آيات من القرآن الكريم

وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ ۚ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَىٰ ۖ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪ

أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس في قوله ﴿ والذين اتخذوا مسجداً ضراراً ﴾ قال : هم أناس من الأنصار ابتنوا مسجداً فقال لهم أبو عامر : ابنوا مسجدكم واستمدوا بما استطعتم من قوة وسلاح، فإني ذاهب إلى قيصر ملك الروم فآتي بجنده من الروم فأخرج محمداً وأصحابه. فلما فرغوا من مسجدهم أتوا النبي ﷺ فقالوا : قد فرغنا من بناء مسجدنا فنحب أن تصلي فيه وتدعو بالبركة. فأنزل الله ﴿ لا تقم فيه أبداً ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس قال :« لما بنى رسول الله ﷺ مسجد قباء خرج رجال من الأنصار منهم يخدج جد عبدالله بن حنيف، ووديعة بن حزام، ومجمع بن جارية الأنصاري، فبنوا مسجد النفاق فقال رسول الله ﷺ ليخدج » ويلك يا يخدج... ! ما أردت إلى ما أرى؟ قال : يا رسول الله، والله ما أردت إلا الحسنى - وهو كاذب - فصدقه رسول الله ﷺ وأراد أن يعذره، فأنزل الله ﴿ والذين اتخذوا مسجداً ضراراً وكفراً وتفريقاً بين المؤمنين وإرصاداً لمن حارب الله ورسوله ﴾ يعني رجلاً يقال له أبو عامر، كان محارباً لرسول الله ﷺ، وكان قد انطلق إلى هرقل وكانوا يرصدون إذا قدم أبو عامر أن يصلي فيه، وكان قد خرج من المدينة محارباً لله ولرسوله «.
وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير قال »
ذكر أن بني عمرو بن عوف ابتنوا مسجداً، فبعثوا إلى رسول الله ﷺ أن يأتيهم فيصلي في مسجدهم، فأتاهم فصلى فيه، فلما رأوا ذلك اخوتهم بنو غنم بن عوف حسدوهم، فقالوا : نبني نحن أيضاً مسجداً كما بنى اخواننا فنرسل إلى رسول الله ﷺ فيصلي فيه، ولعل أبا عامر أن يمر بنا فيصلي فيه. فبنوا مسجداً فأرسلوا إلى رسول الله ﷺ أن يأتيهم فيصلي في مسجدهم كما صلى في مسجد اخوتهم، فلما جاء الرسول قام ليأتيهم أو همَّ ليأتيهم، فأنزل الله ﴿ والذين اتخذوا مسجداً ضراراً ﴾ إلى قوله ﴿ لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم ﴾ إلى آخر الآية «.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ﴿ والذين اتخذوا مسجداً ﴾ قال : المنافقون. وفي قوله ﴿ وإرصاداً لمن حارب الله ورسوله ﴾ قال : لأبي عامر الراهب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ﴿ والذين اتخذوا مسجداً ضراراً ﴾ قال : إن نبي الله ﷺ بنى مسجداً بقباء فعارضه المنافقون بآخر، ثم بعثوا إليه ليصلي فيه فأطلع الله نبيه ﷺ على ذلك.

صفحة رقم 160

وأخرج ابن إسحق وابن مردويه عن ابن عباس قال : دعا رسول الله ﷺ مالك بن الدخشم فقال مالك لعاصم : انظرني حتى أخرج إليك بنار من أهلي، فدخل على أهله فأخذ سعفات من نار، ثم خرجوا يشتدون حتى دخلوا المسجد وفيه أهله فحرقوه وهدموه وخرج أهله فتفرقوا عنه، فأنزل الله في شأن المسجد ﴿ والذين اتخذوا مسجداً ضراراً وكفراً ﴾ إلى قوله ﴿ عليم حكيم ﴾.
وأخرج ابن إسحق وابن مردويه عن أبي رهم كلثوم بن الحصين الغفاري - وكان من الصحابة الذين بايعوا تحت الشجرة - قال « أقبل رسول الله ﷺ حتى نزل بذي أوان بينه وبين المدينة ساعة من نهار وكان بنى مسجداً الضرار، فأتوه وهو يتجهز إلى تبوك فقالوا : يا رسول الله إنا بنينا مسجداً لذي العلة والحاجة والليلة الشاتية والليلة المطيرة، وإنا نحب أن تأتينا فتصلي لنا فيه. قال : إني على جناح سفر، ولو قدمنا إن شاء الله أتيناكم فصلينا لكم فيه، فلما نزل بذي أوان أتاه خبر المسجد، فدعا رسول الله ﷺ مالك بن الدخشم أخا بني سالم بن عوف، ومعن بن عدي، وأخاه عاصم بن عدي أحد بلعجلان، فقال : انطلقا إلى هذا المسجد الظالم أهله فاهدماه واحرقاه، فخرجا سريعين حتى أتيا بني سالم بن عوف وهم رهط مالك بن الدخشم، فقال مالك لمعن : أنظرني حتى أخرج إليك. فدخل إلى أهله، فأخذ سعفاً من النخل فاشعل فيه ناراً، ثم خرج يشتدان وفيه أهله فحرقاه وهدماه وتفرقوا عنه، وفيهم نزل من القرآن ما نزل ﴿ والذين اتخذوا مسجداً ضراراً وكفراً ﴾ إلى أخر القصة ».
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله ﴿ والذين اتخذوا مسجداً ﴾ قال : هم ناس من الأنصار، ابتنوا مسجداً قريباً من مسجد قباء، بلغنا أنه أول مسجد بُنيَ في الإِسلام.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن اسحق قال : كان الذين بنوا مسجد الضرار اثني عشر رجلاً. جذام بن خالد بن عبيد بن زيد، وثعلبة بن حاطب، وهزال بن أمية، ومعتب بن قشير، وأبو حبيبة بن الأزعر، وعباد بن حنيف، وجارية بن عامر، وأبناء محمع، وزيد، ونبتل بن الحارث، ويخدج بن عثمان، ووديعة بن ثابت.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله ﴿ والذين اتخذوا مسجداً ضراراً ﴾ قال : ضاروا أهل قباء ﴿ وتفريقاً بين المؤمنين ﴾ قال : فإن أهل قباء كانوا يصلون في مسجد قباء كلهم، فلما بني أقصر من مسجد قباء من كان يحضره وصلوا فيه ﴿ وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى ﴾ فحلفوا ما أرداوا به إلا الخير.
أما قوله تعالى :﴿ لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه ﴾.

صفحة رقم 161

أخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم والترمذي والنسائي وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن خزيمة وابن حبان وأبو الشيخ والحاكم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن أبي سعيد الخدري قال :« اختلف رجلان رجل من بني خدرة، وفي لفظ : تماريت أنا ورجل من بني عمرو بن عوف في المسجد الذي أسس على التقوى. فقال الخدري : هو مسجد رسول الله ﷺ. وقال العمري : هو مسجد قباء. فأتيا رسول الله ﷺ فسألاه عن ذلك فقال » هو هذا المسجد، لمسجد رسول الله ﷺ، وقال : في ذلك خير كثير، يعني مسجد قباء « ».
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد والزبير بن بكار في أخبار المدينة وأبو يعلى وابن حبان والطبراني والحاكم في الكنى وابن مردويه عن سهل بن سعد الساعدي قال :« اختلف رجلان على عهد رسول الله ﷺ في المسجد الذي أسس على التقوى. فقال أحدهما : هو مسجد الرسول ﷺ. وقال الآخر : هو مسجد قباء. فأتيا النبي ﷺ فسألاه فقال » هو مسجدي هذا « ».
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وابن المنذر وأبو الشيخ وابن مردويه والخطيب والضياء في المختارة « عن أبي بن كعب قال : سألت النبي ﷺ عن المسجد الذي أسس على التقوى فقال » هو مسجدي هذا « ».
وأخرج الطبراني والضياء المقدسي في المختارة عن زيد بن ثابت « أن رسول الله ﷺ سئل عن المسجد الذي أسس على التقوى فقال » هو مسجدي هذا « ».
وأخرج ابن أبي شيبة وابن مردويه والطبراني من طريق عروة عن زيد بن ثابت قال : المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم مسجد النبي ﷺ. قال عروة : مسجد النبي ﷺ خير منه، إنما أنزلت في مسجد قباء.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن مردويه عن ابن عمر قال : المسجد الذي أسس على التقوى مسجد النبي ﷺ.
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو الشيخ وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال : المسجد الذي أسس على التقوى مسجد النبي ﷺ.
وأخرج الزبير بن بكار وابن جرير وابن المنذر من طريق عثمان بن عبيدالله عن ابن عمر وأبي سعيد الخدري وزيد بن ثابت قالوا : المسجد الذي أسس على التقوى مسجد الرسول ﷺ.
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو الشيخ عن سعيد بن المسيب قال : المسجد الذي أسس على التقوى مسجد المدينة الأعظم.

صفحة رقم 162

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس في قوله ﴿ لمسجد أسس على التقوى ﴾ يعني مسجد قباء.
وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك في قوله ﴿ لمسجد أسس على التقوى ﴾ قال : هو مسجد قباء.
وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي والحاكم وصححه وابن ماجة عن أسيد بن ظهيرة عن النبي ﷺ قال « صلاة في مسجدة قباء كعمرة » قال الترمذي : لا نعرف لأسيد بن ظهيرة شيئاً يصح غير هذا الحديث.
وأخرج ابن سعد عن ظهير بن رافع الحارثي عن النبي ﷺ قال « من صلى في قباء يوم الاثنين والخميس انقلب بأجر عمرة ».
وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم وصححه عن ابن عمر قال : كان رسول الله ﷺ يكثر الاختلاف إلى قباء راكباً وماشياً.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والنسائي وابن ماجة عن سهل بن حنيف قال : قال رسول الله ﷺ « من خرج حتى يأتي هذا المسجد - مسجد قباء - فيصلي فيه كان كعدل عمرة ».
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن سيرين. أنه كان يرى كل مسجد بني بالمدينة أسس على التقوى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمار الذهبي قال : دخلت مسجد قباء أصلي فيه فأبصرني أبو سلمة فقال : أحببت أن تصلي في مسجد أسس على التقوى من أول يوم. فأخبرني أن ما بين الصومعة إلى القبلة زيادة زادها عثمان.

صفحة رقم 163
الدر المنثور في التأويل بالمأثور
عرض الكتاب
المؤلف
جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد ابن سابق الدين الخضيري السيوطي
عدد الأجزاء
1
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية