آيات من القرآن الكريم

قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا ۚ وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا ۚ وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا ۚ عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا ۚ رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧ ﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖ

اكتفاء بمتعلق آمنوا (فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنا) الفاء رابطة لجواب الشرط، وحتى حرف غاية وجر، ويحكم فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد حتى، والجار والمجرور متعلقان باصبروا، وبيننا ظرف متعلق بيحكم (وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ) الواو للحال أو الاستئناف، وهو مبتدأ، وخير الحاكمين خبره.
[سورة الأعراف (٧) : الآيات ٨٨ الى ٨٩]
قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا قالَ أَوَلَوْ كُنَّا كارِهِينَ (٨٨) قَدِ افْتَرَيْنا عَلَى اللَّهِ كَذِباً إِنْ عُدْنا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْها وَما يَكُونُ لَنا أَنْ نَعُودَ فِيها إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللَّهُ رَبُّنا وَسِعَ رَبُّنا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ (٨٩)
اللغة:
(لَتَعُودُنَّ) : لفعل «عاد» في لغة العرب استعمالان: أحدهما وهو الأصل: الرجوع الى ما كان عليه من الحال الأول، وثانيهما:
استعمالها بمعنى صار، وحينئذ ترفع الاسم وتنصب الخبر. وقد جرينا على الإعرابين.

صفحة رقم 403

الإعراب:
(قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ) تقدم هذا الإعراب بنصه، والجملة مستأنفة مسوقة لبيان ما قالوه بعد ما سمعوا من المواعظ (لَنُخْرِجَنَّكَ يا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنا) اللام موطئة للقسم، ونخرجنك فعل مضارع مبني على الفتح، والكاف مفعول به، والذين عطف على الكاف أو مفعول معه، وجملة آمنوا صلة، ومعك ظرف مكان متعلق بالإخراج لا بالإيمان، وتوسيط النداء باسم شعيب زيادة بيان إغراقهم في الوقاحة والطغيان، ومن قريتنا جار ومجرور متعلقان بنخرجنك (أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا) أو عاطفة، ولتعودن عطف على جواب القسم الأول، أي: والله لنخرجنك والمؤمنين أو لتعودن، وتعودن هنا معرب لأنه لم يتصل مباشرة بنون التوكيد الثقيلة، وأصله تعودونن، فحذفت النون لتوالي الأمثال، وحذفت الواو لالتقاء الساكنين، والواو إما فاعل وإما اسم تعود على الاستعمالين، وفي ملتنا جار ومجرور متعلقان بتعودن أو بمحذوف خبر تعودن (قالَ أَوَلَوْ كُنَّا كارِهِينَ) جملة القول مستأنفة مسوقة لبيان ردّ شعيب عليه السلام، والهمزة للاستفهام الإنكاري، أي إنكار، ولو شرطية لمجرد الربط لا لانتفاء الشيء في الزمن الماضي لانتفاء غيره فيه، وكان واسمها وخبرها، وجملة لو كنا كارهين في محل نصب حال من ضمير الفعل المقدر، أي: أنعود ولو كنا كارهين (قَدِ افْتَرَيْنا عَلَى اللَّهِ كَذِباً إِنْ عُدْنا فِي مِلَّتِكُمْ) الجملة مستأنفة مسوقة للتعجب من إصرارهم على موقفهم، وقد حرف تحقيق، وافترينا فعل وفاعل، وعلى الله جار ومجرور متعلقان بافترينا، وكذبا مفعول به أو صفة لمصدر محذوف، وإن شرطية، وعدنا في ملتكم في محل جزم فعل الشرط، وتقدم إعراب الباقي على

صفحة رقم 404

الاستعمالين، وجواب إن محذوف دل عليه ما قبله، أي: فقد افترينا الكذب (بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْها) بعد ظرف زمان متعلق بمحذوف حال، والظرف مضاف الى ظرف آخر، وجملة نجانا في محل جر بالإضافة والله فاعل، ومنها جار ومجرور متعلقان بنجانا (وَما يَكُونُ لَنا أَنْ نَعُودَ فِيها) الواو استئنافية مسوقة لاستبعاد العود، وما نافية، ويكون فعل مضارع، ولنا جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر، وأن وما في حيزها هو اسم يكون، وفيها جار ومجرور متعلقان بنعود أو بمحذوف خبرها، على الاستعمالين (إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ رَبُّنا) في هذا الاستثناء وجهان: أحدهما أنه متصل، فعلى هذا يكون الاستثناء من أعم الأوقات أو الأحوال، وثانيهما أنه منقطع، فيكون التقدير: لكن إذا شاء الله العود، والله فاعل يشاء، وربنا بدل من الله (وَسِعَ رَبُّنا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً) الجملة مستأنفة مسوقة لبيان سعة علم ربنا، ووسع فعل ماض، وربنا فاعل، وكل شيء مفعول به، وعلما تمييز محوّل عن الفاعل، أي وسع علمه كل شيء (عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنا) الجملة في موضع نصب على الحال، وعلى الله جار ومجرور متعلقان بتوكلنا، وتوكلنا فعل وفاعل (رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ) الجملة مستأنفة، وربنا منادى مضاف، وافتح فعل أمر، وبيننا ظرف مكان متعلق بافتح، أي: احكم بيننا وبين قومنا، والواو للحال أو للاستئناف أيضا، وأنت مبتدأ، وخير الفاتحين خبر.
الفوائد:
اشتملت هاتان الآيتان على: كثير من الفوائد نلخصها فيما يلي:

صفحة رقم 405

١- الشبهة في العود:
إذا كانت «عاد» على معناها الأصلي فكيف يحسن أن يقال:
«أو لتعودنّ» أي: ترجعنّ الى حالتكم الأولى، مع أن شعيبا عليه السلام لم يكن قط على دينهم ولا في ملتهم؟ وقد أجيب عن هذه الشبهة بأمور:
١- إن هذا القول من رؤسائهم قصدوا به التلبيس والإيهام على العوام بأنه كان على دينهم وفي ملتهم.
٢- أن يراد بعوده رجوعه الى حاله قبل بعثته، وهي السكوت لأنه قبل أن يبعث يخفي إيمانه وهو ساكت.
٣- تغليب الجماعة على الواحد، لأنهم لما أصحبوه مع قومه في الإخراج أجروا عليهم حكم العود الى الملة تغليبا لهم عليه.
على أن استعمال عاد بمعنى صار لا يستدعي العود الى حالة سابقة بل العكس من ذلك، وهو الانتقال من حالة سابقة الى حال مؤتنفة، وحينئذ تندفع الشبهة تماما.
وثمة وجه لطيف فني لردّ الشبهة ليس بعيدا وهو أن تبقى عاد على معناها الأصلي، وهو أن يكون الكلام من وادي قوله تعالى:
«الله وليّ الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات الى النور، والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور الى الظلمات» والإخراج يستدعي دخولا سابقا فيما وقع الإخراج منه، ونحن نعلم أن المؤمن

صفحة رقم 406

الناشئ في الإيمان المترعرع على ذراه لم يدخل قط في ظلمة الكفر ولا كان فيها، وكذلك الكافر الأصلي لم يدخل قط في نور الايمان ولا كان فيه، ولكن لما كان الايمان والكفر من الأفعال الاختيارية كان تعبيرا عن السبب بالمسبب لإقامة حجة الله على عباده.
٢- لزوم ما لا يلزم:
وفي الآية الأولى لزوم ما لا يلزم وهي قوله تعالى: «لنخرجنك يا شعيب والذين معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا» فقد لزمت التاء قبل النون، وهذا ما يسمى «لزوم ما لا يلزم»، وهو أن يلتزم الشاعر في شعره والناثر في نثره حرفا أو حرفين فصاعدا قبل حرف الرّويّ على قدر طاقته، ومقدار قوة عارضته، مشروطا بعدم الكلفة. وسيرد في القرآن الكثير منه.
أبو العلاء المعرّي واللّزوم:
وقد قال أبو العلاء:

كثيّر أنا في حرفي أهبت له في التاء يلزم حرفا غير يلتزم
فقد أرخ شاعرنا الفيلسوف في بيته الفنّ الذي أحبه ونذر له نفسه أولا وهو «لزوم ما لا يلزم». ومعنى البيت أنه حذا حذو كثيّر عزة الذي التزم اللام في تائيته التي يقول في مستهلها:

صفحة رقم 407
إعراب القرآن وبيانه
عرض الكتاب
المؤلف
محيي الدين بن أحمد مصطفى درويش
الناشر
دار الإرشاد للشئون الجامعية - حمص - سورية ، (دار اليمامة - دمشق - بيروت) ، ( دار ابن كثير - دمشق - بيروت)
سنة النشر
1412 - 1992
الطبعة
الرابعة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية
خليليّ هذا ربع عزّة فاعقلا قلوصيكما ثم احللا حيث حلّت