
الآخرة لا يشركهم فيها كافر) (١).
وقال بعض أصحاب المعاني: (الأولى أن يكون معنى ﴿الطَّيِّبَاتِ﴾ في هذه الآية المستلذ من الرزق) (٢).
وقوله تعالى: ﴿كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ﴾، يريد: تفسير ما أحللت من حلالي وما حرمت من حرامي، ﴿لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾، يريد: علموا أني أنا الله وحدي لا شريك لي (٣).
٣٣ - قال الكلبي: (فلما نزلت هذه الآية لبسوا الثياب، وطافوا بالبيت فيها، فعيرهم المشركون بذلك، فأنزل الله تعالى (٤) قوله: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ﴾) (٥). قال ابن عباس: (يريد: سر الزنا وعلانيته) (٦).
وقال مجاهد: (ما ظهر: نكاح الأمهات... (٧) في الجاهلية. ﴿وَمَا بَطَنَ﴾ الزنا).
(٢) انظر: "معاني النحاس" ٣/ ٢٧، و"تفسير السمرقندي" ١/ ٥٣٨، و"تفسير الماوردي" ٢/ ٢١٩، و"ابن الجوزي" ٣/ ١٨٩.
(٣) انظر: "تفسير الطبري" ٨/ ١٦٦، والسمرقندي ١/ ٥٣٨، و"الخازن" ٢/ ٢٢٤.
(٤) لفظ: (تعالى) ساقط من (أ).
(٥) ذكره القرطبي ٧/ ٢٠٠، وأبو حيان في "البحر" ٤/ ٢٩٢.
(٦) تقدم تخريجه.
(٧) جاء في النسخ كلمة غير واضحة بعد لفظ (الأمهات)، ولعلها (الذوات، أو الدواب). وذكر النحاس في "معانيه" ٣/ ٢٥، والقرطبي ٧/ ٢٠٠ عن مجاهد قال: (﴿مَا ظَهَرَ﴾ نكاح الأمهات في الجاهلية، ﴿وَمَا بَطَنَ﴾ الزنا) اهـ، وأخرج الطبري في "تفسيره" ٨/ ١٦٦ عن مجاهد قال: (﴿مَا ظَهَرَ﴾ الجمع بين الأختين وتزويج الرجل امرأة أبيه من بعده، ﴿وَمَا بَطَنَ﴾ الزنا).

وقال القرظي: (﴿مَا ظَهَرَ﴾ طوافهم بالبيت عراة، ﴿وَمَا بَطَنَ﴾ الزنا) (١).
وقال عكرمة: (﴿مَا ظَهَرَ﴾ الظلم على الناس، ﴿وَمَا بَطَنَ﴾ الزنا والسرقة) (٢).
وقال مقاتل (٣) والكلبي (٤) نحو قول ابن عباس. وقد مضى الكلام في هذا في سورة الأنعام.
وقوله تعالى: ﴿وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ﴾. قال بعض أهل المعاني: (إنما ذكر هذه القبائح مع الفواحش وهي داخلة في الفواحش للبيان عن التفصيل؛ كأنه قيل: الفواحش التي منها الإثم، ومنها البغي، ومنها الإشراك بالله) (٥).
وقال ابن الأنباري: (إنما فصل الإثم لأنه قصد [به] (٦) الأفاعيل المذمومة التي لا يجب على فاعلها الحد، والفواحش يجب على فاعلها إذا أتاها أو أكثرها الحد، فلهذه العلة فصل الإثم. قال: وهذا جواب مأثور عن ابن عباس) (٧).
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" ٥/ ١٤٧١ بسند ضعيف، وذكره السيوطي في "الدر" ٣/ ١٥١.
(٣) "تفسير مقاتل" ٢/ ٣٤
(٤) "تنوير المقباس" ٢/ ٩٠.
(٥) انظر: "تفسير القرطبي" ٧/ ٢٠١.
(٦) لفظ: (به) ساقط من (ب).
(٧) لم أقف عليه عن ابن الأنباري، وذكر ابن الجوزي في "تفسيره" ٣/ ١٩١ عن ابن عباس قال: (الإثم الذنب الذي لا يوجب الحد) اهـ.

وقال عطاء عن ابن عباس: (﴿وَالْإِثْمَ﴾ يريد: الخمر) (١).
وقال الحسن (٢): (الإثم: الخمر، تصديق ذلك قوله: ﴿قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ﴾) [البقرة: ٢١٩].
قال أبو بكر: (الإثم لا يكون من أسماء الخمر؛ لأن العرب ما سمته إثمًا قط في الجاهلية ولا إسلام، ولكن قد تكون الخمر داخلة تحت الإثم لقوله: ﴿قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ﴾) [البقرة: ٢١٩] (٣).
وقال الضحاك: (الإثم: الذنب دون الحد) (٤).
وقال السدي: (الإثم المعصية) (٥)، ﴿وَالْبَغْيَ﴾ ظلم الناس والاستطالة بغير حق، وهو أن يطلب ما ليس له، كذا قال جميع أهل التفسير (٦).
(٢) ذكره البغوي في "تفسيره" ٣/ ٢٢٦، وابن الجوزي ٣/ ١٩١، والقرطبي ٧/ ٢٠٠.
(٣) ذكره الواحدي في "الوسيط" ١/ ١٧٦، والسمين في "الدر" ٥/ ٣٠٦، وفي "تهذيب اللغة" ١/ ١٢٢، قال ابن الأنباري: (ليس الإثم في أسماء الخمر بمعروف، ولم يصح فيه بيت صحيح) اهـ. وقال السمين في "الدر" ٥/ ٣٠٦: (الذي قاله الحذاق إن الإثم ليس من أسماء الخمر) اهـ.
(٤) ذكره الواحدي في "الوسيط" ١/ ١٧٦، والبغوي ٣/ ٢٢٦، وابن الجوزي ٣/ ١٩١، وهو قول الفراء في "معانيه" ١/ ٣٧٨.
(٥) أخرجه الطبري ٨/ ١٦٦، وابن أبي حاتم ٥/ ١٤٧١ بسند جيد.
(٦) وهو قول الفراء في "معانيه" ١/ ٣٧٨، والطبري ٨/ ١٦٦، والظاهر أن الإثم الذنب والمعصية عام في الأقوال والأفعال التي يترتب عليها الإثم، والبغي: الظلم وتجاوز الحد فيه، وأخرج الإثم والبغي من الفواحش وهما منه لعظمهما وفحشهما فنص على ذكرهما تأكيدًا لأمرهما وقصدًا للزجر عنهما، وذكر الخمر من باب التمثيل لأنه سبب الإثم، بل هي معظمه، فإنها مؤججة للفتن. وقال ابن كثير في =

وقوله تعالى: ﴿وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ﴾ (١)، قال الزجاج: (موضع (أن) نصب، المعنى: وحرم الشرك) (٢).
وقوله تعالى: ﴿مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا﴾، قال مقاتل: (ما لم ينزل [به] (٣) كتابًا فيه حجة لكم بأن معه شريكًا) (٤).
وقوله تعالى: ﴿وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾، قال عطاء عن ابن عباس: (يريد: قولهم الملائكة بنات الله) (٥).
وقال مقاتل: (وحرم أن تقولوا (٦) على الله أنه حرم الحرث والأنعام) (٧).
وقال أهل المعاني: (هذا عام في تحريم القول في الدين من غير يقين) (٨).
وانظر: "إعراب النحاس" ١/ ٦٠٩، ٦١٠، و"تفسير ابن عطية" ٥/ ٤٨٨، ٤٨٩، والقرطبي ٧/ ٢٠١.
(١) في (ب): ﴿وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ﴾.
(٢) "معاني القرآن" ٢/ ٣٣٤، وفيه: (المعنى: حرم الله الفواحش تحريم الشرك) اهـ. وانظر: "إعراب النحاس" ١/ ٦١٠، و"المشكل" ١/ ٢٩٠.
(٣) لفظ: (به) ساقط من (ب).
(٤) "تفسير مقاتل" ٢/ ٣٤، وانظر: "معاني الزجاج" ٢/ ٣٣٤، و"تفسير الطبري" ٨/ ١٦٦، ١٦٧.
(٥) لم أقف عليه.
(٦) في (أ): (يقولوا) بالياء.
(٧) "تفسير مقاتل" ٢/ ٣٤، وزاد فيه: (والألبان والثياب).
(٨) هذا قول الطبري ٨/ ١٦٧، والبغوي ٣/ ٢٢٦، وابن الجوزي ٣/ ١٩٢.