
١٣ - قوله تعالى: ﴿أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ﴾ الآية، قال ابن عباس: "هذا تحريض من الله لأوليائه على أعدائه" (١)، وقال الزجاج: "هذا على جهة التوبيخ، ومعناه: الحض على قتالهم" (٢).
قال أهل المعاني: "إذا قلت: ألا (٣) تفعل كذا (٤)، فإنما [تستعمل ذلك في فعل تقدر وجوده، وإذا قلت: ألست تفعل؟] (٥) فإنما تقول ذلك في فعل تحقق وجوده، والفرق (٦) بينهما أن (لا) يُنفى بها المستقبل، فإذا (٧) دخلت عليها الألف صار (٨) تحضيضًا [على فعل ما يستقبل] (٩)، و (ليس) إنما تستعمل لنفي الحال، فإذا (١٠) دخلت عليها الألف صار (١١) لتحقيق الحال" (١٢).
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٤٣٦.
(٣) في (ى): (لا).
(٤) في (ح): (ألا تفعل ذلك كذا).
(٥) ما بين المعقوفين ساقط من (ى).
(٦) في (ح): (والفرقة).
(٧) في (ى): (وإذا).
(٨) هكذا في جميع النسخ، وكذلك في "تفسير الرازي" ١٥/ ٢٣٥، والسياق يقتضي أن يقول: صارت.
(٩) ما بين المعقوفين ساقط من (ح).
(١٠) في (م): (وإذا).
(١١) كذا في جميع النسخ وكذلك في "تفسير الرازي" ١٥/ ٢٣٥ - ٢٣٦، والسياق يقتضي أن يقول: صارت.
(١٢) ذكره عن أهل المعاني الرازي في "تفسيره" ١٥/ ٢٣٥ نقلاً عن الواحدي.
وانظر في (ألا) "شر المفصل" ٨/ ١١٣، و"المغني" ص٧٧، و "همع الهوامع" ٢/ ٧٠.

وقوله تعالى: ﴿أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ﴾ يدل على أن قتال الناكثين أولى من قتال غيرهم من الكفارة ليكون ذلك زجرًا لغيرهم، قال محمد بن إسحاق والسدي والكلبي: "نزلت في كفار مكة نكثوا أيمانهم بعد عهد الحديبية وأعانوا بني بكر على خزاعة" (١).
وقوله تعالى: ﴿وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ﴾، قال المفسرون: "كانوا هموا بذلك بأن (٢) يخرجوه من مكة على حالة فظيعة فصان الله رسوله عنها، وأمره بالهجرة إلى المدينة، وحين جلسوا (٣) في دار الندوة للمكر به، كان من رأي بعضهم إخراجه من مكة" (٤).
فبان بهذا أنهم قصدوا إخراجه، وهموا به فلم يمكنهم الله من ذلك (٥).
أما قول محمد بن إسحاق فلم أجده بهذا المعنى، ولفظه كما في "السيرة النبوية" ٤/ ١٠، و"تفسير ابن جرير" ١٠/ ٩٠: "ثم أمر رسوله - ﷺ - بجهاد أهل الشرك، ممن نقض من أهل العهد الخاص، ومن كان من أهل العهد العام، بعد الأربعة الأشهر التي ضرب لهم أجلاً إلا أن يعدو فيها عاد منهم فيقتل بعدائه، فقال: ﴿أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ...﴾ الآيات" اهـ. ومعلوم أن أهل مكة أسلموا قبل نزول هذه الآيات فالقول بأنها نزلت فيهم فيه نظر.
(٢) في (م) و (ى): (وأن).
(٣) في (ح): (حبسوا)، وهو خطأ.
(٤) انظر: "السيرة النبوية" ٢/ ٩٣، ٩٤، و"الكشاف" ٢/ ١٧٧، و"زاد المسير" ٣/ ٤٠٥، وفي الآية أقوال أخرى انظرها في "المحرر الوجيز" ٦/ ٤٢٨، و"البحر المحيط" ٥/ ١٦.
(٥) لعله يعني على الحالة الفظيعة التي ذكرها؛ وإلا فقد أخرجوا رسول الله - ﷺ - والمؤمنين من مكة كما قال تعالى: ﴿يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا﴾ [الممتحنة: =

قوله تعالى: ﴿وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾، قال ابن عباس: "يريد: بالقطيعه والهجرة والعداوة" (١)، وذكر المفسرون في هذا قولين: أحدهما: أنه أراد بدؤكم بالقتال يوم بدر (٢)؛ لأنهم حين سلم العير قالوا: لا ننصرف حتى نستأصل محمدًا ومن معه، والثاني: أنه أراد أنهم قاتلوا حلفاءك خزاعة فبدؤا بنقض العهد وهذا قول الأكثرين (٣)، واختيار الفراء (٤) والزجاج (٥).
وقوله تعالى: ﴿أَتَخْشَوْنَهُمْ﴾، قال الزجاج: "المعنى: أتخشون أن ينالكم من قتالهم مكروه فتتركون قتالهم؟ ﴿فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ﴾ أي: فمكروه عذاب الله أحق أن يخشى في ترك قتالهم (٦) ﴿إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ أي: مصدقين بعقاب الله وثوابه" (٧)، ودلت هذه الآية على أن المؤمن ينبغي أن يخشى ربه دون غيره.
(١) لم أقف عليه.
(٢) ذكر هذا القول ابن جرير ١٠/ ٩٠، ورواه عن السدي وهو قول مقاتل، انظر: "تفسيره" ١٢٦ ب، وانظر أيضاً: "تفسير الثعلبي" ٦/ ٨٣ ب، والبغوي ٤/ ١٨.
(٣) انظر: "تفسير ابن جرير" ١٠/ ٩٠، وابن أبي حاتم ٦/ ١٧٦٢، والثعلبي ٦/ ٨٣ أ، وابن الجوزي ٣/ ٤٠٥، و"الدر المنثور" ٣/ ٣٨٩.
(٤) "معاني القرآن" ١/ ٤٢٥.
(٥) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٤٣٦.
(٦) قوله: "في ترك قتالهم" ليس موجودًا في "معاني القرآن وإعرابه" المطبوع.
(٧) ا. هـ. كلام الزجاج. المصدر السابق، نفس الموضع.