آيات من القرآن الكريم

قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّىٰ تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ
ﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶ

تفريطكم في يوسف، أي وقع تفريطكم في يوسف، ويجوز أن يكون (ما) في
موضع نصْبٍ نسق على (أنَّ)، المعنى ألم تعلموا أن أباكم، وتعلموا تفريطبهم في يوسف.
(فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي).
أي لن أبرح أرض مصر، وإلا فَالناس كلهم على الأرض.
(أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي).
نسق على (حَتَّى يَأْذَنَ)، ويجوز أن يكون " أو " على جَوابِ " لَنْ "
المعنى لن أبرح الأرض حتى يحكم اللَّه لي.
* * *
وقوله: (ارْجِعُوا إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ (٨١)
(إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ).
ويجوز سُرقَ، إلا أن سرق آكد في القراءة، وسُرِّقَ يكون على ضربين، "
سُرِّق عُلِم أَنهُ سَرَقَ، وسُرِّق اتهمَ بالسرق.
* * *
ْ (قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (٨٣)
أي زيَّنت لكم أنفسكم وحببت إليكم أنفسكم.
(فَصَبْرٌ جَمِيلٌ).
المعنى فأمري صبر جميل أو فصبري صبر جميل، وقد فسرنا هذا فيما
سبق من السور:
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ (٨٤)
(يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ)
معناه يا حزناه، والأصل يا أسفي إلا أن " يا " الإضافة يجوز أن تبدل ألفاً
لخفة الألف والفتحة.
(فَهُوَ كَظِيمٌ) أي محزون.
* * *
(قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ (٨٥)

صفحة رقم 125

معنى تاللَّه: واللَّه، و " لا " مضمرة، المعنى واللَّه لا تفتأ تذكر يوسف
أي لاَ تزال تذكر يوسف.
(حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً).
والحَرَضُ الفاسد في جسمه، أي حتى تكون مُدْنَفاً مريضاً.
والحرض الفاسد في أخلاقه، وقولهم: حَرضْتُ فلاناً على فلانٍ، تَأويلُه أفسدته عليه.
وإنما جاز إضمار " لا " في قوله (تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ) لأنه لا يجوز في
القسم تاللَّه تفعل حتى تقول لتفعلن. أو لا تفعل.
والقسم لا يجوز للناس إلا باللَّهِ عزَّ وجلَّ، لا يجوز أو يحلف الرجل بأبيه.
ولا ينبغي أن يحلف بالأنبياء، ولا يحلف إلا باللَّه، ويروى عن النبي عليه السلام أنه قال لِعُمَر: لا تحلفوا بآبائكم، ومن كان حالفاً فليحلف باللَّه.
فإن قال القائل: فما مجاز القسم في كتاب اللَّه عزَّ وجلَّ في قوله: (والليل إذا يغشى)، (والسماء ذات البروج) (والتين والزيتون)
وما أشبه هذه الأشياء التي ذكرها اللَّه جل جلاله في كتابه؟
ففيها أوجه كلها قد ذكرها البصريون، فقالوا: جائز أن يكون اللَّه عزَّ وجلَّ أقسم بها لأن فيها كلها دليلًا عليه وآيات بينات، قال اللَّه - عزَّ وجلَّ -: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ) إلخ الآية.
وقال: (وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آيَاتٌ).
فكان القسم بهذا يدل على عظمة اللَّه.
وقال قطرب جائز أن يكون معناها: ورب الشمس وضحاها، وربِّ التين
والزيتون، كما قال: (والسماء ذات البروج).
وقال: (والأرض وما طحاها).

صفحة رقم 126
معاني القرآن وإعرابه للزجاج
عرض الكتاب
المؤلف
أبو إسحاق إبراهيم بن السري بن سهل، الزجاج
تحقيق
عبد الجليل عبده شلبي
الناشر
عالم الكتب - بيروت
سنة النشر
1408
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
5
التصنيف
ألفاظ القرآن
اللغة
العربية