
ألا ترون الى صاحبكم يقسم صدقاتكم فى رعاة الغنم ويزعم انه يعدل فَإِنْ أُعْطُوا مِنْها بيان لفساد لمزهم وانه لا منشأ له سوى حرصهم على حطام الدنيا اى ان اعطوا من تلك الصدقات قدر ما يريدون رَضُوا بما أعطوه وما وقع من القسمة واستحسنوها وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْها ذلك المقدار بل اقل مما طمعوا إِذا هُمْ يَسْخَطُونَ اى يفاجئون السخط دلت إذا الفجائية على انهم إذا لم يعطوا فاجأسخطهم ولم يمكن تأخره لما جبلوا عليه أمن محبة الدنيا والشره فى تحصيلها وفى التأويلات النجمية النفاق تزيين الظاهر بأركان الإسلام وتعطيل الباطن عن أنوار الايمان والقلب المعطل عن نور الايمان يكون مزينا بظلمة الكفر بحب الدنيا ولا يرضى الا بوجدان الدنيا ويسخط بفقدها: قال السعدي نكند دوست زينهار از دوست دل نهادم بر آنچهـ خاطر اوست كر بلطفم بنزد خود خواند ور بقهرم براند او داند وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا ما آتاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ اى ما أعطاهم الرسول من الصدقات طيبى النفوس به وان قل وذكر الله تعالى للتعظيم والتنبيه على ان ما فعله الرسول عليه السلام كان بامره سبحانه فلا اعتراض عليه لكون المأمور به موافقا للحكمة والصواب وَقالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ اى كفانا فضله وصنعه بنا وما قسمه لنا فان جميع ما أصابنا انما هو تفضل منه سواء كان لكسبنا مدخل فيه او لم يكن سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ صدقة اخرى وَرَسُولُهُ فيعطينا منها اكثر مما أعطانا اليوم إِنَّا إِلَى اللَّهِ راغِبُونَ ان يغنينا من فضله والآية بأسرها فى حيز الشرط والجواب محذوف بناء على ظهوره ولتذهب فيه النفس كل مذهب ممكن اى لكان خيرا لهم [زيرا كه رضا بقسمت سبب بهجت است وجزع در ان موجب محنت. سلمى از ابراهيم أدهم نقل ميكند كه هر كه بمقادير خرسند شد از غم وملال بازرست]
رضا بداده بده وز جبين كره بگشا | كه بر من وتو در اختيار نگشادست |

فى فقدان ما سواه ومن وجده يرضى به ويقول سيؤتينا الله من فضله ما نحتاج اليه فى كمال الدين ونظام الدنيا انا الى الله راغبون لا الى الدنيا والعقبى وما فيهما غير المولى- روى- ان عيسى عليه السلام مر بقوم يذكرون الله تعالى فقال لهم ما الذي حملكم عليه قالوا الرغبة فى ثواب الله فقال أصبتم ومر على قوم آخرين يذكرون الله تعالى فقال لهم ما الذي حملكم عليه قالوا الخوف من عقاب الله تعالى فقال أصبتم ومر على قوم ثالث مشتغلين بذكر الله فسألهم عن سببه فقالوا لا نذكره للخوف من العقاب ولا للرغبة فى الثواب بل لاظهار ذلة العبودية وعزة الربوبية وتشريف القلب بمعرفته وتشريف اللسان بالألفاظ الدالة على صفات قدسه وعزته فقال أنتم المتحققون وفى هذا المعنى: قال الحافظ
پدرم روضه جنت بدو كندم بفروخت | نا خلف باشم اگر من بجوى نفروشم |

الدين الا ان المراد بالغارم فى الآية الذي عليه الدين وان المديون قسمان. الاول من ادّان لنفسه فى غير معصية فيعطى له من الزكاة ما يفى بدينه بشرط ان لا يكون له من المال ما يفى بدينه وان كان له ذلك فلا يعطى. والثاني من أدان فى المعروف وإصلاح ذات البين فانه يعطى من مال الزكاة ما يقضى به دينه وان كان غنيا واما من ادّان فى معصية او فساد فانه لا يعطى له شىء منها وعن مجاهد ان الغارم من احترق بيته او ذهب السيل بماله او ادّان على عياله وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ اى فقراء الغزاة عند ابى يوسف وهم الذين عجزوا عن اللحوق بجيش الإسلام لفقرهم اى لهلاك النفقة او الدابة او غيرهما فتحل لهم الصدقة وان كانوا كاسبين إذ الكسب يقعدهم عن الجهاد فى سبيل الله. وسبيل وان عم كل طاعة الا انه خص بالغزو إذا اطلق وعند محمد هو الحجيج المنقطع بهم
وَابْنِ السَّبِيلِ اى المسافر الكثير السير المنقطع عن ماله سمى به لملازمة الطريق فكل من يريد سفرا مباحا ولم يكن له ما يقطع به المسافة يعطى من الصدقة قدر ما يقطع به تلك المسافة سواء كان له فى البلد المنتقل اليه مال او لم يكن وهو متناول للمقيم الذي له مال فى غير وطنه فينبغى ان يكون بمنزلة ابن السبيل وللدائن الذي مديونه مقر لكنه معسر فهو كابن السبيل كما فى المحيط فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ مصدر لما دل عليه صدر الآية لان قوله تعالى إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ فى قوة ان يقال فرض الله لهم الصدقات فريضة قال الكاشفى [حق سبحانه وتعالى براى اين جماعت فرض كرده است زكاترا فريضه فرض كردنى من الله ثابت از نزديك خداى تعالى] وَاللَّهُ عَلِيمٌ بأحوال الناس ومراتب استحقاقهم حَكِيمٌ لا يفعل الا ما تقتضيه الحكمة من الأمور الحسنة التي من جملتها سوق الحقوق الى مستحقيها حق تعالى چون در قسمت گشاد هر كسى را هر چهـ مى بايست داد نيست واقع اندر ان قسمت غلط بنده را خواهى رضا خواهى سخط واعلم ان سهم المؤلفة قلوبهم ساقط بإجماع الصحابة لما ان ذلك كان لتكثير سواد الإسلام فلما أعزه الله وأعلى كلمته استغنى عن ذلك كما قال عمر رضى الله عنه فى زمن خلافة ابى بكر رضى الله عنه الإسلام أعز من ان يرشى عليه فان ثبتم على الإسلام بغير رشوة فبها والا فبيننا وبينكم السيف فبقيت المصارف السبعة على حالها فللمتصدق ان يدفع صدقته الى كل واحد منهم وان يقتصر على صنف منهم بل لو صرف الى شخص واحد منهم جاز فان اللام فى للفقراء لبيان انهم مصارف لا يخرج عنهم كما يقال الخلافة لبنى العباس وميراث فلان لقرابته اى ليست الخلافة لغيرهم لا أنها بينهم بالسوية فاللام لام الاختصاص لا التمليك لعدم جواز التمليك للمجهول قال مشايخنا من أراد ان يتصدق بدرهم يبتغى فقيرا واحدا ويعطيه ولا يشترى به فلوسا ويفرقها على المساكين كما فى المحيط وكذلك الأفضل فى الفطر ان يؤدى صدقة نفسه وعياله الى واحد كما فعله ابن مسعود كما فى التمر تاشى وكره دفع نصاب او اكثر الى فقير غير مديون اما إذا كان مديونا او صاحب عيال او إذا فرق عليهم لم يخص كلا منهم نصاب فلا يكره كما فى الأشباه. وقوله كره اى جاز مع الكراهة اما الجواز فلان الأداء يلاقى

الفقر لان الزكاة انما تتم بالتمليك وحالة التمليك المدفوع اليه فقير وانما يصير غنيا بعد تمام التمليك فيتأخر الغنى عن التمليك ضرورة فيجوز واما الكراهة فلان الانتفاع به صادف حال الغنى ولو صادف حال الفقر لكان أكمل وندب دفع ما يغنى عن السؤال يومه لقوله عليه السلام (اغنوهم عن المسألة) والسؤال ذل فكان فيه صيانة المسلم عن الوقوع فيه ولا يسأل من له قوت يومه لان فى السؤال ذلا ولا يحل للمسلم ان يذل نفسه وبغير الاحتياج نكد والتكدي حرام ثم اعلم ان الأوصاف التي عبر بها عن الأوصاف المذكورة وان كانت تعم المسلم والكافر الا ان الأحاديث خصتها بالمسلم منهم وقال ابو حفص لا يصرف الى من لا يصلى الا أحيانا. والتصدق على الفقير العالم أفضل من الجاهل. وصدقة التطوع يجوز صرفها الى المذكورين وغيرهم من المسلم والذمي والى بناء المساجد والقناطر وتكفين الميت وقضاء دينه ونحوها لعدم اشتراط التمليك فى التطوع وان أريد صرف الفرض الى هذه الوجوه صرف الى الفقير ثم يؤمر بالصرف إليها فيثاب المزكى والفقير ولو قضى دين حى اى من مال الزكاة وان كان بأمره جاز كأنه تصدق على المديون فيكون القابض كالوكيل له فى قبض الصدقة وان كان بغير امره يكون متبرعا فلا يجوز من زكاة ماله ولا تصرف الزكاة الى مجنون وصبى غير مراهق الا إذا قبض لهما من يجوز له قبضها كالاب والوصي وغيرهما وتصرف الى مراهق يعقل الاخذ كما فى المحيط قال فى مجمع الفتاوى جملة ما فى بيت المال اربعة اقسام الاول الصدقات وما ينضم إليها تصرف الى ما قال الله تعالى إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ الآية. والثاني الغنائم تصرف الى اليتامى والمساكين وابن السبيل. والثالث الجزية والخراج تصرف الى ما فيه صلاح دار الإسلام والمسلمين نحو سد الثغور والمقاتلة وعطياتهم وسلاحهم وكراعهم
ويصرف الى أمن الطريق والى إصلاح القناطر وكرى الأنهار والى أرزاق الولاة والقضاة والائمة والمؤذنين والقراء والمحتسبين والمفتين والمعلمين. والرابع ما أخذ من تركة الميت إذا مات بلا وارث او الباقي من فرض الزوج او الزوجة إذا لم يترك سواه يصرف الى نفقة المرضى وأدويتهم وعلاجهم ان كانوا فقراء والى نفقة من هو عاجز عن الكسب انتهى والاشارة انما الصدقات اى صدقات الله كما قال عليه السلام (ما من يوم ولا ليلة ولا ساعة الا لله فيها صدقة يتصدق بها على من يشاء من عباده) والفقراء هم الأغنياء بالله الفانون عن غيره الباقون به وهذا حقيقة قوله عليه الصلاة والسلام (الفقراء الصبر هم جلساء الله يوم القيامة) وهو سر ما قال الواسطي الفقير لا يحتاج الى الله وذلك لانه غنى به والغنى بالشيء لا يحتاج اليه والمساكين وهم الذي لهم بقية أوصاف الوجود لهم سفينة القلب فى بحر الطلب وقد خرقها خصر المحبة وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وهم ارباب الأعمال كما كان الفقراء والمساكين اصحاب الأحوال وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وهم الذين تتألف قلوبهم بذكر الله الى الله المتقربون اليه بالتباعد عما سواه وَفِي الرِّقابِ وهم المكاتبون قلوبهم عن رق الموجودات تحريا لعبودية موجدها والمكاتب عبد ما بقي عليه درهم وَالْغارِمِينَ وهم الذين استقرضوا من مراتب المكونات أوصافها وطبائعها وخواصها وهم محبوسون فى سجن