آيات من القرآن الكريم

فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ ۚ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ ۖ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ
ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔ ﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮ ﯰﯱﯲﯳﯴ ﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜ ﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪ ﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲ

يحشر المتكبرين في أحقر الصور إذ يطؤهم الناس بأرجلهم، كما أنه يبغضهم إلى الناس في الدنيا فيحتقرونهم ولو وفي أنفسهم».
قال إبليس: يا رب أمهلنى وذريتي إلى يوم يبعث آدم وذريته، فأشهد حياتهم وانقراضهم وبعثهم لأجد الفسحة الطويلة لإغوائهم، فأجابه الله إلى طلبه حيث قال:
إنك من المنظرين إلى وقت النفخة الأولى حيث تصعق الخلائق.
قال إبليس: فبسبب إغوائك إياى من أجل آدم وذريته أقسم لأقعدن لهم على صراطك المستقيم، فأصدّنّهم عنه وأقطعنّه عليهم، بأن أزين لهم طرقا أخرى كلها ضلال واعوجاج، ثم لأغوينهم ولآتينهم من الجهات الأربع مترصدا لهم كما يقعد قطاع الطريق للسابلة.
ولا تجد أكثرهم شاكرين وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ... [سورة سبأ آية ٢٠] قال: اخرج من الجنة مذموما مهينا مطرودا مبعدا.
أقسم لمن يتبعك منهم ليكونن معك في جهنم: لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ [سورة ص آية ٨٥].
قصة سكنى آدم الجنة وخروجه منها [سورة الأعراف (٧) : الآيات ١٩ الى ٢٥]
وَيا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ (١٩) فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ لِيُبْدِيَ لَهُما ما وُورِيَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما وَقالَ ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ (٢٠) وَقاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ (٢١) فَدَلاَّهُما بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَناداهُما رَبُّهُما أَلَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ (٢٢) قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ (٢٣)
قالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ (٢٤) قالَ فِيها تَحْيَوْنَ وَفِيها تَمُوتُونَ وَمِنْها تُخْرَجُونَ (٢٥)

صفحة رقم 700

المفردات:
فَوَسْوَسَ الوسوسة: الصوت الخفى المكرر، ومنه قيل لصوت الحلي:
وسوسة، والمراد هنا ما يجدونه من الخواطر التي تزين ما يضر. ما وُورِيَ: ما ستر وغطى. مِنْ سَوْآتِهِما السوءة: ما يسوء الإنسان ويؤلمه، فإذا قيل: سوأة الإنسان كان المراد عورته لأنه يسوؤه ظهورها. وَقاسَمَهُما: أقسم لهما بجد ونشاط. فَدَلَّاهُما: حطهما عن منزلتهما من الجنة. ذاقَا الشَّجَرَةَ: أكلا منها. وَطَفِقا: أخذا وشرعا. بِغُرُورٍ الغرور: الخداع بالباطل.
يَخْصِفانِ: يرقعان ويلزقان ورقة فوق ورقة.
المعنى:
قال الله- سبحانه وتعالى-: يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وهل هي المعدة للجزاء يوم القيامة أم غيرها؟ الله أعلم بذلك، وإن كان الظاهر أنها ليست دار الجزاء، لأنها ليست دار تكليف ولا عصيان، ولا يدخل فيها إبليس.
وخاطب آدم أولا لأنه الأصل في تلقى الوحى، وتعاطى الأمور، ثم خاطبهما معا لتساويهما في الأكل، فكلا منها أكلا رغدا، لا تعب فيه ولا مشقة، أكلا كثيرا هنيئا.
من أى مكان شئتما، ومن أى ثمر أردتما، ولا تقربا هذه الشجرة الخاصة (والله أعلم

صفحة رقم 701

بها) ولو كان في معرفتها خير لعرفها لنا، وانظر كيف يوسع الله على عباده في الحلال وفي الأكل ثم يحرم عليهم القليل الضار، اختبارا لهم وامتحانا.
فإنكما إن قربتما منها، وأكلتما من ثمرها تكونا من الظالمين لأنفسكما الخارجين عن حدود الله.
أما الشيطان إبليس العدو المبين فلم يترك آدم وزوجه يتمتعان بالنعيم، بل وسوس وزين لهما الأكل المحرم من الشجرة.
فوسوس لهما الشيطان ليكون عاقبة تلك أن يبدي لهما ما ورى عنهما وستر من عورتهما، وهل هذه كناية عن شهوتهما التي ظهرت فجأة بعد استتارها. أو هي العورة الحقيقية؟
فكان عمل إبليس عمل من يثير الغرائز، ويظهر الدفائن المكنونة في الإنسان من عوامل الفساد.
وقال إبليس: ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين، لكما من الخصائص ما للملائكة في القوة والبطش وطول الأجل، أو تكونا من الخالدين فيها.
ثم أقسم لهما قسما مغلظا: إنى لكما لمن الناصحين المخلصين، ثم بعد هذا ما زال يخدعهما بالترغيب، وبالوعد، وبالقسم، حتى نسيا موقفهما من الله وأمره إليهما، وأسقطهما عما كانا فيه من مكانة ومنزلة وطبيعة. وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً [سورة طه آية ١١٥].
فلما ذاقا الشجرة، وأكلا منها، بدت لهما عوراتهما، وكانت مستورة، وأحسا بالغريزة الجنسية.
ونادهما ربهما: ألم أنهكما عن تلكما الشجرة؟ وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين، فاحذروه، واجتنبوه: فَقُلْنا يا آدَمُ إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى [سورة طه آية ١١٧].
قالا: ربنا ظلمنا أنفسنا بمخالفتك وطاعة الشيطان عدونا وعدوك وإن لم تغفر لنا وتستر ذنبنا، لنكونن من الخاسرين الذين خسروا الدنيا والآخرة: فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [سورة البقرة آية ٣٧].

صفحة رقم 702
التفسير الواضح
عرض الكتاب
المؤلف
محمد محمود حجازي
الناشر
دار الجيل الجديد
سنة النشر
1413
الطبعة
العاشرة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية