
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- إقامة الحجة على المشركين بالكشف عن حقيقة ما يدعون أنها آلهة فإذا بها أصنام لا تسمع ولا تجيب لا أيد لها ولا أرجل ولا آذان ولا أعين.
٢- وجوب التوكل على الله تعالى، وطرد الخوف من النفس والوقوف أمام الباطل وأهله في شجاعة وصبر وثبات اعتماداً على الله تعالى وولايته إذ هو يتولى الصالحين.
٣- جواز المبلاغة في التنفير من الباطل والشر بذكر العيوب والنقائص.
خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (١٩٩) وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٠٠) إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ (٢٠١) وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لاَ يُقْصِرُونَ (٢٠٢)
شرح الكلمات:
العفو: ما كان سهلاً لا كلفة فيه وهو ما يأتي بدون تكلف.
بالعرف: أي المعروف في الشرع بالأمر به أو الندب إليه.
وأعرض عن الجاهلين: الجاهلون: هم الذين لم تستنر قلوبهم بنور العلم والتقوى، والإعراض عنهم بعدم مؤاخذتهم على سوء قولهم أو فعلهم.
نزغ الشيطان: أي وسوسته بالشر.
فاستعذ بالله: أي قل أعوذ بالله يدفعه عنك إنه أي الله سميع عليم.
اتقوا: أي الشرك والمعاصي.

طائف من الشيطان: أي ألم بهم شيء من وسوسته.
وإخوانهم يمدونهم في الغي: أي إخوان الشياطين من أهل الشرك والمعاصي يمدونهم في الغي.
ثم لا يقصرون: أي لا يكفون عن الغي الذي هو الضلال والشر والفساد.
معنى الآيات:
لما علّم تعالى رسوله كيف يحاج المشركين لإبطال باطلهم في عبادة غير الله تعالى والإشراك به عز وجل علمه في هذه الآية أسمى الآداب وأرفعها، وأفضل الأخلاق وأكملها فقال له: ﴿خذ العفو١ وأمر بالعرف٢ وأعرض عن الجاهلين﴾ أي خذ من أخلاق الناس ما سهل عليهم قوله وتيسر لهم فعله، ولا تطالبهم بما لا يملكون أو بما لا يعلمون وأمرهم بالمعروف، وأعرض٣ عن الجاهلين منهم فلا تعنفهم ولا تغلظ القول لهم فقد سأل صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن معنى هذه الآية جبريل عليه السلام فقال له: "تعفو عمن ظلمك وتصل من قطعك وتعطي من حرمك٤" وقوله ﴿وإما ينزغنك من الشيطان نزغ٥﴾ أي أثار غضبك حتى لا تلتزم بهذا الأدب الذي أمرت به ﴿فاستعذ بالله﴾ بدفعه عنك إنه سميع لأقوالك عليم بأحوالك. ثم قال تعالى مقرراً حكم الاستعاذة مبيناً جدواها ونفعها لمن يأخذ بها. ﴿إن الذين اتقوا﴾ أي ربهم فلم يشركوا به أحداً ولم يفرطوا في الواجبات ولم يغشوا المحرمات هؤلاء ﴿إذا مسهم طائف٦ من الشيطان﴾ بأن نزغهم بإثارة الغضب أو الشهوة فيهم تذكروا
٢ العرف: المعروف وقرىء العرف: العُرُف بضم العين والراء مثل: الحُلُم والعرف: كل خصلة حسنة ترتضيها العقول وتطمئن إليها النفوس: قال الشاعر:
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه | لا يذهب العُرف بين الله والناس |
٤ من أحاديث مكارم الأخلاق قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "إنكم لا تسعون الناس بأموالكم ولكن يسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق".
٥ النزغ، والنغز والهمز والوسوسة بمعنى واحد، والنزغ: الإفساد والإغراء والإغراء وعلاج الوسوسة، الاستعاذة بالله تعالى.
٦ الطيف، والطائف، بمعنى، وقيل: الطيف: الخيال، والطائف: الشيطان. وهو صحيح أيضاً.

أمر الله ونهيه ووعده ووعيده ﴿فإذا هم مبصرون﴾ يرون قبح المعصية وسوء عاقبة فاعلها فكفوا عنها ولم يرتكبوها. وقوله تعالى: ﴿وإخوانهم﴾ أي إخوان الشياطين من أهل الشرك والمعاصي ﴿يمدونهم﴾ أي الشياطين ﴿في الغي﴾ أي في المعاصي والضلالات ويزيدونهم في تزيينها لهم وحملهم عليها، ﴿ثم لا يقصرون﴾ عن فعلها ويكفون عن ارتكابها.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- الأمر بالتزام الآداب والتحلي بأكمل١ الأخلاق ومن أرقاها العفو عمن ظلم وإعطاء من حرم، وصلة من قطع.
٢- وجوب الاستعاذة بالله عند٢ الشعور بالوسوسة أو الغضب أو تزيين الباطل٣.
٣- فضيلة التقوى وهي فعل الفرائض وترك المحرمات.
٤- شؤم أخوة الشياطين حيث لا يقصر صاحبها بمد الشياطين له عن الغي الذي هو الشر والفساد.
وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِم بِآيَةٍ قَالُواْ لَوْلاَ اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يوحَى إِلَيَّ مِن رَّبِّي هَذَا بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٢٠٣) وَإِذَا قُرِئ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٢٠٤) وَاذْكُر رَّبَّكَ
٢ روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يأتي الشيطان أحدكم فيقول له من خلق كذا وكذا حتى يقول له: من خلق ربّك؟ فإذا بلغ ذلك فليستعذ بالله ولينته" فقوله: فليستعذ: الأمر للوجوب إذ لا يدفع الشيطان إلا الله تعالى فهو الذي ينجي منه ويجير.
٣ روي أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما نزلت آية ﴿خذ العفو﴾ الآية قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كيف يا رب والغضب" فنزلت: ﴿وإمّا ينزغنك... ﴾ الخ.