آيات من القرآن الكريم

الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ۚ فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَٰذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ
ﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊ

فيقول:"قد احترقت، أفض عليَّ من الماء! "، فيقال لهم: أجيبوهم! فيقولون:"إن الله حرمهما على الكافرين"
١٤٧٥٢ - وحدثني المثنى قال، حدثنا ابن دكين قال، حدثنا سفيان، عن عثمان، عن سعيد بن جبير:"ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله"، قال: ينادي الرجل أخاه: يا أخي، قد احترقتُ فأغثني! فيقول:"إن الله حرمهما على الكافرين". (١)
١٤٧٥٣ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"قالوا إن الله حرمهما على الكافرين"، قال: طعامُ أهل الجنة وشرابُها.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (٥١) ﴾
قال أبو جعفر: وهذا خبر من الله عن قِيل أهل الجنة للكافرين.
يقول تعالى ذكره: فأجاب أهلُ الجنة أهلَ النار:"إن الله حرمهما على الكافرين" الذين كفروا بالله ورسله، الذين اتخذوا دينهم الذي أمرهم الله به لهوًا ولعبا، يقول: سخرية ولعبًا. (٢)
وروي عن ابن عباس في ذلك ما:-

(١) الأثر: ١٤٧٥٢ -"ابن دكين"، هو"الفضل بن دكين التيمي"، مضى مرارًا، منها: ٢٥٥٤، ٣٠٣٥، ٨٥٣٥.
(٢) انظر تفسير"اللهو" فيما سلف ١١: ٤٤١.
= وتفسير"اللعب" فيما سلف ١١: ٤٤١، تعليق: ٢، والمراجع هناك.

صفحة رقم 474

١٤٧٥٤ - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس في قوله:"الذين اتخذوا دينهم لهوًا ولعبًا"، الآية، قال: وذلك أنهم كانوا إذا دُعوا إلى الإيمان سخِروا ممن دعاهم إليه وهزؤوا به، اغترارًا بالله.
* * *
="وغرتهم الحياة الدنيا"، يقول: وخدعهم عاجلُ ما هم فيه من العيش والخفض والدَّعة، عن الأخذ بنصيبهم من الآخرة، حتى أتتهم المنية (١) = يقول الله جل ثناؤه:"فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا"، أي ففي هذا اليوم، وذلك يوم القيامة ="ننساهم"، يقول: نتركهم في العذاب المبين جياعًا عطاشًا بغير طعام ولا شراب، كما تركوا العمل للقاء يومهم هذا، ورفضوا الاستعداد له بإتعاب أبدانهم في طاعة الله.
* * *
وقد بينا معنى قوله:"ننساهم"، بشواهده فيما مضى، بما أغنى عن إعادته. (٢)
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٤٧٥٥ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن جابر، عن مجاهد: "فاليوم ننساهم"، قال: نسوا في العذاب.
١٤٧٥٦ - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"فاليوم ننساهم"، قال: نتركهم كما تركوا لقاء يومهم هذا.
١٤٧٥٧ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله:"ننساهم"، قال: نتركهم في النار.

(١) انظر تفسير"الغرور" فيما سلف ص: ٣٥١، تعليق: ١، والمراجع هناك.
(٢) انظر تفسير"النسيان" فيما سلف ١١: ٣٥٧، تعليق: ٣، والمراجع هناك.

صفحة رقم 475

١٤٧٥٨ - حدثني المثتي قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس:"فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا"، قال: نتركهم من الرحمة، كما تركوا أن يعملوا للقاء يومهم هذا.
١٤٧٥٩ - حدثنا محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله:"فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا"، الآية، يقول: نسيهم الله من الخير، ولم ينسهم من الشرّ.
١٤٧٦٠ - حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا أبو سعد قال، سمعت مجاهدًا في قوله:"فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا"، قال: نؤخرهم في النار.
* * *
وأما قوله:"وما كانوا بآياتنا يجحدون"، فإن معناه:"اليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا"، وكما كانوا بآياتنا يجحدون.
* * *
فـ"ما" التي في قوله:"وما كانوا" معطوفة على"ما" التي في قوله:"كما نسوا".
* * *
قال أبو جعفر: وتأويل الكلام: فاليوم نتركهم في العذاب، كما تركوا العمل في الدنيا للقاء الله يوم القيامة، وكما كانوا بآيات الله يجحدون = وهي حججه التي احتج بها عليهم، من الأنبياء والرسل والكتب وغير ذلك (١)
="يجحدون"، يكذبون ولا يصدقون بشيء من ذلك. (٢)
* * *

(١) انظر تفسير"الآية" فيما سلف من فهارس اللغة (أيي).
(٢) انظر تفسير"الجحد" فيما سلف ١١: ٣٣٤.

صفحة رقم 476
جامع البيان في تأويل آي القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطبري
تحقيق
أحمد شاكر
الناشر
مؤسسة الرسالة
الطبعة
الأولى، 1420 ه - 2000 م
عدد الأجزاء
24
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية