آيات من القرآن الكريم

لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ
ﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻ ﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊ ﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣ ﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯ

بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاء وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ (٤٠) لَهُم مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (٤١)
شرح الكلمات:
فمن أظلم: الظلم وضع الشيء في غير موضعه، ولذا المشرك ظالم لأنه وضع العبادة في غير موضعها حيث عبد بها من لا يستحقها.
نصيبهم: ما قدر لهم في كتاب المقادير.
رسلنا: المراد بهم ملك الموت وأعوانه.
قالوا ضلوا عنا: غابوا عنا فلم نرهم ولم نجدهم.
في أمم: أي في جملة أمم.
اداركو: أي تداركوا ولحق بعضهم بعضا حتى دخلوها كلهم.
أخراهم لأولاهم: الأتباع قالوا للرؤساء في الضلالة وهم المتبوعون.
تكسبون: من الظلم والشر والفساد.
يلج الجمل في سم الخياط: أي يدخل الجمل في ثقب الإبرة.
المجرمين: الذين أجرموا على أنفسهم فأفسدوها بالشرك والمعاصي.
مهاد: فراش يمتهدونه من النار.
غواش: أغشية يتغطون بها من النار كذلك.
معنى الآيات:
يخبر تعالى بأنه لا أظلم ولا أجهل ولا أضل ممن يفترى على الله الكذب فيقول اتخذ ولداً أو أمر بالفواحش، أو حرم كذا وهو لم يحرم، أو كذب بآياته التي جاءت بها رسله فجحدها وعاند في ذلك وكابر، فهؤلاء المفترون المكذبون يخبر تعالى أنه ﴿ينالهم نصيبهم من الكتاب﴾

صفحة رقم 171

أي ما كتب لهم في اللوح المحفوظ من خير وشر وسعادة أو شقاء١ ﴿حتى٢ إذا جاءتهم رسلنا﴾ أي ملك الموت وأعوانه ﴿يتوفونهم﴾ يقولون لهم ﴿أين ما كنتم تدعون من دون الله﴾ أي تعبدون من أولياء؟ فيجيبون قائلين: ﴿ضلوا عنا﴾ أي غابوا فلم نرهم. قال تعالى: ﴿وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين﴾ ويوم القيامة يقال لهم ﴿ادخلوا في أمم قد خلت من قبلكم من الجن والإنس﴾ في النار، فيدخلون ﴿كلما دخلت أمة لعنت أختها﴾ فلعن المشركون بعضهم بعضاً، واليهود والنصارى كذلك، ﴿حتى إذا اداركوا فيها جميعاً﴾ أي تلاحقوا وتم دخولهم النار أخذوا يشتكون ﴿قالت أخراهم لأولاهم ربنا﴾ أي يا ربنا ﴿هؤلاء أضلونا﴾ عن صراطك فلم نعبدك ﴿فأتهم عذاباً ضعفاً﴾ أي مضاعفاً ﴿من النار﴾، فأجابهم الله تعالى بقوله ﴿لكل ضعف﴾ لكل واحدة منكم ضعف من العذاب ﴿ولكن لا تعلمون﴾، إذ الدار دار عذاب فهو يتضاعف على كل من فيها، وحينئذ ﴿قالت أولاهم لأخراهم ما كان لكم علينا من٣ فضل، فذوقوا٤ العذاب بما كنتم تكسبون﴾ أي من الشرك والافتراء على الله والتكذيب بآياته، ومجانبة طاعته وطاعة رسوله.
هذا ما دلت عليه الآيات الثلاث أما الآيتان الرابعة والخامسة فإن الرابعة قررت حكماً عظيماً وهو أن الذين كذبوا بآيات الله واستكبروا٥ عنها فلم يؤمنوا ولم يعملوا الصالحات وعاشوا عاد الشرك والشر والفساد هؤلاء إذا مات أحدهم وعرجت الملائكة بروحه إلى السماء لا تفتح له أبوب السماء٦، ويكون مآلهم النار كما قال تعالى ﴿ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط﴾ فعلق دخولهم الجنة على مستحيل وهو دخول الجمل في ثقب الإبرة، والمعلق عاد مستحيل مستحيل. قال تعالى: ﴿وكذلك نجزي المجرمين﴾ على أنفسهم حيث أفسدوها بالشرك والمعاصي. هذا ما تضمنته الآية الرابعة، وهي قوله تعالى: ﴿إن الذين

١ أي: في الدنيا لا في الآخرة فهم أصحاب النار هم فيها خالدون ولا سعادة مع دخول النار.
٢ حتى هنا: ابتدائية وليست غائية إذ هي بداية خبر المكذبين المستكبرين المعرضين. قال سيبويه: حتى، وإمّا، وألاَّ لا يُمَلْن لأنهن حروف وكتبت حتى بالياء لأنها أشبهت سكرى وحبلى.
٣ {مِنْ﴾ زائدة لتأكيد نفي الفضل.
٤ الذوق هنا: مستعمل للإهانة والتشفي والباء في ﴿بما كنتم تكسبون﴾ سببية.
٥ جملة: ﴿إنّ الدين﴾ الخ مستأنفة استئنافاً ابتدائياً سيقت لتحقيق خلود الفريقين في النار معاً والفريقان هما أولاهما وأخراهما في الآية إذ كلا الفريقين كان مكذباً مستكبراً.
٦ القول بأنّ قوله تعالى: ﴿لا تفتح لهم أبواب السماء﴾ : كلمة جامعة لمعنى الحرمان من الجزاءات الإلهية قول باطل لأنّه تأويل يبطل به ما أخبر تعالى به من أنّ للسماء أبواب إذ أيّ مانع إن يكون للسماء أبواب لا يدخل معها ملك ولا جني ولا إنسان إلا بإذن ولكل بناء أبواب بحسبه.

صفحة رقم 172

كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط١ وكذلك نجزي المجرم} ٢.
أما الخامسة فقد تضمنت الخبر التالي: ﴿لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش﴾ أمم أغطية من النار وكما جزى تعالى هؤلاء المكذبين المستكبرين والمجرمين يجزي بعدله الظالمين لأنفسهم حيث لوثوها وخبثوها بأوضار الذنوب والآثام.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- شر الظلم ما كان كذباً على الله وتكذيباَ بشرائعه.
٢- تقرير فتنة القبر٣ وعذابه.
٣- لعن أهل النار بعضهم بعضاً حنقاً على بعضهم بعضاً إذ كان كل واحد سبباً في عذاب الآخرة.
٤- بيان جزاء المكذبين بآيات الله والمستكبرين عنها وهو الحرمان من دخول الجنة وكذلك المجرمون والظالمون.
وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٤٢) وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ وَقَالُواْ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللهُ لَقَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُواْ أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (٤٣)

١ الخياط: أي المخيط.
٢ الإجرام: فعل الجرم، وأجرم إذا فعل الجرم وهو: الذنب والذنب: هو ما يفسد الروح وينجسها، فأجرم معناه: أفسد.
٣ أخرج ابن كثير في تفسيره عن أبي داود حديثاً طويلاً أشتمل على بيان قبض روح العبد والعروج بها إلى السماء ثم العودة بها إلى القبر وما يجري في القبر من فتنة وما يتم للعبد الصالح من سعادة وللكافر من شقاوة فليُرجع إليه.

صفحة رقم 173
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
عرض الكتاب
المؤلف
جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر الجزائري
الناشر
مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة
سنة النشر
1424
الطبعة
الخامسة
عدد الأجزاء
5
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية