آيات من القرآن الكريم

كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ
ﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣ ﯥﯦ ﯨﯩﯪ ﯬﯭﯮ ﯰﯱﯲ ﯴﯵ ﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽ ﯿﰀﰁﰂﰃ ﰅﰆﰇ ﰉﰊﰋ

البيض سودا «عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ ٣٠» ملكا هم خزنتها عدا مالك فإنه بوّابها، قال ابن عباس: لما نزلت هذه الآية قال أبو جهل لقريش ثكلتكم أمهاتكم اسمع من ابن أبي كبشة يخبر قومه، أن خزنة النار تسعة عشر وأنتم الدهم الشجعان أفيعجز كل عشرة منكم أن تبطش بواحد منهم، فقال أبو الأشعر بن أسيد بن كلدة بن خلف الجمحي: أنا أكفيكم سبعة عشر، عشرة على ظهري، وسبعة على بطني، واكفوني أنتم اثنين. ويروى عنه أنه قال: أنا أمشي بين أيديكم على الصراط فادفع عشرة بمنكبي الأيمن، وتسعة بمنكبي الأيسر في النار. ونمضي فندخل الجنة، فأنزل الله جل إنزاله
«وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ» خزنتها «إِلَّا مَلائِكَةً» لا رجالا فمن ذا يغلبهم، وإن واحدا منهم كاف لتعذيب الثقلين، وليس فيهم مظنة الرحمة والرأفة لأنهم ليسوا من جنس المعذّبين. راجع الآية ٦ من سورة التحريم في ج ٣، «وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً» امتحانا «لِلَّذِينَ كَفَرُوا» يقولوا ما قالوه وقد جئنا بهذا العدد «لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ» صحة ما أنزلناه على محمد لأن هذا العدد مكتوب في التوراة والإنجيل وليتيقنوا أن محمدا لم يقل شيئا من نفسه وان كل ما يقوله من عند الله تعالى مصدق لكتابهم.
مطلب الحواس الباطنة والظاهرة والأخبار بالغيب
وقيل المخصّص لهذا العدد اختلاف البشرية في النظر والعمل بسبب القوى الحيوانية الاثني عشر يعني الحواس الخمس الباطنة أو الخمس الظاهرة والقوة الباعثة كالغضبية والشهوية والقوة المحركة، فهذه اثنا عشرة، والطبيعيات السبع ثلاث منها مخدومة وهي النامية والغازية والمولدة، وأربع منها خادمة وهي الهاضمة والجاذبة والدافعة والماسكة، وهذا مع ابتنائه على الفلسفة لا يكاد يتم، كما لا يخفى على من وقف على كتبها، والحقيقة في حكمة هذا العدد لا يعلمها إلا الله القائل: «وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا» من أهل الكتابين والذين آمنوا بالقرآن «إِيماناً» تصديقا بمحمد وما أنزل عليه بأنه وحي سماوي لأنه أخبر به دون تعلم أو دراسة «وَلا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْمُؤْمِنُونَ» في عددهم وليخالف حالهم حال المشركين والكفار

صفحة رقم 109

«وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ» نفاق وشك وريب «وَالْكافِرُونَ» من المشركين «ماذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا» أي ما معنى هذا العدد العجيب ولأي شيء اختاره على غيره، وهذه الآية من الإخبار بالغيب قبل الوقوع فهي من معجزاته ﷺ لأنه أعلم بإعلام الله إياه بأنه سيكون منافقون يرتابون في هذا القرآن، لأن هذه السورة مكية بالاتفاق ولا يوجد زمن نزولها منافقون، والنفاق ظهر بالمدينة، ولهذا جاء الفعل بلفظ المستقبل «كَذلِكَ» مثلما أضل الله منكري عدد الخزنة «يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ» من غيرهم ممن اقتفى آثار الكفر وأعرض عن الإيمان «وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ» ممن آمن به وصدق رسله «وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ» الذين من جملتهم خزنة جهنم «إِلَّا هُوَ» وحده لأن ملائكته لا يحصون وهذا كالجواب للخبيث أبي جهل لقوله: ما لمحمد أعوان إلا تسعة عشر، أي له أعوان كثيرون لا يعلمهم إلا الله، فكما أن مقدراته غير متناهية فكذلك جنوده، وإن الواحد منهم كاف لخراب الدنيا بما فيها، راجع الآية ٨١ من سورة هود في ج ٢ «وَما هِيَ» أي سقر الموصوفة آنفا «إِلَّا ذِكْرى لِلْبَشَرِ ٣١» وموعظة وما مواعظ القرآن وآياته إلا عبرة للناس يتذكرون بها «كلّا» إن البشر لا يتعظون بها ولهذا فانه تعالى أقسم جل قسمه فقال «وَالْقَمَرِ ٣٢» الذي جعلته نورا لخلقي «وَاللَّيْلِ» الذي خلقته راحة لعبادي «إِذْ أَدْبَرَ ٣٣» ولّى وقرىء دبر بمعنى أدبر كقبيل بمعنى اقبل تقول دبرني فلان جاء خلفي والليل يأتي خلف النهار «وَالصُّبْحِ إِذا أَسْفَرَ ٣٤» اعترض مضيئا بالأفق وقرىء سفر وقد أقسم الله بها لعظم منافعها كما لا يخفى وجوب القسم لهذه الأيمان الثلاث قوله جل قوله «إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ ٣٥» الأمور العظام لأنها احدى دركات النار السبعة وهي: ١ جهنم، ٢ والحطمة، ٣ لظى، ٤ السعير، ٥ سقر، ٦ الجحيم، ٧ الهاوية. وكل واحدة منها داهية دهماء عظيمة في البلاء جعلت «نَذِيراً لِلْبَشَرِ ٣٦» قال الحسن والله ما أنذر بشيء أدهى من النار وهذا النذير قد حصل للجميع «لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ» أيها الناس «أَنْ يَتَقَدَّمَ» للطاعة ويبادر لفعل الخير فينجو منها «أَوْ يَتَأَخَّرَ ٣٧»

صفحة رقم 110
بيان المعاني
عرض الكتاب
المؤلف
عبد القادر بن ملّا حويش السيد محمود آل غازي العاني
الناشر
مطبعة الترقي - دمشق
الطبعة
الأولى، 1382 ه - 1965 م
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية