آيات من القرآن الكريم

وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا ۛ أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤ ﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁ ﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒ

[سورة الأعراف (٧) : الآيات ١٧١ الى ١٧٣]

وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا ما فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٧١) وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ (١٧٢) أَوْ تَقُولُوا إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (١٧٣)
اللغة:
(نَتَقْنَا) : نتق قلع ورفع، ومنه نتق السقاء إذا نفضه ليقتلع الزبدة منه. هذا وقد اختلف عبارات أهل اللغة في النتق، فقال أبو عبيدة: هو قلع الشيء من موضعه والرمي، ومنه نتق ما في الجراب:
إذا نفضه فرمى ما فيه، وامرأة ناتق ومنتاق: إذا كانت كثيرة الولادة.
وفي الحديث: «عليكم بزواج الأبكار، فإنهن أنتق أرحاما، وأطيب أفواها، وأرضى باليسير». وقيل: النتق: الجذب بشدة، ومنه نتقت السقاء إذا جذبته بشدة لتقتلع الزبد من فمه. وقال الفراء: هو الرفع. وقال ابن قتيبة: هو الزعزعة. على أن هذه الاختلافات ترجع الى معنى واحد. والذي يلفتت النظر هو أن النون والتاء متى استعملا فاء وعينا للكلمة، فإن المعنى يحوم حول النزع والقلع والإخراج، وسنعرض كعادتنا، تركيب هذين الحرفين، فمن ذلك نتأ بمعنى رمى،

صفحة رقم 489

ونتأ ثدي الجارية بمعنى برز ونهد، ونتأ الشيء: خرج من موضعه من غير أن ينفصل، ونتجت الناقة: وضعت ولدها، ومن المجاز:
الريح تنتج السحاب، قال الراعي:

أربّت بها شهري ربيع عليهم جنائب ينتجن الغمام المتاليا
وفي المثل: «إن العجز والتوائي تزاوجا فأنتجا الفقر». وهذه المقدمة لا تنتج نتيجة صادقة إذا لم تكن لها عاقبة محمودة، ونتح العرق من مناتحه، ورشح من مراشحه، وتتخت الشوكة من رجلي بالمنتاخ: أي بالمنقاش، ونتخ البازي اللحم بمنسره، ونتخ فلان من أصحابه نزع منهم، ونتخته المنية من بين قومه، ونتر الثوب: جذبه في شدة، ونتر الوتر مدّه حتى كاد ينكسر القوس، وفي الحديث: «إذا بال أحدكم فلينتر ذكره ثلاث نترات»، ونتش الشوكة بالمنتاش، ونقشها بالمنقاش، وما نتش منه شيئا ما أخذ، وهو ينتش من كل علم، ونتف شعره وانتتفه، وفلان منتوف: مولع بنتف لحيته. ومن المجاز: أعطاه نتفة من الطعام وغيره: شيئا منه، فقول العامة: نتفة، صحيح ولكن بضم الميم، وكان أبو عبيدة يقول في الأصمعي: ذاك رجل نتفه. ونتن الشيء: ارتفع نتنه، وفي الحديث: «إذا رأى أحدكم امرأة فأعجبته فليذكر مناتنها»، وهذا من دقائق العربية، فتدبره.
(ظُلَّةٌ) الظّلة: بضم الظاء كل ما أظلك من سقيفة أو سحاب،
الإعراب:
(وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ) الواو عاطفة، وإذ ظرف زمان

صفحة رقم 490

متعلق باذكر المحذوفة والمعطوفة على ما تقدم، وجملة نتقنا في محل جر بالاضافة، ونا فاعل، والجبل مفعول به، وفوقهم ظرف مكان متعلق بمحذوف على أنه حال من الجبل، وهي حال مقدرة، لأنه حال النتق لم يكن فوقهم بالفعل بل صار فوقهم بالنتق، أو متعلق بنتقنا، وجملة كأنه ظلة حال من الجبل أيضا، فيكون الحال متعددا، وكأن واسمها وخبرها (وَظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ) يجوز أن تكون الجملة في محل جر عطفا على جملة نتقنا المجرورة بالاضافة، ويجوز أن تكون الواو حالية، وقد مقدرة، وقد تقدم مثل هذا التعبير والبحث فيه، وصاحب الحال الجبل، أي: كأنه ظلة في حال كونه مظنونا وقوعه بهم، ولك أن تجعل الواو استئنافية، فتكون الجملة مستأنفة لا محل لها، وأن وما في حيزها سدت مسدّ مفعولي ظنّ، وأن واسمها وخبرها، وبهم جار ومجرور متعلقان بواقع (خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ) جملة خذوا في محل نصب مقول قول محذوف، أي: وقلنا لهم: خذوا، وما اسم موصول مفعول به، وجملة آتيناكم لا محل لها لأنها صلة الموصول، وبقوة جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال، أي: عازمين على احتمال مشاقه وكثرة تكاليفه (وَاذْكُرُوا ما فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) عطف على ما تقدم، ولعلكم لعل واسمها، وجملة تتقون خبرها، وجملة الرجاء حالية (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) عطف على ما تقدم، وقد سبق ذكره، وربك فاعل أخذ، ومن بني آدم جار ومجرور متعلقان بأخذ، ومن ظهورهم جار ومجرور في محل جر بدل اشتمال من بني آدم، أو بدل بعض من كل بإعادة الجار، ومعنى إخراج ذرياتهم من ظهورهم إخراجهم من أصلابهم نسلا وإشهادهم على أنفسهم. وسيأتي بحث ذلك في باب البلاغة. وذريتهم مفعول به (وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ) عطف على أخذ، وعلى أنفسهم جار ومجرور متعلقان بأشهدهم (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ؟ قالُوا: بَلى) الجملة

صفحة رقم 491

مقول قول محذوف، أي: قائلا، وجملة القول حالية، والهمزة للاستفهام التقريري، والتاء اسم ليس، والباء حرف جر زائد وربكم مجرور لفظا خبر ليس محلا، وجملة قالوا مستأنفة، وبلى حرف جواب، وتختص بالنفي، وتفيد إبطاله سواء أكان مجردا أم مقرونا بالاستفهام التقريري، كما هنا. ولذلك قيل: قالوا: نعم كفروا، من جهة أن «نعم» تصديق للمخبر بنفي أو إيجاب، فكأنهم أقروا بأنه ليس ربهم (شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ: إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ) شهدنا فعل وفاعل، وأن وما في حيزها في محل نصب مفعول من أجله، أي: فعلنا ذلك كراهة أن تقولوا، ويوم القيامة ظرف متعلق بتقولوا، وجملة إن وما في حيزها في محل نصب مقول القول، وجملة كنا خبر إنا، وغافلين خبر كنا، وعن هذا جار ومجرور متعلقان بغافلين (أَوْ تَقُولُوا إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ) أو تقولوا عطف على أن تقولوا، أي: وكراهة أن تقولوا، وإنما كافة ومكفوفة، وجملة إنما أشرك آباؤنا في محل نصب مقول القول، ومن قبل جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال (وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ) الواو عاطفة، وكان واسمها، وذرية خبرها، ومن بعدهم جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة لذرية (أَفَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ) الهمزة للاستفهام الإنكاري، والفاء عاطفة، وتهلكنا فعل وفاعل مستتر ومفعول به، والباء حرف جر، وتفيد السببية، وما مصدرية، وفعل المبطلون فعل وفاعل، والمصدر المؤول في محل جر بالباء.
البلاغة:
١- في قوله «وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة» تشبيه مرسل وفائدته هنا إخراج ما لم تجرية العادة الى ما جرت به العادة.

صفحة رقم 492
إعراب القرآن وبيانه
عرض الكتاب
المؤلف
محيي الدين بن أحمد مصطفى درويش
الناشر
دار الإرشاد للشئون الجامعية - حمص - سورية ، (دار اليمامة - دمشق - بيروت) ، ( دار ابن كثير - دمشق - بيروت)
سنة النشر
1412 - 1992
الطبعة
الرابعة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية