
﴿وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٥٢) هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (٥٣) ﴾
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا﴾ أَيْ: صَبُّوا، ﴿عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ﴾ أَيْ: أَوْسِعُوا عَلَيْنَا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ مِنْ طَعَامِ الْجَنَّةِ.
قَالَ عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: لَمَّا صَارَ أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ إِلَى الْجَنَّةِ طَمِعَ أَهْلُ النَّارِ فِي الْفَرَجِ، وَقَالُوا: يَا رَبِّ إِنَّ لَنَا قَرَابَاتٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَأْذَنْ لَنَا حَتَّى نَرَاهُمْ وَنُكَلِّمَهُمْ، فَيَنْظُرُوا إِلَى قَرَابَتِهِمْ فِي الْجَنَّةِ وَمَا هُمْ فِيهِ مِنَ النَّعِيمِ فَيَعْرِفُونَهُمْ وَلَمْ يَعْرِفْهُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ لِسَوَادِ وُجُوهِهِمْ، فَيُنَادِي أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ بِأَسْمَائِهِمْ، وَأَخْبَرُوهُمْ بِقَرَابَاتِهِمْ: أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ، ﴿قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ يَعْنِي: الْمَاءَ وَالطَّعَامَ.
﴿الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا﴾ وَهُوَ مَا زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مِنْ تَحْرِيمِ الْبَحِيرَةِ وَأَخَوَاتِهَا، وَالْمُكَّاءِ وَالتَّصْدِيَةِ حَوْلَ الْبَيْتِ، وَسَائِرِ الْخِصَالِ الذَّمِيمَةِ، الَّتِي كَانُوا يَفْعَلُونَهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ. وَقِيلَ: دِينُهُمْ أَيْ عِيدُهُمْ، ﴿وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ﴾ نَتْرُكُهُمْ فِي النَّارِ، ﴿كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا﴾ أَيْ: كَمَا تَرَكُوا الْعَمَلَ لِلِقَاءِ يَوْمِهِمْ هَذَا، ﴿وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ﴾