آيات من القرآن الكريم

قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا ۚ وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا ۚ وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا ۚ عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا ۚ رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ
ﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖ

قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ (٨٩)
(قد افترينا على الله كذباً إن عدنا في ملتكم) التي هي الشرك، والجملة استئناف إخبار فيه معنى التعجب قاله الزمخشري كأنه قيل ما أكذبنا على الله إن عدنا في الكفر أو أنه جواب قسم محذوف، والتقدير: والله لقد افترينا وجعله ابن عطية احتمالاً (بعد إذ نجانا الله منها) بالإيمان فلا يكون منا عود إليها أصلاً.
(وما يكون) أي ما يصح (لنا) ولا يستقيم ولا ينبغي (أن نعود فيها) بحال من الأحوال (إلا أن يشاء الله) أي إلا في حال ووقت مشيئة الله عودنا فإنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، قال الزجاج: أي إلا بمشيئة الله عز وجل قال وهذا قول أهل السنة، والمعنى أنه لا يكون منا العود إلى الكفر إلا أن يشاء الله ذلك، فالاستثناء منقطع وقيل إن الاستثناء هنا على جهة التسليم لله عز وجل كما في قوله وما توفيقي إلا بالله.
وقيل هو كقولهم لا أكلمك حتى يبيض الغراب وحتى يلج الجمل في سم الخياط والغراب لا يبيض والجمل لا يلج، فهو من باب التعليق بالمحال ولم تزل الأنبياء والأكابر يخافون العاقبة وانقلاب الأمر، ألا ترى إلى قول الخليل (واجنبني وبني أن نعبد الأصنام) وكان نبينا صلى الله عليه وآله وسلم كثيراً ما يقول: " يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك " (١) وقيل المعنى وما يكون لنا أن نعود فيها
_________
(١) صحيح الجامع الصغير/٧٨٦٥.

صفحة رقم 411

أي القرية بعد أن كرهتم مجاورتنا لكم إلا أن يشاء الله عودنا إليها.
(وسع ربنا كل شيء علماً) أي أحاط علمه بكل المعلومات فلا يخرج عنه منها شيء (على الله توكلنا) أي عليه نعتمد وإليه نستند في أن يثبتنا على الإيمان ويحول بيننا وبين الكفر وأهله ويتم علينا نعمته ويعصمنا من نقمته.
(ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين) إعراض عن مكالمتهم لما ظهر له من شدة عنادهم بحيث لا يتصور منهم الإيمان، وإقبال على الله بالدعاء لفصل ما بينه وبينهم بما يليق بحال كل من الفريقين أي أحكم بيننا بالحق، والفتاحة بالضم الحكومة، وحكمه سبحانه لا يكون إلا بنصر المحقين على المبطلين كما أخبرنا به في غير موضع من كتابه، وكأنهم طلبوا نزول العذاب بالكافرين وحلول نقمة الله بهم.
قال الفراء: إن أهل عمان يسمون القاضي الفاتح والفتاح، وقال غيره من أهل اللغة هي لغة مراد، وهذا قول قتادة والسدي وابن جريح وجمهور المفسرين وقيل لغة حمير، وقال الزجاج: العنى ربنا أظهر أمرنا حتى ينفتح بيننا وبين قومنا وينكشف، وعلى هذا افتح مجاز بمعنى أظهر وبين. ومنه فتح المشكل لبيانه وحله تشبيهاً له بفتح الباب وإزالة الأغلاق حتى يوصل إلى ما خلفه.

صفحة رقم 412
فتح البيان في مقاصد القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الطيب محمد صديق خان بن حسن بن علي ابن لطف الله الحسيني البخاري القِنَّوجي
راجعه
عبد الله بن إبراهيم الأنصاري
الناشر
المَكتبة العصريَّة للطبَاعة والنّشْر
سنة النشر
1412
عدد الأجزاء
15
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية