
﴿إِنَّه فكر وَقدر﴾ إِلَى قَوْلِهِ ﴿إِنْ هَذَا إِلا قَول الْبشر﴾ تَفْسِيرُ الْكَلْبِيِّ: أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ الْمُغِيرَةِ قَالَ: يَا قَوْمُ إِنَّ أمْرَ هَذَا الرَّجُلِ يَعْنِي: النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ فَشَا وَقَدْ حَضَرَ الموْسمَ، وَإِنَّ النَّاسَ سَيَسْأَلُونَكُمْ عَنْهُ فَمَاذَا قَالَ: إِذًا وَاللَّهِ يَسْتَنْطِقُونَهُ فَيَجِدُونَهُ فَصِيحًا عالاً فيكذبونكم إِذًا وَاللَّهِ يَلْقَوْنَهُ فَيُخْبِرَهُمْ بِمَا لَا يُخْبِرُهُمْ بِهِ الْكَاهِنُ قَالُوا: فَنُخْبِرُ يَعْرِفُونَ الشِّعْرَ وَيَرْوُونَهُ فَيَسْتَمِعُونَهُ فَلا يَسْمَعُونَ شَيْئًا قُرَيْشٌ صَبَأَ وَالله الْوَلِيد لَئِن قُرَيْش (ل ٣٧٨) كُلُّهَا قَالَ أَبُو جَهْلٍ: فَأَنَا أَكْفِيكُمُوهُ فَانْطَلَقَ أَبُو جَهْلٍ فَجَلَسَ إِلَيْهِ وَهُوَ كَهَيْئَةِ الْحَزِينِ فَقَالَ لَهُ الْوَلِيدُ: مَا يُحْزِنُكَ يَا ابْنَ أَخِي؟ قَالَ: وَمَالِي لَا أَحْزَنُ وَهَذِهِ قُرَيْشٌ تَجْمَعُ لَكَ نَفَقَةَ يُعِينُوكَ بِهَا عَلَى كِبَركَ وَزَمَانَتِكَ.
صفحة رقم 56
قَالَ: أَوَلَسْتُ أَكْثَرُ مِنْهُمْ مَالًا وَوَلَدًا قَالَ: فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّكَ قُلْتَ الَّذِي قُلْتَ؛ لتصيبَ مِنْ فُضُولِ طَعَامِ محمدٍ وَأَصْحَابِهِ. قَالَ: وَاللَّهِ مَا يَشْبَعُونَ مِنَ الطَّعَامِ فأيُ فَضْلٍ يَكُونُ لَهُمْ وَلَكُنِّي أكثرتُ الْحَدِيثَ فِيهِ فَإِذَا الَّذِي يَقُولُ سحرٌ وَقَوْلُ بَشَرٍ فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ قَوْمُهُ فَقَالُوا: كَيْفَ يَا أَبَا الْمُغِيرَةِ يَكُونُ قَوْلُهُ سحرٌ أَوْ قَوْلُ بَشَرٍ؟ قَالَ: أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ فَرَّقَ بني فُلانَةٍ وَزَوْجِهَا، وَبَيْنَ فُلانٍ وَابْنُهُ، وَبَيْنَ فُلانٍ وَابْنِ أَخِيهِ، وَبَيْنَ فُلانٍ مَوْلَى بَنِي فُلانٍ وَبَيْنَ مَوَالِيهِ - يَعْنِي مَنْ أَسْلَمَ؟ فَقَالُوا: اللَّهم نَعَمْ، قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ قَالَ: فَهُوَ ساحرٌ فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ ﴿إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ فَقُتِلَ﴾ أَي: فلعن ﴿كَيفَ قدر﴾ ﴿ثمَّ قتل﴾ لُعِنَ ﴿كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ نَظَرَ ثمَّ عبس وَبسر﴾ كَلَحَ.
قَالَ محمدٌ: (عَبَسَ وَبَسَرَ) أَيْ: قَطَّبَ وَكَرِهَ، يُقَالُ: بَسَرَ وبَسُرَ، وَأَصَلُ الْكَلِمَةِ مِنْ قَوْلِهِمْ: بسَر الْفَحْلُ النَّاقَةَ إِذَا ضَرَبَهَا قَبْلَ وَقْتِهَا.
﴿ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ فَقَالَ إِن هَذَا﴾ يَعْنِي: الْقُرْآنَ ﴿إِلا سِحْرٌ يُؤْثَرُ﴾ يُرْوَى ﴿إِنْ هَذَا إِلا قَوْلُ الْبشر﴾ يَعْنُونَ: عَدَّاسًا غُلامَ عُتْبَةَ كَقَوْلِهِ: ﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعلمهُ بشر﴾ هُوَ عَدَّاسٌ فِي تَفْسِيرِ الْحَسَنِ