
{كل نفس بما كسبت رهينة إلا أصحاب اليمين في جنات يتساءلون عن المجرمين ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين وكنا نكذب بيوم الدين حتى أتانا اليقين فما تنفعهم شفاعة الشافعين فما لهم عن التذكرة معرضين كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفا منشرة كلا بل لا يخافون الآخرة كلا إنه تذكرة فمن شاء ذكره
صفحة رقم 147
وما يذكرون إلا أن يشاء الله هو أهل التقوى وأهل المغفرة} ﴿كلُّ نفْسٍ بما كَسَبَتْ رَهينةٌ﴾ فيه ثلاثة أوجه: أحدها: ان كل نفس مرتهنة محتسبة بعملها لتحاسب عليه، إلا أصحاب اليمين، وهم أطفال المسلمين فإنه لا حساب عليهم لأنه لا ذنوب لهم، قاله عليٌّ رضي الله عنه. الثاني: كل نفس من أهل النار مرتهنة في النار إلا أصحاب اليمين وهم المسلمون، فإنهم لا يرتهنون، وهم إلى الجنة يسارعون، قاله الضحاك. الثالث: كل نفس بعملها محاسبة إلا أصحاب اليمين وهم أهل الجنة، فإنهم لا يحاسبون، قاله ابن جريج. ﴿وكنّا نَخُوض مع الخائضينَ﴾ فيه ثلاثة أوجه: أحدها: نكذب مع المكذبين، قاله السدي. الثاني: كلما غوى غاو غوينا معه، قاله قتادة. الثالث: قولهم محمد كاهن، محمد ساحر، محمد شاعر، قاله ابن زيد. ويحتمل رابعاً، وكنا أتباعاً ولم نكن مبتوعين. ﴿وكنّا نًكذّب بيوم الدِّين﴾ يعني يوم الجزاء وهو يوم القيامة. ﴿حتى أتانا اليقين﴾ فيه وجهان: أحدهما: الموت، قاله السدي. الثاني: البعث يوم القيامة. ﴿فما لهم عن التَذْكِرَةِ مُعْرِضين﴾ قال قتادة: عن القرآن. ويحتمل ثالثاً: عن الاعتبار بعقولهم. ﴿كأنهم حُمُرٌ مُسْتَنْفِرةٌ﴾ قرأ نافع وابن عامر بفتح الفاء، يعني مذعورة وقرأ الباقون بكسرها، يعني هاربة، وأنشد الفراء:
(أمْسِكْ حمارَك إنه مُستنفِرٌ | في إثْر أحْمِرَةٍ عَمَدْنَ لغُرَّبِ.) |

أحدها: أن القسورة الرماة، قاله ابن عباس. الثاني: أنه القناص أي الصياد، ومنه قول علي:
(يا ناس إني مثل قسورةٍ | وإنهم لعداة طالما نفروا.) |
(إلى هاديات صعاب الرؤوس | فساروا للقسور الأصيد.) |