آيات من القرآن الكريم

وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ ۖ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا ۚ كَذَٰلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣ

والبلد يُطْلَقُ على كل جزءٍ من الأرض عامراً كان أو خراباً، وأنشدوا على ذلك قولَ الأعشى:

٢٢٢١ - وبلدةٍ مثلِ ظَهْر التُّرْسِ مُوْحشةٍ للجنِّ بالليل في حافاتِها زَجَلُ
و ﴿بِإِذْنِ رَبِّهِ﴾ يجوز أن تكونَ الباءُ سببيةً أو حاليةً. وقوله: «إلا نَكِداً» فيه وجهان أحدُهما: أن ينتصب حالاً أي عَسِراً مُبْطئاً. يقال منه نَكِد يَنْكَد نَكَداً بالفتح فهو نَكِد بالكسر. والثاني: أن ينتصب على أنه نعتُ مصدرٍ محذوف أي: إلا خروجاً نَكَداً. وَصَفَ الخروجَ بالنَّكَد كما يوصف به غيرُه، ويؤيِّده قراءة أبي جعفر ابن القعقاع «إلا نَكَداً» بفتح الكاف. قال الزجاج: «وهي قراءةُ أهل المدينة» وقراءة ابن مصرِّف «إلا نَكْداً» بالسكون وهما مصدران. وقال مكي: «هو تخفيف نَكِد بالكسر مثل كَتْف في كتِف» يقال: رجل نَكِد وأَنْكد. والمَنْكُود: العطاء النَّزْر، وأنشدوا في ذلك:
٢٢٢٢ - وأَعْطِ ما أَعْطَيْتَه طَيِّباً لا خيرَ في المَنْكودِ والناكد
وأنشدوا أيضاً:
٢٢٢٣ - لا تُنْجزِ الوعدَ إنْ وَعَدْتَ وإنْ أَعْطَيْتَ أَعْطَيْتَ تافِهاً نَكِدا؟
وقوله: ﴿كذلك نُصَرِّفُ﴾ كما تقدَّم في نظيره. وقرأ ابن أبي عبلة وأبو حيوة وعيسى بن عمر: «يُخْرَج» مبنياً للمفعول. «نباتُه» مرفوعاً لقيامِه مَقامَ

صفحة رقم 352

الفاعل وهو الله تعالى. وقوله: ﴿والذي خَبُثَ﴾ صفةٌ لموصوفٍ محذوفٍ أي: والبلد الذي خَبُث، وإنما حُذِف لدلالةِ ما قبلَه عليه، كما أنه قد حُذِف منه الجارُّ في قوله «بإذن ربه»، إذ التقديرُ: والبلد الذي خَبُث لا يَخْرُج بإذن ربه إلا نكداً. ولا بد من مضاف محذوف: إمَّا من الأول تقديره: وبيان الذي خَبُث لا يَخْرُج، وإمَّا من الثاني تقديرُه: والذي خَبُث لا يخرج نباته إلا نكداً. وغايَر بين الموصولين فجاء بالأول بالألف واللام، وفي الثاني جاء بالذي، ووُصِلَتْ بفعل ماضٍ.

صفحة رقم 353
الدر المصون في علوم الكتاب المكنون
عرض الكتاب
المؤلف
أبو العباس، شهاب الدين، أحمد بن يوسف بن عبد الدائم المعروف بالسمين الحلبي
تحقيق
أحمد بن محمد الخراط
الناشر
دار القلم
عدد الأجزاء
11
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية