
﴿فَدَلاَّهُمَا﴾ أهبطهما من درجات الجنة الرفيعة العالية، إلى دركات الأرض الوضيعة السافلة ﴿بِغُرُورٍ﴾ أي غرر بهما وخدعهما؛ وما كانا يتوهمان أن مخلوقاً يقسم ب الله تعالى كاذباً ﴿فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ﴾ التي نهيا عن الأكل منها ﴿بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ﴾ جعلا يلزقان ويشدان ﴿عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ﴾ قيل: هو ورق التين.
هذا وقد زعم بعض من لاقيت من المتكلمين أن قصة الأكل من الشجرة ليس على حقيقته؛ بل هو عن طريق المجاز: وقد أريد به الالتقاء الذي يتم بين الرجل وزوجه، وأن قول إبليس ﴿أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ﴾ هو خلود آدم وحواء بأبنائهما إلى يوم القيامة وقوله: ﴿وَمُلْكٍ لاَّ يَبْلَى﴾ هو ملك الدنيا، والخلافة فيها؛ وأن الشجرة قد تكون على حقيقتها وأن ما تم بينهما كان تحتها وفي ظلها؛ واستدل على رأيه بما بدا لهما من سوءاتهما عند الالتقاء - المشار إليه بالأكل من الشجرة - وهو زعم مخالف لجميع ما بأيدينا من أقوال المفسرين؛ ولم يبلغ بعد حد الإقناع الذي يلزمنا بالقول به، والدعوة إليه