آيات من القرآن الكريم

فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ
ﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦ

٨٣ - وقوله تعالى: ﴿فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ﴾. قال المفسرون (١): (﴿أَهْلَهُ﴾ ابنتاه)، وهو قول ابن عباس (٢).
وقوله تعالى: ﴿إِلَّا امْرَأَتَهُ﴾، يعني: زوجته، وجاز أن يقال: امرأة الرجل بمعنى زوجته، ولم يجز أن يقال: مرؤها: بمعنى زوجها؛ لأن الرجل بمنزلة المالك لها، ليست المرأة بمنزلة المالكة للرجل، فإذا أضيفت إلى الرجل بالاسم العام عرفت الزوجية وملك النكاح، والرجل إذا أُضيف إلى المرأة بالاسم العام لم يعرف الزوجية (٣).
وقوله تعالى: ﴿كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ﴾. يقال: غَبَرَ الرجل يَغبُر غبُورًا إذا مكث وبقي (٤)، قال الهذلي (٥):

(١) انظر: "معاني الفراء" ١/ ٣٨٥، والزجاج ٢/ ٣٥٣، و"تفسير السمرقندي" ١/ ٥٥٣، والماوردي ٢/ ٢٣٧، وابن عطية ٥/ ٥٧١، وابن الجوزي ٣/ ٢٢٨، وقال الطبري ٨/ ٢٣٦، والبغوي ٣/ ٢٥٦ (وأهله: المؤمنين به) اهـ. وقال ابن كثير ٢/ ٢٥٨:
(يقول: فأنجينا لوطًا وأهله، ولم يؤمن به أحد منهم سوى أهل بيته فقط إلا امرأته فإنها لم تؤمن به) اهـ.
(٢) "تنوير المقباس" ٢/ ١٠٩، وذكره الرازي في "تفسيره" ١٤/ ١٧١.
(٣) ذكره الرازي ١٤/ ١٧١، لكن فيه: (فإذا أضيفت إلى الرجل بالاسم العام عرفت الزوجية وملك النكاح، والرجل إذا أضيف إلى المرأة بالاسم العام تعرف الزوجية) اهـ.
(٤) وهو من الأضداد غير: بقي ومضى، والغابر الباقي، والغابر الماضي. انظر: "العين" ٤/ ٤١٣، و"الجمهرة" ١/ ٣٢٠، و"البارع" ص ٣١٢، و"تهذيب اللغة" ٣/ ٢٦٢٧، و"الصحاح" ٢/ ٧٦٥، و"مقاييس اللغة" ٤/ ٤٠٨، و"المجمل" ٣/ ٦٩٠، و"المفردات" ص ٦٠١، و"اللسان" ٦/ ٣٢٠٥ (غير).
(٥) الهذلي: هو أبو ذؤيب خويلد بن خالد، تقدمت ترجمته.

صفحة رقم 222

فَغَبَرْتُ بَعْدَهُم بِعيشٍ نَاصِبٍ وَإخَالُ أَنّي لاَحِقٌ مُسْتَتْبَعُ (١)
يعني: بقيت. قال المفسرون (٢): (إنها كانت من الباقين في عذاب الله)، وهو قول الحسن (٣) وقتادة (٤)، ويجوز أن يكون المعنى: من الغابرين عن النجاة، أي: من الذين بقوا عنها ولم يدركوا النجاة. يقال: بقي فلان عن هذا الأمر أي: لم يدركه، وإلى هذا أشار أبو إسحاق (٥) وابن الأنباري.
وقال أبو بكر: (أي: لم تسر مع لوط وأهله، ولم تدخل في جملة الناجين، وأقامت في الموضع الذي نزل بأهله العذاب) (٦). فعلى هذا يحتمل تأويلين: أحدهما: من الغابرين في موضع الهلاك، والثاني: من الغابرين عن النجاة كما ذكرنا (٧).
(١) "شرح أشعار الهذليين" ١/ ٨، و"المفضليات" ص ٤٢١، و"جمهرة أشعار العرب" ٢/ ٦٨٤، و"تفسير الثعلبي" ١٩٤ أ، والرازي ١٤/ ١٧١، و"البحر" ٤/ ٣١٥، و"الدر المصون" ٥/ ٣٧٣، قال السكري في "شرحه": (فغبرت، بقيت، ناصب، ذو نصب أي: جهد وتعب، إخال: أظن، وهي هاهنا يقين، لاحق: مُلحِق، مستتبع: مُستلْحَق أي: مذهوب بي إلى ما صاروا إليه) اهـ.
(٢) انظر: "تفسير السمرقندي" ١/ ٥٣٣، والماوردي ٢/ ٢٣٧، والبغوي ٣/ ٢٥٦، وابن عطية ٥/ ٥٧١.
(٣) لم أقف عليه
(٤) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" ١/ ٢/ ٢٣٣، والطبري ٨/ ٢٣٦، وابن أبي حاتم ٥/ ١٥١٩ بسند جيد.
(٥) "معاني الزجاج" ٢/ ٣٥٣.
(٦) "الزاهر" ٢/ ٣٢٤، وفيه: (الغابر: الباقي وهو الأشهر عندهم، وقد يقال أيضًا: للماضي وقوله: ﴿الْغَابِرِينَ﴾ أراد في الباقين) اهـ. وانظر: "الأضداد" ص ١٢٩، و"نزهة القلوب" ص ٣٤٣.
(٧) وقال أبو عبيدة في "مجاز القرآن" ١/ ٢١٨، والطبري ٨/ ٢٣٦: (أي: من المعُمرين قبل هلاكهم ثم هلكت لما جاءهم العذاب) اهـ. والأكثر في اللغة أن =

صفحة رقم 223
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية