آيات من القرآن الكريم

وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ۖ وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ۚ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ
ﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳ ﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱ ﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂ ﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊ

ووعظته لم ينزجر ولم يتعظ وان تركته لم يهتد ولم يعقل فهو متردد الى ما لا غاية وراءه فى الحسة والدناءة فانظر حب الدنيا وشؤمها ماذا يجلب للعلماء خاصة وفى الحديث (من ازداد علما ولم يزدد هدى لم يزدد من الله تعالى الا بعدا) والنعمة انما تسلب ممن لا يعرف قدرها وهو الكفور الذي لا يؤدى شكرها وكما ان الكلب لا يعرف الإكرام من الاهانة والرفعة والشرف من الحقارة وانما الكرامة كلها عنده فى كسرة يطعمها او عراق مائدة يرمى اليه سواء تقعده على سرير معك او فى التراب والقذر فكذا العبد السوء لا يعرف قدر الكرامة ويجهل حق النعمة فينسلخ عن لباس الفضل والكرم ويرتدى برداء القهر والمكر قال فى التأويلات النجمية فلا يغترن جاهل مفتون بان اتباع الهوى لا يضره فان الله تعالى حذر الأنبياء عن اتباع الهوى وأوعدهم عليه بالضلال كقوله يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ: قال الحافظ

مباش غره بعلم وعمل فقيه مدام كه هيچكس ز قضاى خداى جان نبرد
ذلِكَ اى ذلك المثل السيّء مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وهم اليهود وكما ان بلعم بعد ما اوتى آيات الله انسلخ منها ومال الى الدنيا حتى صار كالكلب كذلك اليهود بعد ما أوتوا التوراة المشتملة على نعت الرسول ﷺ وذكر القرآن المعجز وبشرى الناس باقتراب مبعثه وكانوا يستفتحون به انسلخوا مما اعتقدوا فى حقه وكذبوه وحرفوا اسمه فَاقْصُصِ الْقَصَصَ [پس بخوان بر ايشان اين خبر را] والقصص مصدر سمى به المفعول كالسلب واللام للعهد لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ راجيا تفكرهم تفكرا يؤدى بهم الى الاتعاظ ساءَ مَثَلًا ساء بمعنى بئس ومثلا تمييز من الفاعل المضمر فى ساء مفسر له الْقَوْمُ مخصوص بالذم بتقدير المضاف لوجوب التصادف بينه وبين الفاعل والتمييز اى ساء مثلا مثل القوم وبئس الوصف وصف القوم قال الحدادي وهذا السوء انما يرجع الى فعلهم لا الى نفس المثل كأنه قال ساء فعلهم الذي جلب إليهم الوصف القبيح فاما المثل فهو من الله حكم وصواب الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا بعد قيام الحجة عليها وعلمهم بها وَأَنْفُسَهُمْ كانُوا يَظْلِمُونَ اى ما ظلموا بالتكذيب الا أنفسهم فان وباله لا يتخطاها مَنْ يَهْدِ اللَّهُ اى يخلق فيه الاهتداء فَهُوَ الْمُهْتَدِي لا غير كائنا من كان وانما العظة والتذكير من قبيل الوسائط العادية فى حصول الاهتداء من غير تأثير لها فيه سوى كونها دواعى الى صرف العبد اختياره نحو تحصيله وَمَنْ يُضْلِلْ بان لم يخلق فيه الاهتداء بل خلق الله فيه الضلالة لصرف اختياره نحوها فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ اى الكاملون فى الخسران لا غير وفيه اشارة الى ان من أدركته العناية ولحقته الهداية اليوم لم ينزل عن المراتب العلوية الى المدارك السفلية فهم الذين أصابهم رشاش النور الذي رش عليهم من نوره ومن خذله حتى اتبع هواه فاضله الهوى عن سبيل الله فهم الذين اخطأهم ذلك النور ولم يصبهم فوقعوا فى الضلالة والخسران وكان سفيان الثوري يقول اللهم سلم سلم كأنه فى سفينة يخشى الغرق ولما قدم البشير على يعقوب عليه السلام

صفحة رقم 279

استعداد المعرفة والطلب وانهم كانوا مستعدين للمعرفة والطلب فابطلوا الاستعداد الفطري للمعرفة والطلب بالركون الى شهوات الدنيا وزينتها واتباع الهوى فباعوا الآخرة بالأولى والدين بالدنيا وتركوا طلب المولى فصاروا أضل من الانعام لا فساد الاستعداد أولئك هم الغافلون عن الله وكمالات اهل المعرفة وعزتهم كما قال فى التأويلات النجمية قدس الله سره وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى تأنيث الأحسن اى الأسماء التي هى احسن الأسماء وأجلها لانها دالة على معانى هى احسن المعاني وأشرفها والمراد بها الألفاظ الدالة الموضوعة على المعاني المختلفة دل على ان الاسم غير المسمى ولو كان هو المسمى لكان المسمى عدد الأسماء وهو محال قال الامام الغزالي الحق ان الاسم غير التسمية وغير المسمى فان هذه ثلاثة اسماء متباينة غير مترادفة فَادْعُوهُ بِها فسموه بتلك الأسماء واذكروه بها وفى الحديث (ان لله تسعة وتسعين اسما مائة الا واحدا من أحصاها دخل الجنة هو الله الذي لا اله الا هو الرحمن الرحيم الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر الخالق البارئ المصور الغفار القهار الوهاب الرزاق الفتاح العليم القابض الباسط الخافض الرافع المعز المذل السميع البصير الحكم العدل اللطيف الخبير الحليم العظيم الغفور الشكور العلى الكبير الحفيظ المقيت الحسيب الجليل الكريم الرقيب المجيب الواسع الحكيم الودود المجيد الباعث الشهيد الحق الوكيل القوى المتين الولي الحميد المحصى المبدئ المعيد المحيي المميت الحي القيوم الواجد الماجد الواحد الصمد القادر المقتدر المقدم المؤخر الاول الآخر الظاهر الباطن الوالي المتعالي البر التواب المنتقم العفو الرؤوف مالك الملك ذو الجلال والإكرام المقسط الجامع الغنى المغني المانع الضار النافع النور الهادي البديع الباقي الوارث الرشيد الصبور) واستحسن المشايخ المتقدمون ان يبدأ اولا ويقول اللهم انى اسألك يا رحمن يا رحيم الى آخره فيجيىء بجميع الأسماء بحرف النداء ثم يقول فى آخر الكل ان تصلى على محمد وآله وان ترزقنى وجميع من يتعلق بي بتمام نعمك ودوام عافيتك يا ارحم الراحمين كما فى الاسرار المحمدية قال عبد الرحمن البسطامي فى ترويح القلوب ان العارفين يلاحظون فى الأسماء آلة التعريف واصل الكلمة. والملامية يطرحون منها آلة التعريف لانها زائدة على اصل الكلمة ومن السر المكنون فى الدعاء ان تأخذ حروف الأسماء التي تذكر بها مثل قولك الكبير المتعال ولا تأخذ الالف واللام بل تأخذ كبير متعال وتنظر كم لها من الاعداد بالجمل الكبير فتذكر ذلك العدد فى موضع خال من الأصوات بالشرائط المعتبرة عند اهل الخلوات لا تزيد على العدد ولا تنقص منه فانه يستجاب لك للوقت وهو الكبريت الأحمر بإذن الله تعالى فان الزيادة على العدد المطلوب إسراف والنقص منه إخلال والعدد فى الذكر بالأسماء كأسنان المفتاح لانها ان زادت او نقصت لا تفتح باب الاجابة البتة فافهم السر وحسن الدر واعلم انه لما كانت المقامات الدنية ثلاثة. مقام الإسلام. ومقام الايمان. ومقام الإحسان. ومراتب الجنان

صفحة رقم 282

المرتبة على الإحصاء لاهل الدين ثلاثا. جنة الأعمال. وجنة الميراث. وجنة الامتنان لا جرم كانت انواع الإحصاء ثلاثة. التعلق فى مقام الإسلام. والتخلق فى مقام الايمان. والتحقق فى مقام الإحسان فاحصاؤها بالتعلق فى مقام الإسلام هو ان يتطلب السالك آثار كل اسم منها فى نفسه وبدنه وجميع فواه وأعضائه واجزائه وجزئياته فى جميع حالاته وهيآته النفسانية والجسمانية وفى جملة تطوراته وانواع ظهوراته فيرى جميع ذلك من احكام هذه الأسماء وآثارها فيقابل كل اثر بما يليق به كمقابلة الانعام بالشكر والبلاء بالصبر وغير ذلك فبمثل هذا الإحصاء يدخل جنة الأعمال التي هى محل ستر الأغراض الزائلة بالأعيان الثابتة الباقية وهى التي اخبر عنها ابراهيم الخليل عليه السلام بانها قيعان وان غراسها سبحان الله والحمد لله واحصاؤها بالتخلق فى مقام الايمان يكون بتطلع الروح الروحانية الى حقائق هذه الأسماء ومعانيها ومفهوماتها والتخلق بكل اسم منها على نحو ما امر به من قوله عليه السلام (تخلقوا بأخلاق الله) بحيث يكون المتخلق هو عين ذلك الاسم اى بنفعل عنه ما ينفعل عن ذلك الاسم فبمثل هذا الإحصاء يدخل هذا المتخلق جنة الميراث التي هى أعلى من الجنة الاولى بل هى باطنها المنزل منها بمنزلة عالم الملكوت من عالم الملك وهى المشار إليها بقوله عليه السلام (ما منكم من أحد إلا وله منزل فى الجنة ومنزل فى النار فاذا مات ودخل النار ورث منزله اهل
الجنة وان شئتم فاقرأوا أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون) واحصاؤها بالتحقق فى مقام الإحسان يكون بالتقوى والانخلاع عما قام بك او ظهر فيك من الصور والمعاني المتسمة بسمة الحدوث والاستتار بسبحات الحضرة الحقية والاحتجاب بسجف أستارها وأعيانها: كما قال

تسترت عن دهرى بظل جناحه بحيث ارى دهرى وليس يرانى
فلو تسأل الأيام ما اسمى مادرت واين مكانى مادرين مكانى
فبمثل هذا الإحصاء يدخل المتحقق جنة الامتنان التي هى محل سرغيب الغيب المشار إليها بقوله عليه الصلاة والسلام (ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر) وإليها الاشارة ايضا بقوله تعالى إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ) قال ابن ملك من أحصاها اى من أطاق القيام بحق هذه الأسماء وعمل بمقتضاها بان وثق بالرزق إذا قال الرزاق وعلم ان الخير والشر من الله تعالى إذا قال الضار النافع فشكر على المنفعة وصبر على المضرة وعلى هذا سائر الأسماء وقيل معناه من عقل معانيها وصدقها وقيل معناه من عدها كلمة كلمة تبركا وإخلاصا وقال البخاري المراد به حفظها وهذا هو الأظهر لانه جاء فى الرواية الاخرى من حفظها مكان من أحصاها انتهى ولا يظن ان اسماء الله تعالى منحصرة فى هذا المقدار بل هى أشهر الأسماء ويجوز ان تتفاوت فضيلة اسماء الله تعالى بتفاوت معانيها كالجلال والشرف ويكون التسعة والتسعون منها تجمع أنواعا للمعانى المنبئة عن الجلال لا يجمع ذلك غيرها فتختص بزيادة شرف ويدل على ان اسماء الله تعالى كثيرة قوله عليه السلام (ما أصاب أحدا هم ولا حزن فقال اللهم انى عبدك وابن عبدك وابن أمتك ناصيتى بيدك ماض فىّ حكمك اسألك

صفحة رقم 283

بكل اسم هو لك سميت به نفسك او أنزلته فى كتابك او علمته أحدا من خلقك او استأثرت به فى علم الغيب عندك ان تجعل القرآن ربيع قلبى ونور صدرى وجلاء حزنى وذهاب همى الا اذهب الله عنه كل همه وحزنه وأبدل مكانه فرحا) وعن بريرة ان رسول الله ﷺ سمع رجلا يقول اللهم انى اسألك بانك أنت الله لا اله الا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد فقال صلى الله تعالى عليه وسلم (دعا الله باسمه الأعظم الذي إذا سئل به اعطى وإذا دعى به أجاب) واعلم ان اسم الله أعظم الأسماء التسعة والتسعين لانه دال على الذات الجامعة لصفات الالهية كلها حتى لا يشذ منها شىء وسائر الأسماء لا يدل آحادها الا على آحاد المعاني من علم او قدرة او فعل او غيره ولانه أخص الأسماء إذ لا يطلقه أحد على غيره لا حقيقة ولا مجازا وسائر الأسماء قد يسمى بها غيره كالقادر والعليم والرحيم وغيرها وقد جعل العلماء من خصائص هذا الاسم انه ينسب جميع اسماء الحق اليه كما قال الله تعالى وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى قال حضرة شيخنا العلامة أبقاه الله بالسلامة فى بعض تحريراته واعلم ان الهوية الالهية السارية فى جميع المراتب تعينت اولا فى مرتبة الحياة تعين تلك المرتبة بالاولية الكبرى فتعينت نسبة عالم الغيب ثم فى مرتبة العلم تعينت تلك المرتبة ثانيا بالآخرية العظمى فتعينت نسبة عالم المعاني ثم فى مرتبة الارادة بصورة تلك المرتبة تعينت ثالثا بالظاهرية الاولى فتعينت نسبة عالم الأرواح ثم فى مرتبة القدرة تعينت تلك المرتبة رابعا بالباطنية الاولى فتعينت نسبة عالم الشهادة هو الحي العليم المريد القدير وهو الاول والآخر والظاهر والباطن وبذلك السريان ظهرت الحقائق الأربع التي هى أمهات جميع الحقائق والأسماء الالهية الكلية التي هى تسعة وتسعون او الف وواحد وتلك الحقائق الكلية تعينت من دوران تعين الأمهات الأربع فى عوالمها الاربعة فبضرب الاربعة فى الاربعة كانت ستة عشر ثم باعتبار الظهور والبطون صارت اثنين وثلاثين ثم باعتبار احدية جمع الجميع كانت ثلاثا وثلاثين ثم باعتبار دوران تعينها بعالم السمع ورتبة البصر ورتبة الكلام فيها صارت تسعة وتسعين ثم باعتبار احدية جمع الجميع كانت مائة لذلك سن رسول الله عليه السلام فى دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين تسبيحة وثلاثا وثلاثين تحميدة وثلاثا وثلاثين تكبيرة ثم تمم المائة بقوله لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شىء قدير ثم كانت الفا باعتبار تعيناتها فى الحضرات الخمس من جهة الظهور والبطون حاصلة من ضرب المائة فى العشرة الكائنة من تلك الحضرات الخمس باعتبار ظواهرها وبواطنها ثم باعتبار احدية جمع الجميع كانت الفا وواحدا فامهات الأسماء والحقائق سبع وكلياتها تسع وتسعون او الف
وواحد وجزئيات تلك الأسماء الحسنى لا تعد ولا تحصى انتهى باختصار وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ الإلحاد واللحد الميل والانحراف عن القصد اى واتركوا الذين يميلون فى شأنها عن الحق الى الباطل اما بان يسموه تعالى بما لم يسم به نفسه ولم ينطق به كتاب سماوى ولا ورد فيه نص نبوى او بما يوهم معنى فاسدا وان كان له محمل شرعى كما فى قول اهل البدو يا أبا المكارم يا ابيض الوجه فان أبا المكارم وان كان عبارة عن المستجمع لصفات الكمال الا انه يوهم معنى لا يصح فى شأنه تعالى وكذا

صفحة رقم 284

ابيض الوجه وان كان عبارة عن تقدس ذاته عن النقائص المكدرة الا انه يوهم معنى فاسدا فالمراد بالترك المأمور به الاجتناب عن ذلك وبأسمائه ما اطلقوه عليه تعالى وسموه به على زعمهم لا أسماؤه حقيقة واما بان يعدلوا عن تسميته تعالى ببعض أسمائه الكريمة كما قالوا وما الرحمن ما نعرف سوى رحمان اليمامة. فالمراد بالترك الاجتناب ايضا. وبالأسماء أسماؤه تعالى حقيقة فالمعنى سموه تعالى بجميع الأسماء الحسنى واجتنبوا إخراج بعضها من البعض- روى- ان رجلا من الصحابة دعا الله تعالى فى صلاته باسم الله وباسم الرحمن فقال رجل من المشركين أليس يزعم محمد وأصحابه انهم يعبدون ربا واحدا فما بال هذا الرجل يدعو ربين اثنين فانزل الله تعالى هذه الآية فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم (ادعوا الله او ادعوا الرحمن رغما لانوف المشركين) فان تعدد الاسم لا يستلزم تعدد المسمى سَيُجْزَوْنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ اى اجتنبوا الحادهم كيلا يصيبكم ما أصابهم فانه سينزل بهم عقوبة الحادهم فقوله وَذَرُوا الَّذِينَ إلخ معناه واتركوا تسمية الزائغين فيها بتقدير المضاف إذ لا معنى لترك نفس الملحدين وقال بعض العلماء المراد بالأسماء الا لحسنى الصفات العلى فان لفظ الاسم قد يطلق على ما يسمونه الذات من صفاتها العظام يقال طار اسمه فى الآفاق اى انتشرت صفته ونعته فكأنه قيل ولله الأوصاف قال فى التأويلات النجمية وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى يشير الى ان اسم الله له بمثابة اسم العلم للخلق وهو اسم ذاته تبارك وتعالى والباقي من الأسماء هو اسماء الصفات لانه قال ولله الأسماء الحسنى فاضاف الأسماء الى اسم الله وأسماؤه كلها مشتقة من صفاته الا اسم الله فانه غير مشتق عندنا وعند الأكثرين لانه اسم الذات فكما ان ذاته تعالى غير مخلوق من شىء كذلك اسمه غير مشتق من شىء فان الأشياء مخلوقة فاسماء صفاته تعالى بعضها مشتق من الصفات الذاتية فهو غير مخلوق وبعضها مشتق من صفات الفعل فهو مخلوق لان صفات الذات كالحياة والسمع والبصر والكلام والعلم والقدرة والارادة والبقاء قديمة غير مخلوقة وصفات الفعل مخلوقة تضاف اليه عند الإيجاد فلما أوجد الخلق وأعطاهم الرزق سمى خالقا ورازقا الا انه تعالى كان فى الأزل قادرا على الخالقية والرازقية فقوله ولله الأسماء الحسنى اى الصفات الحسنى فَادْعُوهُ بِها اى فادعوا الله بكل اسم مشتق من صفة من صفاته بان تتصفوا وتتخلقوا بتلك الصفة فالاتصاف بها بالأعمال والنيات الصالحات كصفة الخالقية فان الاتصاف بها بان تكون مناكحته للتوالد والتناسل بخلاف الخالق كما قيل لحكيم وهو يواقع زوجته ما تعمل قال ان تم فانسان. والاتصاف بصفة الرازقية بان ينفق ما رزقه الله على المحتاجين ولا يدخر منه شيأ وعلى هذا فقس البواقي.
واما التخلق بها فالاحوال وذلك بتصفية مرآة القلب ومراقبته عن التعلق بما سوى الله والتوجه اليه ليتجلى له بتلك الصفات فيتخلق بها وهذا تحقيق قوله (كنت له سمعا وبصرا فى يسمع وبي يبصر) وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ اى يميلون فى صفاته اى لا يتصفون بها وتسميته تعالى باسم لم يسم به نفسه ايضا من الإلحاد كما يسمونه الفلاسفة بالعلة الاولى والموجب بالذات يعنون به انه تعالى غير مختار فى فعله وخلقه وإيجاده تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا. ومن وصفه تعالى بوصف او بصفة لم يرد بها النص فايضا الحاد سَيُجْزَوْنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ

صفحة رقم 285
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية