آيات من القرآن الكريم

قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّىٰ تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ
ﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷ ﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝ ﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆ ﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘ ﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥ ﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜ ﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩ ﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶ ﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥ

بدليل ما بعده وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ أي فوق كل عالم من هو أعلم منه من البشر، أو الله عز وجل
قالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ الضمير في قالوا لإخوة يوسف، وأشاروا إلى يوسف، ومعنى كلامهم إن يسرق بنيامين، فقد سرق أخوه يوسف من قبل، فهذا الأمر إنما صدر من ابني راحيل لا منّا، وقصدوا بذلك رفع المعرّة عن أنفسهم، ورموا بها يوسف وشقيقه، واختلف في السرقة التي رموا بها يوسف على ثلاثة أقوال: الأول أن عمته ربته، فأراد والده أن يأخذه منها، وكانت تحبه ولا تصبر عنه، فجعلت عليه منطقة لها، ثم قالت إنه أخذها فاستعبدته بذلك وبقي عندها إلى أن ماتت، والثاني أنه أخذ صنما لجدّه والد أمه فكسره، والثالث أنه كان يأخذ الطعام من دار أبيه ويعطيه المساكين فَأَسَرَّها يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ قال الزمخشري: الضمير للجملة التي بعد ذلك وهي قوله: أنتم شرّ مكانا، والمعنى قال في قوله: أنتم شر مكانا وقال ابن عطية: الضمير للحرارة التي وجد في نفسه من قولهم فقد سرق أخ له من قبل وأسر كراهية مقالتهم ثم جاهرهم بقوله أنتم شر مكانا أي لسوء أفعالكم وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما تَصِفُونَ إشارة إلى كذبهم فيما وصفوه به من السرقة.
إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً استعطافا وكانوا قد أعلموه بشدّة محبة أبيه فيه فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ على وجه الضمان والاسترهان، والانقياد، وهذا هو الأظهر لقوله: معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده مِنَ الْمُحْسِنِينَ أي أحسنت إلينا فيما فعلت معنا من قبل أو على الإطلاق اسْتَيْأَسُوا أي يئسوا خَلَصُوا نَجِيًّا أي انفردوا عن غيرهم يناجي بعضهم بعضا، والنجي يكون بمعنى المناجي أو مصدرا قالَ كَبِيرُهُمْ قيل: كبيرهم في السن وهو روبيل، وقيل كبيرهم في الرأي وهو: شمعون، وقيل: يهوذا وَمِنْ قَبْلُ ما فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ تحتمل «ما» وجوها: الأول أن تكون زائدة، والثاني أن تكون مصدرية ومحلها الرفع بالابتداء تقديره وقع من قبل تفريطكم في يوسف، والثالث أن تكون موصولة ومحلها أيضا الرفع كذلك، والأول أظهر فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ يريد الموضع الذي وقعت فيه القصة
ارْجِعُوا إِلى أَبِيكُمْ من قول كبيرهم، وقيل: من قول يوسف وهو بعيد إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ قرأ الجمهور بفتح الراء والسين، وروي عن الكسائي سرق بضم السين وكسر وتشديد الراء أي نسبت له السرقة وَما شَهِدْنا إِلَّا بِما عَلِمْنا أي قولنا لك إن ابنك: إنما هو شهادة بما علمنا من ظاهر ما جرى وَما كُنَّا لِلْغَيْبِ حافِظِينَ أي لا نعلم الغيب هل ذلك حق في نفس الأمر، أم لا، إذ يمكن أن يدس الصواع في رحله من غير علمه.

صفحة رقم 393

وقال الزمخشري: المعنى ما شهدنا إلا بما علمنا من سرقته وتيقناه، لأن الصواع استخرج من وعائه، وما كنا للغيب حافظين أي ما علمنا أنه سيسرق حين أعطيناك الميثاق، وقراءة سرق بالفتح تعضد قول الزمخشري، والقراءة بالضم تعضد القول الأول وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ تقديره واسأل أهل القرية، وكذلك أهل العير: يعنون الرفقة، هذا هو قول الجمهور وقيل: المراد سؤال القرية بنفسها والعير بنفسها ولا يبعد أن تخبره الجمادات لأنه نبيّ والأول أظهر وأشهر على أنه مجاز، والقرية هنا هي مصر قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ قبله محذوف تقديره: فرجعوا إلى أبيهم فقالوا له هذا الكلام فقال بل سولت الآية بِهِمْ جَمِيعاً وأخاه بنيامين، وأخاهم الكبير الذي قال لن أبرح الأرض.
وَتَوَلَّى عَنْهُمْ لما لم يصدقهم، أعرض عنهم ورجع إلى التأسف وَقالَ يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ تأسف على يوسف دون أخيه الثاني والثالث، الذاهبين، لأن حزنه عليه كان أشدّ لإفراط محبته ولأن مصيبته كانت السابقة وَابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ أي من البكاء الذي هو ثمرة الحزن، فقيل إنه عمي، وقيل إنه كان يدرك إدراكا ضعيفا، وروي عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يعقوب حزن حزن سبعين ثكلى وأعطي أجر مائة شهيد، وما ساء ظنه بالله قط فَهُوَ كَظِيمٌ قيل إنه فعيل بمعنى فاعل أي كاظم لحزنه لا يظهره لأحد، ولا يشكو إلا لله وقيل:
بمعنى مفعول كقوله إِذْ نادى وَهُوَ مَكْظُومٌ [القلم: ٤٨] أي مملوء القلب بالحزن، أو بالغيظ على أولاده، وقيل الكظيم: الشديد الحزن تَاللَّهِ تَفْتَؤُا أي لا تفتؤ، والمعنى لا تزال، وحذف حرف النفي لأنه لا يلتبس بالإثبات: لأنه لو كان إثباتا لكان مؤكدا باللام والنون حَرَضاً أي مشرفا على الهلاك الَ إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ
ردّ عليهم في تفنيدهم له: أي إنما أشكو إلى الله لا إليكم ولا إلى غيركم، والبث: أشدّ الحزن أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ
أي أعلم من لطفه ورأفته ورحمته ما يوجب حسن ظنّي به وقوة رجائي فيه.
يا بَنِيَّ اذْهَبُوا يعني إلى الأرض التي تركتم بها أخويكم فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ أي تعرّفوا خبرهما، والتحسّس طلب الشيء بالحواس السمع والبصر، وإنما لم يذكر الولد الثالث، لأنه بقي هناك اختيارا منه، ولأن يوسف وأخاه كانا أحب إليه وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ أي من رحمة الله إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ إنما

صفحة رقم 394
التسهيل لعلوم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
أبو القاسم، محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله، ابن جزي الكلبي الغرناطي
تحقيق
عبد الله الخالدي
الناشر
شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم - بيروت
سنة النشر
1416
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية