وقيل: المعنى: (كنتم) فقراء فأغناكم.
﴿وانظروا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المفسدين﴾.
الذين أُهْلِكُوا من قبلكم، بعضهم أُهْلِكَ: بالصيحة، وبعضهم: بالحجارة، وبعضهم: بالغرق.
ثم قال لهم: ﴿وَإِن كَانَ طَآئِفَةٌ مِّنكُمْ آمَنُواْ﴾، أي: جماعة وفرقة، ﴿وَطَآئِفَةٌ لَّمْ يْؤْمِنُواْ فاصبروا حتى يَحْكُمَ الله بَيْنَنَا﴾، أي: يقضي، ﴿وَهُوَ خَيْرُ الحاكمين﴾.
قوله: ﴿قَالَ الملأ الذين استكبروا مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ ياشعيب﴾، إلى: ﴿الفاتحين﴾.
المعنى: قال الملأ الذين استكبروا [عن الإيمان] من قومه: ﴿لَنُخْرِجَنَّكَ ياشعيب﴾، ومن آمن معك، ﴿مِن قَرْيَتِنَآ﴾، أو لترجعن إلى ديننا. قال شعيب لهم: ﴿أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ﴾، أي: تخرجوننا، ونحن كارهون لذلك.
وقوله: ﴿قَدِ افترينا عَلَى الله كَذِباً إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ﴾.
أي: قال شعيب لقومه إذْ دعوه إلى ملتهم، وَتَوَعَّدوه بالطرد: ﴿قَدِ افترينا عَلَى الله كَذِباً﴾، أي: أختلقنا على الله كذباً، وتَخَرَّصْنَا ذلك عليه، إن نحن ﴿عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ﴾، أي: دينكم، بعد أن أنقذنا منها. وهذا من قول من آمن به وقد كان كافراً. فأما شعيب فلم يكن على ملتهم قط.
ثم قال: ﴿وَمَا يَكُونُ لَنَآ أَن نَّعُودَ فِيهَآ﴾،: في ملتكم فندين الله بها ﴿إِلاَّ أَن يَشَآءَ الله رَبُّنَا﴾، أي: إلا بمشيئة الله (سبحانه)، أي إلا أن يشاء ربنا أن يَتَعَبَّدَنَا بشيء مما أنتم عليه.
وقيل المعنى: إلا أن يشاء الله أن نعود، وهو لا يشاء ذلك أبداً بمنزلة قوله: ﴿حتى يَلِجَ الجمل فِي سَمِّ الخياط﴾ [الأعراف: ٤٠]. وقيل: هو استثناء من الأول.
﴿وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً﴾. أي: أحاط به، فلا يخفى عليه شيء [كان، ولا شيء هو كائن]، فإن سبق في علمه أنا نعود في شيء منها؛ فلا بد أن يكون.
والله لا يشاء الكفر، أي: لا يُحِبُّه ولا يرضاه، وهو يشاؤه بمعنى: يُقَدِّره ويقضيه على من علمه منه. وقيل: المعنى: ملأ ربنا كل شيء علماً.
ثم قال: ﴿عَلَى الله تَوَكَّلْنَا﴾. أي: عليه نعتمد في أمورنا.
﴿رَبَّنَا افتح بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بالحق﴾. أي: احكم بيننا وبينهم.