آيات من القرآن الكريم

الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ۚ فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَٰذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ
ﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊ

(فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ) النسيان على الله تعالى لَا يجوز، لأنه - سبحانه - لَا يغفل عن شيء قلَّ أو جَلَّ، وكل شيء عنده في كتاب أحصاه لَا يتخلف عن علمه شيء، وأريد بالنسيان لازمه، وهو الترك بل بعض علماء اللغة يقول: إن الأصل في معنى النسيان هو الترك، والمعنى في قوله تعالى: (فَالْيَوْمَ) الذي تجزى فيه كل نفس بما كسبت نتركهم في جهنم يريدون الماء فلا يجدونه إلا في حميم، ويطلبون الطعام، فلا يذوقون إلا طعام الزقوم.

صفحة رقم 2856

وقد ذكر - سبحانه وتعالى - أن ذلك في مقابل أمرين أو عقاب لأمرين: أولهما - أنهم نسوا لقاء يومهم هذا مع كثرة النذر، ومع إرسال الرسل، ومع أنه يوجبه منطق الحياة، وأن الله تعالى لم يخلق الإنسان سدى، يأكل ويلعب كالحيوان، إنما هو مخلوق مدرك، وأن الدنيا فيها الخير والشر، وأنه لَا بد للخير من أن ينتصر، ولا بد للشر من أن ينهزم، وأنه يتناسب مع علو مكانة الإنسان في هذه الأرض.
ثانيهما - ما كانوا بآياتنا يجحدون " ما " هنا على تقدير الكاف، وهي معطوفة على قوله تعالى: (كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا)، أي أن الله تعالى نسيهم، كما نسوا لقاء يومهم هذا، وكما كانوا بآياتنا يجحدون، وجحود الآيات إنكار ما تدل عليه من دلائل التوحيد، ومعاندتهم لله تعالى، وتكذيبهم لأنبيائه، فكان نسيان الله تعالى لهم وتركهم في جهنم يصلونها، من مقابل نسيانهم، وجزاء لجحودهم.
والله على كل شيء قدير.
ولقد بين الله - سبحانه وتعالى - أنه ما تركهم هملا من غير كتاب يعلمهم ويهديهم ويرشدهم، فقال تعالى.
* * *

صفحة رقم 2857
زهرة التفاسير
عرض الكتاب
المؤلف
محمد بن أحمد بن مصطفى بن أحمد المعروف بأبي زهرة
الناشر
دار الفكر العربي
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية