آيات من القرآن الكريم

وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ ۚ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَىٰ ۖ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪ

وقوله: (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ... (١٠٧)
عن ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أن المنافقين اتخذوا مسجدًا، فلما فرغوا منه جاءوا إلى نبي اللَّه وهو يتجهز لغزوة تبوك، فقالوا: يا رسول اللَّه، بنينا مسجدًا لذي العلة والحاجة، والليلة المطيرة، وإنا نحب يا رسول اللَّه أن تأتينا فتصلي فيه، قال رسول اللَّه: " إنا على سفر وحال شغل، ولو قدمنا من سفرنا أتيناكم فصلينا لكم فيه إن شاء اللَّه "، فأنزل اللَّه على رسوله: (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا...) الآية؛ أخبر فيه أنهم لم يقصدوا ببناء مسجدهم ذلك ما ذكروا؛ إنا بنينا مسجدًا، لذي العلة والحاجة، والليلة المطيرة، والإشفاق على الدِّين، وحفظ الصلاة بالجماعة، ولكن يقصدون به ضرارًا وكفرًا وتفريقًا بين المؤمنين.
وقوله: (ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ).
يكون قوله: (وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ) تفسيرًا لقوله: (ضِرَارًا)، يقصدون ببناء المسجد الذي بنوا ريبة أن يفرقوا بين المؤمنين وبين رسول اللَّه، حتى إذا جاءهم العدو وجدهم متفرقين، فيكون أيسر وأهون عليهم في الكسر عليهم، والظفر بهم من أن كانوا مجموعين.
روي عن رسول اللَّه كيوإنه قال: " لن يغلب اثنا عشر ألفًا كلمتهم واحدة ".
وقوله: (وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ)، جعل الاجتماع في الدِّين نعمة، ونهاهم عن التفرق وهم كانوا يقصدون قصد التفريق بينهم؛ لما ذكرنا، أو كانوا يقصدون بذلك أن يفرقوا بين ضعفة من المؤمنين وبين رسول اللَّه، فيلبسوا عليهم الدِّين؛ لأنهم كانوا أهل لسان وجدل، وذلك كله كفر على ما ذكر.
وفيه دلالة إثبات رسالة نبينا مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -؛ لأنه معلوم أنهم أسروا وأضمروا فيما بينهم

صفحة رقم 476

الضرار والكفر والتفريق بين المؤمنين، فأطلع اللَّه نبيه على ما أسرّوا؛ ليعلم أنه إنما عرف ذلك باللَّه تعالى.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ).
أي: بنوا ذلك المسجد إِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ.
قال عامة أهل التأويل: هو أبو عامر؛ ذكر أن أبا عامر حارب رسول اللَّه، ثم فرّ

صفحة رقم 477

منه، فقال للمنافقين: ابنوا مسجدًا واستعدوا، فإني ذاهب إلى قيصر بالشام، فآتي

صفحة رقم 478
تأويلات أهل السنة
عرض الكتاب
المؤلف
محمد بن محمد بن محمود، أبو منصور الماتريدي
تحقيق
مجدي محمد باسلوم
الناشر
دار الكتب العلمية - بيروت، لبنان
سنة النشر
1426
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية