آيات من القرآن الكريم

فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥ

﴿فَلَوْلاَ كَانَتْ﴾ كلامٌ مستأنفٌ لتقرير ما سبق من استحالة إيمانِ من حقت عليهم كلمتُه تعالى لسوءِ اختيارِهم مع تمكنهم من التدارك فيكونُ الاستثناءُ الآتي بياناً لكون قومِ يونسَ عليه السلام ممن لم يحِقَّ عليه الكلمةُ لاهتدائهم إلى التدارك في وقته ولولا بمعنى هلا وقرئ كذلك أى فلا كانت
﴿قَرْيَةٌ﴾ من القُرى المهلكة
﴿آمنت﴾ قبل معاينةِ العذابِ ولم تؤخِّرْ إيمانَها إلى حين معاينتِه كما فعل فرعونُ وقومُه
﴿فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا﴾ بأن يقبَله الله تعالى منها ويكشِفَ بسببه العذابَ عنها
﴿إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ﴾ استثناءٌ منقطعٌ أي لكِنْ قومُ يونس
﴿لما آمنوا﴾ أولَ ما رأوا أمارةَ العذابِ ولم يؤخِّروا إلى حلوله
﴿كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخزى فِى الحياة الدنيا﴾ بعد ما أظلهم وكاد يحِلّ بهم ويجوز أن تكونَ الجملةُ في معنى النفي كما يُفصح عنه حرف التخصيص فيكون الاستثناء متصلاً إذِ المرادُ بالقرى أهاليها كأنه قيل ما آمنت طائفةٌ من الأمم العاصية فنفعهم إيمانُهم إلا قومَ يونَس عليه السلام فيكون قوله تعالى لما آمنوا استئنافاً لبيان نفعِ إيمانِهم ويؤيده قراءةُ الرفعِ على البدلية
﴿وَمَتَّعْنَاهُمْ﴾ بمتاع الدنيا بعد كشفِ العذاب عنهم
﴿إلى حِينٍ﴾ مقدرٍ لَهُمْ في علم الله سبحانه رُوي أن يونسَ عليه السَّلامُ بُعث إلى نينوى من أرض الموْصِل فكذبوه فذهب عنهم مغاضباً فلما فقَدوه خافوا نزولَ العذاب فلبِسوا المُسوحَ وعجّوا أربعين ليلةً وقيل قال لهم يونسُ عليه السلام أجلُكم أربعون ليلةً فقالوا إن رأينا أسبابَ الهلاك آمنّا بك فلما مضَتْ خمسٌ وثلاثون أغامت السماء غيماً أسودَ هائلاً يدخّن دُخاناً شديداً ثم يهبِط حتى يغشى مدينتَهم ويسودّ سطوحُهم فلبِسوا المسوحَ وبرزوا إلى الصعيد بأنفسهم ونسائِهم وصِبيانهم ودوابهم وفرقوا بين النساء والصبيان وبين الدواب وأولادِها فحنّ بعضُها إلى بعض وعلت الأصواتُ والعجيجُ وأظهروا الإيمانَ والتوبةَ وتضرَّعوا إلى الله تعالى فرحمهم وكشف عنهم وكان ذلك يومَ عاشوراءَ يومَ الجمعة وعن ابن مسعود رضي الله عنه بلغ من توبتهم أن ترادّوا المظالمَ حتى إن الرجل كان يقتلع الحجرَ وقد وضع عليه أساسَ بنائه فيرده إلى صاحبه وقيل خرجوا إلى الشيخ من بقية علمائِهم فقالوا قد نزل بنا العذابُ فما ترى فقال لهم قولوا يا حيُّ حين لا حيَّ ويا حيُّ محي الموتى ويا حيُّ لا إله إلا أنت فقالوها

صفحة رقم 176

سورة يونس (٩٩) (١٠٠) فكشف عنهم وعن الفضيل بن عياض قالوا إن ذنوبَنا قد عظُمت وجلّت وأنت أعظمُ منها وأجلُّ افعل بنا ما أنت أهلُه ولا تفعلْ بنا ما نحن أهلُه

صفحة رقم 177
إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو السعود محمد بن محمد بن مصطفى العمادي
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية