آيات من القرآن الكريم

لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ
ﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹ ﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇ ﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗ ﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦ

وقوله سبحانه: انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالًا معنى الخِفَّة والثّقل هاهنا: مستعار لمن يمكنه السفَرُ بسهولة، ومن يمكنه بصُعُوبة، وأما من لا يمكنه، كالعُمْيِ ونحوهم، فخارجٌ عن هذا.
وقال أبو طلحة «١» : ما سمع اللَّه عذر أحد، وخرج إِلى الشامِ، فجاهد حتَّى ماتَ.
وقال أبو أيُّوب: ما أَجدني أبداً إِلا خفيفاً أو ثقيلاً «٢».
وقوله سبحانه: ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ: تنبيهٌ وهزّ للنفوس.
[سورة التوبة (٩) : الآيات ٤٢ الى ٤٥]
لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قاصِداً لاتَّبَعُوكَ وَلكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (٤٢) عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكاذِبِينَ (٤٣) لا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (٤٤) إِنَّما يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ (٤٥)
وقوله سبحانه: لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قاصِداً لَاتَّبَعُوكَ، هذه الآية في المنافقين المتخلِّفين في غزوة تَبُوكَ، وكَشْفِ ضمائرهم، وأما الآيات التي قبلها، / فعامَّة فيهم وفي غيرهم، والمعنى: لو كان هذا الغزوَ لِعَرَضٍ، أي: لمال وغنيمةٍ تنالُ قريباً بسَفرٍ قاصدٍ يسيرٍ، لبادروا لا لوجه اللَّه، وَلكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وهي المسافةُ الطويلة.
وقوله: وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ، يريد: المنافقينَ، وهذا إِخبار بغيب.
وقوله عز وجل: عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ، هذه الآيةُ هي في صِنْفٍ مُبَالِغٍ في النفاق، استأذنوا دون اعتذار، منهم: الجَدُّ بْنُ قَيْسٍ وَرِفَاعَةُ بْنُ التأبوت وَمنِ اتبعهم قال مجاهدٌ: وذلك أَنَّ بعضهم قال: نَسْتَأْذنه، فإِن أَذِنَ في القعودِ قعدنا «٣»، وَإِلاَّ قعدنا، وقَدَّم له العفو قبل العتاب: إكراما له صلّى الله عليه وسلّم، وقالت فرقة: بل قوله سبحانه عَفَا اللَّهُ عَنْكَ:
استفتاح كلامٍ كما تقولُ: أصْلَحَكَ اللَّهُ، وأَعَزَّكَ اللَّهُ، ولم يكنْ منه عليه السلام ذَنْبٌ يعفَى عنه لأن صورة الاستنفار وقَبُول الأعذار مصروفة إلى اجتهاده.

(١) أخرجه الطبري (٦/ ٣٧٦) برقم: (١٦٧٥١)، وذكره ابن عطية (٣/ ٣٧).
(٢) ذكره ابن عطية (٣/ ٣٧).
(٣) أخرجه الطبري (٦/ ٣٨١) برقم: (١٦٧٧٨)، وذكره ابن عطية (٣/ ٣٨)، والبغوي في «تفسيره» (٣/ ٤٤١)، وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم. [.....]

صفحة رقم 183
الجواهر الحسان في تفسير القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي
تحقيق
عادل أحمد عبد الموجود
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
سنة النشر
1418
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية