
تكن ظرفا لفعل القسم لأنه إنشاء لا إخبار عن قسم يأتي، لأن قسم الله سبحانه قديم ولا لكون محذوف هو حال من الليل والنجم، لأن الحال والاستقبال متنافيان، وإذا بطل هذان الوجهان تعين انه ظرف لأحدهما على أن المراد به الحال اه.
والصحيح أنه لا يصح التعليق بأقسم الانشائي لأن القديم لا زمان له لا حال ولا غيره، بل هو سابق على الزمان وانه لا يمتنع التعليق بكائنا مع بقاء إذا على الاستقبال بدليل صحة مجيء الحال المقدرة باتفاق كمررت برجل معه صقر صائدا به غدا، أي مقدرا الصيد به غدا، كذا يقدرون، وأوضح منه أن يقال مريدا به الصيد غدا كما فسر قمتم في «إذا قمتم الى الصلاة» بأردتم.
وقال القاضي محب الدين شارح التسهيل: يمكن أن المراد حكاية حالهم حين ابتدءوا هم في الفعل فإذا في محلها، ورده الدماميني بأن الحكاية إنما تحقق الحال ولا تكون إذا في محلها إلا إذا تحقق الاستقبال، وأجاب الشمني بأن الحالية في مبدأ الفعل تستلزم الاستقبال بالنظر لتمامه فبهذا الثاني تكون إذا واقعة محلها ولعلك تقول كلام القاضي على الابتداء في فعل الإتيان ولا شك أن التولي أو القول العامل في إذا على ما سبق مستقبل إذ ذاك فتدبر.
[سورة التوبة (٩) : الآيات ٩٣ الى ٩٥]
إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِياءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ وَطَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٩٣) يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبارِكُمْ وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٩٤) سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (٩٥)

الإعراب:
(إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِياءُ) إنما كافة ومكفوفة قيل هي للتوكيد والمبالغة فيه وقيل هي للحصر، والسبيل مبتدأ وعلى الذين خبر وجملة يستأذنونك صلة وهم: الواو للحال وهم مبتدأ وأغنياء خبر والجملة حالية (رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ) جملة مستأنفة أو حالية بتقدير قد، بأن يكونوا متعلقان برضوا والواو اسم يكونوا والظرف خبرها. (وَطَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) الجملة معطوفة على ما تقدم والفاء عاطفة وهم مبتدأ وجملة لا يعلمون خبر. (يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ) جملة مستأنفة مسوقة لبيان ما يبررون به موقفهم المتخاذل، روي انهم كانوا بضعة وثمانين رجلا فلما رجع رسول الله ﷺ جاءوا يعتذرون إليه بالباطل وإليكم جار ومجرور متعلقان بيعتذرون وإذا ظرف مستقبل متعلق بجوابه المحذوف أي يعتذرون وجملة رجعتم مضاف إليها وإليهم جار ومجرور متعلقان برجعتم. (قُلْ لا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ) جملة

لا تعتذروا مقول القول وجملة لن نؤمن لكم مستأنفة كأنها تعليل للنهي ولكم جار ومجرور متعلقان بنؤمن. (قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبارِكُمْ) قد حرف تحقيق ونبأنا نصبت هنا مفعولين أولهما نا والثاني الجار والمجرور أو جملة من أخباركم فهو في الحقيقة صفة للمفعول المحذوف أما المفعول الثالث فقد حذف اختصارا للعلم به والتقدير نبأنا الله من أخباركم كذبا وأراجيف. (وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ) السين حرف استقبال ويرى فعل مضارع والله فاعل، والرؤية هنا بمعنى العلم، وعملكم مفعول يرى الأول والثاني محذوف تقديره واقعا ورسوله عطف على الله. (ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) ثم عطف للترتيب مع التراخي وتردون فعل مضارع ونائب فاعل والى عالم الغيب جار ومجرور متعلقان بتردون (فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) الفاء عاطفة وينبئكم فعل وفاعل مستتر والكاف مفعوله الأول وبما كنتم مفعوله الثاني وجملة تعملون خبر كنتم والعائد محذوف أي تعملونه، وما هنا موصولة أو مصدرية. (سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ) السين للتأكيد مع الاستقبال ويحلفون فعل مضارع والواو فاعل وبالله جار ومجرور متعلقان به والجملة بدل من يعتذرون ولكم حال والمحلوف عليه محذوف اعتمادا على فهم القارئ أي انهم معذرون في تخلفهم، وإذا ظرف متعلق بيحلفون وإليهم جار ومجرور متعلقان بانقلبتم ولتعرضوا: اللام للتعليل وتعرضوا منصوب بأن مضمرة بعدها والجار والمجرور متعلقان بيحلفون، وقد امتنع نصب المفعول لأجله لاختلاف الفاعل أي لتتركوا معاتبتهم وعنهم جار ومجرور متعلقان بتعرضوا. (فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ) الفاء الفصيحة وأعرضوا فعل أمر والواو فاعل وعنهم جار ومجرور متعلقان بأعرضوا وان واسمها وخبرها. (وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) الواو
صفحة رقم 158