آيات من القرآن الكريم

فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥ

قوله تعالى: ﴿فَلَوْلاَ﴾ :«لولا» هنا تحضيضية وفيها معنى التوبيخ، كقول الفرزدق:

٢٦٣١ - تَعُدُّون عقر النيبِ أفضلَ مَجْدِكُمْ بني ضَوْطَرى لولا الكَمِيَّ المقنَّعا
وفي مصحف أُبَي وعبد الله وقرأ كذلك «فهلاَّ» وهي نصُّ في التحضيض. و «كانت» هنا تامة، و «آمنَتْ» صفة لقرية، و «فَنَفَعَها» نسقٌ على الصفة.

صفحة رقم 268

قوله: ﴿إِلاَّ قَوْمَ﴾ فيه وجهان، أحدهما: أنه استثناء منقطعٌ وإليه ذهبَ سيبويه والكسائي والأخفش/ والفراء، ولذلك أدخله سيبويه في باب ما لا يكون فيه إلا النصبُ لانقطاعِه، وإنما كان منقطعاً؛ لأن ما بعد «إلا» لا يندرجُ تحت لفظ «قرية». والثاني: أنه متصل. قال الزمخشري: «استثناءٌ من القرى لأن المرادَ أهاليها، ويجوز أن يكون متصلاً، والجملةُ في معنى النفي كأنه قيل: ما آمنت قريةٌ من القرى الهالكة إلا قوم يونس».
وقال ابن عطية: «هو بحسب اللفظ استثناءٌ منقطع، وكذلك رسمه النحويون، وهو بحسبِ المعنى متصلٌ لأن تقديره: ما آمنَ أهل قريةٍ إلا قومَ يونس». قلت: وتقديرُ هذا المضافِ هو الذي صَحَّح كونَه استثناء متصلاً، وكذلك قال أبو البقاء ومكي وابن عطية وغيرهُم. وأمَّا الزمخشري فإن ظاهرَ عبارتِه أنَّ المصحِّحَ لكونه متصلاً كونُ الكلام في معنى النفي، وليس كذلك بل المسوِّغ كونُ القرى يراد بها أهاليها من بابِ إطلاق المحلِّ على الحالِّ، وهو أحد الأوجهِ المذكورة في قوله: ﴿وَسْئَلِ القرية﴾ [يوسف: ٨٢].
وقرأت فرقة: «إلا قومُ» بالرفع. قال الزمخشري «وقُرىء بالرفعِ

صفحة رقم 269

على البدل، رُوي ذلك عن الجرميّ والكسائي. وقال المهدوي:» والرفعُ على البدل من «قرية». فظاهر هاتين العبارتين أنها قراءةٌ منقولةٌ، وظاهرُ قول مكي وأبي البقاء أنها ليسَتْ قراءة، وإنما ذلك من الجائز، وجعلا الرفعَ على وجهٍ آخرَ غيرِ البدل وهو كونُ «إلا» بمعنى: «غير» في وقوعها صفةً. قال مكي: «ويجوزُ الرفعُ على أن تُجْعل» إلا «بمعنى» غير «صفةً للأهل المحذوفين في المعنى ثم يُعْرَبَ ما بعد» إلا «بإعراب» غير «لو ظهَرَتْ في موضع» إلا «. وقال أبو البقاء: وأظنه أخذه منه» ولو كان قد قُرىء بالرفع لكانت «إلا» فيه بمنزلة «غير» فتكون صفة «. وقد تقدم أن في نون يونس ثلاث قراءات قُرىء بها.

صفحة رقم 270
الدر المصون في علوم الكتاب المكنون
عرض الكتاب
المؤلف
أبو العباس، شهاب الدين، أحمد بن يوسف بن عبد الدائم المعروف بالسمين الحلبي
تحقيق
أحمد بن محمد الخراط
الناشر
دار القلم
عدد الأجزاء
11
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية