْنَى: لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ أَشُمُّ وَعَبَّرَ عَنْهُ بِالْوُجُودِ لِأَنَّهُ وِجْدَانٌ لَهُ بِحَاسَّةِ الشَّمِّ، وَقَوْلُهُ: لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْأَنْبَارِيِّ: أَفْنَدَ الرَّجُلُ إِذَا حَزِنَ وَتَغَيَّرَ عَقْلُهُ وَفُنِّدَ إِذَا جَهِلَ وَنُسِبَ ذَلِكَ إِلَيْهِ، وَعَنِ الْأَصْمَعِيِّ إِذَا كَثُرَ كَلَامُ الرَّجُلِ مِنْ خَرَفٍ فَهُوَ الْمُفْنِدُ قَالَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» : يُقَالُ شَيْخٌ مُفْنِدٌ وَلَا يُقَالُ عَجُوزٌ مُفْنِدَةٌ، لِأَنَّهَا لَمْ يكن فِي شَبِيبَتِهَا ذَاتَ رَأْيٍ حَتَّى تُفَنَّدَ فِي كِبَرِهَا فَقَوْلُهُ: لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ أَيْ لَوْلَا أَنْ تَنْسِبُونِي إِلَى الْخَرَفِ، وَلَمَّا ذَكَرَ يَعْقُوبُ ذَلِكَ قَالَ الْحَاضِرُونَ عِنْدَهُ: تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ وفي الضلال هاهنا وجوه: الأول: قال مقاتل: يعني بالضلال هاهنا الشَّقَاءَ، يَعْنِي شَقَاءَ الدُّنْيَا وَالْمَعْنَى: إِنَّكَ لَفِي شَقَائِكَ الْقَدِيمِ بِمَا تُكَابِدُ مِنَ الْأَحْزَانِ عَلَى يُوسُفَ، وَاحْتَجَّ مُقَاتِلٌ بِقَوْلِهِ: إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ [الْقَمَرِ:
٢٤] يَعْنُونَ لَفِي شَقَاءِ دُنْيَانَا، وَقَالَ قَتَادَةُ: لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ، أَيْ لَفِي حُبِّكَ الْقَدِيمِ لَا تَنْسَاهُ وَلَا تَذْهَلُ عَنْهُ وَهُوَ كَقَوْلِهِمْ: إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ [يُوسُفَ: ٨] ثُمَّ قَالَ قَتَادَةُ: قَدْ قَالُوا كَلِمَةً غَلِيظَةً وَلَمْ يَكُنْ يَجُوزُ أَنْ يَقُولُوهَا لِنَبِيِّ اللَّه، وَقَالَ الْحَسَنُ إِنَّمَا خَاطَبُوهُ بِذَلِكَ لِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّ يُوسُفَ قَدْ مَاتَ وَقَدْ كَانَ يَعْقُوبُ فِي وَلُوعِهِ بِذِكْرِهِ، ذَاهِبًا عَنِ الرُّشْدِ وَالصَّوَابِ وَقَوْلُهُ: فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ فِي «أَنْ» قَوْلَانِ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ لَا مَوْضِعَ لَهَا مِنَ الإعراب وقد تذكر تارة كما هاهنا، وَقَدْ تُحْذَفُ كَقَوْلِهِ: فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ [هُودٍ: ٧٤] وَالْمَذْهَبَانِ جَمِيعًا مَوْجُودَانِ فِي أَشْعَارِ الْعَرَبِ. وَالثَّانِي: قَالَ الْبَصْرِيُّونَ هِيَ مَعَ «مَا» فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بِالْفِعْلِ الْمُضْمَرِ تَقْدِيرُهُ:
فَلَمَّا ظَهَرَ أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ، أَيْ ظَهَرَ مَجِيءُ الْبَشِيرِ فَأُضْمِرَ الرَّافِعُ قَالَ جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ الْبَشِيرُ هو يهوذا قَالَ أَنَا ذَهَبْتُ بِالْقَمِيصِ الْمُلَطَّخِ بِالدَّمِ وَقُلْتُ إِنَّ يُوسُفَ أَكَلَهُ/ الذِّئْبُ فَأَذْهَبُ الْيَوْمَ بِالْقَمِيصِ فَأُفْرِحُهُ كَمَا أَحْزَنْتُهُ قَوْلُهُ:
أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ أَيْ طَرَحَ الْبَشِيرُ الْقَمِيصَ عَلَى وَجْهِ يَعْقُوبَ أَوْ يُقَالُ أَلْقَاهُ يَعْقُوبُ عَلَى وَجْهِ نَفْسِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً أَيْ رَجَعَ بَصِيرًا وَمَعْنَى الِارْتِدَادِ انْقِلَابُ الشَّيْءِ إِلَى حَالَةٍ قَدْ كَانَ عَلَيْهَا وَقَوْلُهُ: فَارْتَدَّ بَصِيراً أَيْ صَيَّرَهُ اللَّه بَصِيرًا كَمَا يُقَالُ طَالَتِ النَّخْلَةُ واللَّه تَعَالَى أَطَالَهَا وَاخْتَلَفُوا فِيهِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ كَانَ قَدْ عَمِيَ بِالْكُلِّيَّةِ فاللَّه تَعَالَى جَعَلَهُ بَصِيرًا فِي هَذَا الْوَقْتِ. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ كَانَ قَدْ ضَعُفَ بَصَرُهُ مِنْ كَثْرَةِ الْبُكَاءِ وَكَثْرَةِ الْأَحْزَانِ، فَلَمَّا أَلْقَوُا الْقَمِيصَ عَلَى وَجْهِهِ، وَبُشِّرَ بِحَيَاةِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَظُمَ فَرَحُهُ وَانْشَرَحَ صَدْرُهُ وَزَالَتْ أَحْزَانُهُ، فَعِنْدَ ذَلِكَ قَوِيَ بَصَرُهُ وَزَالَ النُّقْصَانُ عَنْهُ، فَعِنْدَ هَذَا قَالَ: أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ وَالْمُرَادُ عِلْمُهُ بِحَيَاةِ يُوسُفَ مِنْ جِهَةِ الرُّؤْيَا، لِأَنَّ هَذَا الْمَعْنَى هُوَ الَّذِي لَهُ تَعَلُّقٌ بِمَا تَقَدَّمَ، وَهُوَ إِشَارَةٌ إِلَى مَا تقدم من قوله:
َّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ
[يُوسُفَ: ٨٦]
رُوِيَ أَنَّهُ سَأَلَ الْبَشِيرَ وَقَالَ: كَيْفَ يُوسُفُ قَالَ هُوَ مَلِكُ مِصْرَ، قَالَ: مَا أَصْنَعُ بِالْمُلْكِ عَلَى أَيِّ دِينٍ تَرَكْتَهُ قَالَ: عَلَى دِينِ الْإِسْلَامِ قَالَ: الْآنَ تَمَّتِ النِّعْمَةُ،
ثُمَّ إِنَّ أَوْلَادَ يَعْقُوبَ أخذوا يعتذرون إليه وقالُوا يَا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنَّا كُنَّا خاطِئِينَ قالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَظَاهِرُ الْكَلَامِ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَغْفِرْ لَهُمْ فِي الْحَالِ، بَلْ وَعَدَهُمْ بِأَنَّهُ يَسْتَغْفِرُ لَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ، وَاخْتَلَفُوا فِي سَبَبِ هَذَا الْمَعْنَى عَلَى وُجُوهٌ: الْأَوَّلُ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا: وَالْأَكْثَرُونَ

صفحة رقم 508
مفاتيح الغيب
عرض الكتاب
المؤلف
أبو عبد الله محمد بن عمر (خطيب الري) بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
سنة النشر
1420
الطبعة
الثالثة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية