آيات من القرآن الكريم

وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ۖ وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ۚ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ
ﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂ

(وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٨٠)
تطلق الأسماء ويراد المسميات، والأسماء هنا يراد بها صفات الذات العلية التي لَا يماثلها صفات الحوادث، كما قال تعالى: (... لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)، مثل القاهر القادر المريد السميع البصير، والغفور

صفحة رقم 3013

الرحيم الرحمن، فإن هذه وأشباهها أسماء الله تعالى، وهي أيضا صفاته وهي ليست شيئا غير ذاته، إنما هي مبينة لها، معرفة بها، فنحن نعرفه سبحانه بهذه الصفات التي هي أسماؤه سبحانه وتعالى، وبعدد الأسماء أو الصفات لَا يقتضي تعدد المسمى، أو الموصوف، ولقد سمع مشرك قول المؤمن في وصف الله تعالى بأنه الغفور الرحيم، فقال جاهلا أو متجاهلا: إن محمدا يدعو إلى إله واحد، فما باله يذكر إلهين. وهذا إلحاد في أسمائه سبحانه، فالموصوف لَا يتعدد بتعدد الوصف، والمسمى لَا يتعدد بتعدد الاسم، وقد روى الترمذي وغيره أن لله تعالى تسعة وتسعين اسما، أي وصفا، وقد ذكر ابن كثير هذه الأسماء التي بلذت هذا العدد فقال: (هو الله الذي لَا إله إلا هو الرحمن، الرحيم، الملك، القدوس، السلام، المؤمن، المهيمن، العزيز، الجبار، المتكبر، الخالق، البارئ، المصور، الغفار، القهار، الوهاب، الرزاق، الفتاح، العليم، القابض، الباسط، الخافض، الرافع، المعز، المذل، السميع، البصير، الحكم، العدل، اللطيف، الخبير، الحليم، العظيم، الغفور، الشكور، العلي، الكبير، الحفيظ، المقيت، الحسيب، الجليل، الكريم، الرقيب، المجيب، الواسع، الحكيم، الودود، المجيد، الباعث، الشهيد، الحق، الوكيل، القوي، المتين، الولي، الحميد، المحصي، المبدئ، المعيد، المحيي، المميت، الحي، القيوم، الواجد، الماجد، الواحد، الصمد، القادر، المقتدر، المقدم، المؤخر، الأول، الآخر، الظاهر، الباطن، الوالي، المتعالي، البر، التواب، المنتقم، العفو، الرءوف، مالك الملك، ذو الجلال والإكرام، المقسط، الجامع، الغني، المغني، المانع، الضار، النافع، النور، الهادي، البديع، الباقي، الوارث، الرشيد، الصبور).
وقد رويت هذه الأسماء في الصحاح بأحاديث مختلفة، والله قد اتصف بكل هذه الأسماء.
وصف أسماء الله تعالى بالحسنى، وهي مؤنث أحسن، وأفعل التفضيل ليس على بابه، والمعنى أنها بلغت أقصى درجات الحسن والكمال، لأنها صفات المتصف بكل كمال.

صفحة رقم 3014

وقد قال تعالى: (فَادْعُوهُ بِهَا) الفاء للإفصاح، أي إذا كانت الأسماء هي صفات الكمال المطلق، فادعوه بها أي نادوه في دعائكم وضراعتكم إليه بها.
(وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ)، أي يتخذون الإلحاد والشرك في أسمائه، وذلك بالزيادة فيها بما لايليق بالذات العلية أو يغيروها بما لَا يليق بذاته، كالمعطلة والمشبهة الذين يفسرونها بما يشبه الحوادث، أو ينقصون منها تبعا لأهوائهم، وقوله تعالى: (ذَرُوا) أي اتركوهم بمعنى لَا تقيموا لقولهم وزنا، ولا تتبعوا ما يقولون.
ثم ذكر الله تعالى جزاءهم فقال: (سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) السين هنا لتأكيد وقوع الفعل في المستقبل، وقد قدروا الباء، أي: سيجزون بما كانوا يعملون.
وإن حذف الباء فيه إشارة بيانية، وهو توافق الجزاء مع العمل، حتى لكان الجزاء هو العمل ذاته، لاتحاد السبب والمسبب، فكان جزاء وفاقا للعمل لَا يزيد عليه، وقد يغفر له متغمدا له برحمته.
وقد ذكر الله تعالى الضالين ممن ذرأ من الجن والإنس، وأنهم كثيرون، وليسوا قليلا ذكر المهتدين، فقال تعالى:

صفحة رقم 3015
زهرة التفاسير
عرض الكتاب
المؤلف
محمد بن أحمد بن مصطفى بن أحمد المعروف بأبي زهرة
الناشر
دار الفكر العربي
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية