آيات من القرآن الكريم

وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَىٰ لَا يَسْمَعُوا ۖ وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚ ﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥ ﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳ ﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻ ﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇ ﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔ ﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜ

الهياكل الجسمانية انما تتصور إذا كان لها محرك حياة وقوى محركة ومدركة وما ليس له شىء من ذلك فهو بمعزل من الأفاعيل بالمرة ووصف الأرجل بالمشي بها للايذان بان مدار الإنكار هو الوصف أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِها أم منقطعة مقدرة ببل والهمزة والبطش الاخذ بقوة. والمعنى بل ألهم أيد يأخذون بها ما يريدون اخذه وبل للاضراب المفيد للانتقال من فنّ من التبكيت بعد تمامه الى فن آخر منه أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِها أَمْ لَهُمْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها قدم المشي لانه حالهم فى أنفسهم والبطش حالهم بالنسبة الى الغير. واما تقديمه على قوله أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ إلخ مع ان الكل سواء فى انها من أحوالهم بالنسبة الى الغير فلمراعاة المقابلة بين الأيدي والأرجل. واما تقديم الأعين فلما انها أشهر من الآذان واظهر عينا واثرا ثم ان الكفار كانوا يخوفونه عليه السلام بآلهتهم قائلين نخاف ان يصيبكم بعض آلهتنا بسوء فقال الله تعالى قُلِ ادْعُوا ايها المشركون شُرَكاءَكُمْ واستعينوا بهم فى عداوتى ثُمَّ كِيدُونِ فبالغوا فيما تقدرون عليه من مكر وهى أنتم وشركاؤكم فالخطاب فى كيدون للاصنام وعبدتها فَلا تُنْظِرُونِ فلا تمهلون ساعة فانى لا أبالي بكم لوثوقى على ولاية الله وحفظه

اگر هر دو جهانم خصم كردند نترسم چون نكهبانم تو باشى
إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ تعليل لعدم المبالاة المنفهم من السوق انفهاما جليا قوله وَلِيِّيَ بثلاث يا آت. الاولى ياء فعيل وهى ساكنة. والثانية لام الفعل وهى مكسورة أدغمت فيها الياء الاولى. والثالثة ياء الاضافة وهى مفتوحة. والولي هنا بمعنى الناصر والحافظ أضيف الى ياء المتكلم. والمعنى ان الذي يتولى نصرتى وحفظى هو الذي أكرمني بتنزيل القرآن وايحائه الىّ وايحاء الكتاب اليه يستلزم رسالته لا محالة وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ اى ومن عادته تعالى ان يتولى الصالحين من عباده وينصرهم لا يخذلهم فضلا عن أنبيائه وَالَّذِينَ تَدْعُونَ يا عبدة الأصنام مِنْ دُونِهِ اى متجاوزين الله تعالى ودعاءه ومضمون هذه الآية ذكر اوّلا لتقريع عبدة الأصنام وذكر هاهنا إتماما لتعليل عدم مبالاته بهم فلا تكرار لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ فى امر من الأمور وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ إذا نابتهم ناثبة وَإِنْ تَدْعُوهُمْ اى الأصنام إِلَى الْهُدى الى ان يهدوكم الى ما تحصلون به مقاصدكم من الكيد وغيره لا يَسْمَعُوا اى دعاءكم فضلا عن المساعدة والامداد وهذا بخلاف التوجه الى روحانية الأنبياء والأولياء وان كانوا مخلوقين فان الاستمداد منهم والتوسل بهم والانتساب إليهم من حيث انهم مظاهر الحق ومجالى أنواره ومرائى كمالاته وشفعاؤه فى الأمور الظاهرة والباطنة له غايات جليلة وليس ذلك بشرك أصلا بل هو عين التوحيد ومطالعة الأنوار من مطالعها ومكاشفة الاسرار من مصاحفها: قال الصائب
مشو بمرك ز امداد اهل دل نوميد كه خواب مردم آگاه عين بيداريست
وَتَراهُمْ الرؤية بصرية والخطاب لكل واحد من المشركين اى وترى الأصنام ايها الرائي رأى العين يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ حال من المفعول اى يشبهون الناظرين إليك ويخيل إليك انهم يبصرونك لما انهم صنعوا لها أعينا مركبة بالجواهر المضيئة المتلالئة وصوروها تصوير من

صفحة رقم 296

قلب حدقته الى الشيء ينظر اليه وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ حال من فاعل ينظرون اى والحال انهم غير قادرين على الابصار وهو بيان عجزهم عن الابصار بعد بيان عجزهم عن السمع وقيل ضمير الفاعل فى تراهم لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وضمير المفعول للمشركين على ان التعليل قدتم عند قوله تعالى لا يَسْمَعُوا اى وترى المشركين يا محمد ينظرون إليك بأعينهم وهم لا يبصرونك ببصائرهم اى كما أنت عليه فهم غائبون عنك فى الحقيقة الا ان يقروا بالتوحيد وصدق الرسالة- ذكر- ان السطر الاول من خاتم سليمان عليه الصلاة والسلام كان بسم الله الرحمن الرحيم. والسطر الثاني لا اله الا الله. والسطر الثالث محمد رسول الله فلما ادخله جبريل فى إصبعه لم يقدر أصحابه ان يروه فتضرعوا فقال قولوا لا اله الا الله محمد رسول الله فلما قالوه رأوه. وسره انه احاطه المهابة فلما اشتغلوا بالتوحيد حصل لهم الاستعداد والقدرة- وحكى- ان السلطان محمود الغازي دخل على الشيخ الرباني ابى الحسن الخرقاني قدس سره لزيارته وجلس ساعة ثم قال يا شيخ ما تقول فى حق ابى يزيد البسطامي فقال الشيخ هو رجل من رآه اهتدى
واتصل بسعادة لا تخفى فقال محمود وكيف ذلك وابو جهل رأى رسول الله ﷺ ولم يتصل بالسعادة ولم يتخلص من الشقاوة فقال الشيخ فى جوابه ان أبا جهل ما رأى رسول الله ﷺ وانما رأى محمد بن عبد الله يتيم ابى طالب حتى لو كان رأى رسول الله ﷺ لخرج من الشقاوة ودخل فى السعادة ثم قال الشيخ ومصداق ذلك قول الله تعالى وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ فالنظر بعين الرأس لا يوجب هذه السعادة بل النظر بعين السر والقلب يورث ذلك فمن رأى أبا يزيد بهذه العين فاز بالسعادة

براى ديدن روى تو چشم ديكرم باشد كه اين چشم كه من دارم جمالت را نمى شايد
وفى الحديث (طوبى لمن رآنى ولمن رآى من رآنى ولمن رأى من رأى من رآنى ولمن رأى من رأى من رأى من رآنى) كما فى الرسالة العلية للكاشفى: وفى المثنوى
كفت طوبى من رآنى مصطفى والذي يبصر لمن وجهى رأى
چون چراغى نور شمعى را كشيد هر كه ديد آنرا يقين آن شمع ديد
همچنين تا صد چراغ از نقل شد ديدن آخر لقاى اصل شد
خواه نور از واپسين بستان بجان هيچ فرقى نيست خواه از شمع دان
وظهر من هنا ان رؤية الأولياء ايضا انما تفيد إذا كانت بالبصيرة ثم ان الرؤية تتناول ما فى اليقظة وما فى المنام قال بعضهم فى قوله عليه السلام (من رآنى فقد رأى الحق) من رآنى مطلقا اى سواء كانت الرؤية فى اليقظة او فى المنام فقد رأى الرسول الحق وقال بعضهم من رآنى فى المنام فقد رأى الرؤيا الصادقة لا الرؤيا التي يلعب بها الشيطان قال الشيخ الأكمل فى شرح المشارق المنام الحق هو الذي يريه الملك الموكل على الرؤيا فان الله تعالى قد وكل بالرؤيا ملكا يضرب من الحكمة والأمثال وقد اطلعه الله سبحانه على قصص ولد آدم من اللوح المحفوظ فهو ينسخ منها ويضرب لكل قصة مثلا فاذا نام يمثل له تلك الأشياء على طريق الحكمة لتكون بشارة له او نذارة او معاتبة ليكونوا على بصيرة من أمرهم كذا قيل

صفحة رقم 297
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية