آيات من القرآن الكريم

وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَىٰ عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚ

يقول تعالى مخبراً عن إعذاره إلى المشركين بإرسال الرسل إليهم بالكتاب الذي جاء به الرسول، وأنه كتاب مفصل مبين كقوله :﴿ كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ ﴾ [ هود : ١ ] الآية، وقوله :﴿ فَصَّلْنَاهُ على عِلْمٍ ﴾ للعالمين، أي على علم منا بما فصلناه به كقوله :﴿ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ ﴾ [ النساء : ١٦٦ ]، ولما أخبر بما صاروا إليه من الخسارة في الآخرة، ذكر أنه قد أزاح عللهم في الدنيا بإرسال الرسل وإنزال الكتب كقوله :﴿ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حتى نَبْعَثَ رَسُولاً ﴾ [ الإسراء : ١٥ ]، ولهذا قال :﴿ هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ ﴾ أي ما وعدوا به من العذاب والنكال والجنة والنار، قاله مجاهد وغير واحد، وقال مالك : ثوابه، وقال الربيع : لا يزال يجيء من تأويله أمر حتى يتم يوم الحساب، حتى يدخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، فيتم تأويله يومئذ، قوله :﴿ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ ﴾ أي يوم القيامة، ﴿ يَقُولُ الذين نَسُوهُ مِن قَبْلُ ﴾ أي تركوا العمل به وتناسوه في الدار الدنيا ﴿ قَدْ جَآءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بالحق فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَآءَ فَيَشْفَعُواْ لَنَآ ﴾ أي في خلاصنا مما صرنا إليه مما نحن فيه ﴿ أَوْ نُرَدُّ ﴾ إلى الدار الدنيا ﴿ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الذي كُنَّا نَعْمَلُ ﴾، كقوله :﴿ وَلَوْ ترى إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النار فَقَالُواْ ياليتنا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ المؤمنين * بَلْ بَدَا لَهُمْ مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ﴾ [ الأنعام : ٢٧-٢٨ ] كما قال ها هنا :﴿ قَدْ خسروا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ ﴾ أي خسروا أنفسهم بدخولهم النار وخلودهم فيها، ﴿ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ ﴾ أي ذهب عنهم ما كانوا يعبدون من دون الله فلا يشفعون فيهم ولا ينصرونهم ولا ينقذونهم مما هم فيه.

صفحة رقم 857
تيسير العلي القدير لاختصار تفسير ابن كثير
عرض الكتاب
المؤلف
محمد نسيب بن عبد الرزاق بن محيي الدين الرفاعي الحلبي
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية