آيات من القرآن الكريم

وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا ۛ أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ
ﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁ

أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ وانما اطلق الظن لانه لم يقع متعلقه وقيل لهم ان قبلتم ما فيها والا ليقعن عليكم خُذُوا بإضمار القول اى وقلنا خذوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ بجد وعزم على تحمل مشاقه حال من فاعل خذوا وَاذْكُرُوا ما فِيهِ بالعمل ولا تتركوه كالمنسى لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ قبايح الأعمال ورذايل الأخلاق.
وَاذكر إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ فيه اختصار تقديره من آدم وبنى آدم مِنْ ظُهُورِهِمْ بدل من بنى آدم بدل البعض والمعنى إذا خرج ربك من ظهور آدم بنيه ذُرِّيَّتَهُمْ قرأ نافع وابو عمرو وابن عامر ويعقوب ذرياتهم على صيغة الجمع والباقون على الافراد وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ اى اشهد بعضهم على بعض وقال لهم أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى عن ابى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم لما خلق الله آدم مسح ظهره فسقط من ظهره كل نسمة هو خالقها من ذريته الى يوم القيامة وجعل بين عينى كل انسان منهم وبيصا «١» من نور ثم عرضهم على آدم فقال اى رب من هؤلاء قال ذريتك فراى منهم رجلا فاعجبه وبيص عينيه فقال اى رب من هذا قال داود قال رب كم جعلت عمره قال ستين سنة قال رب زده من عمرى أربعين سنة قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فلما انقضى عمر آدم الا أربعين جاءه ملك الموت فقال آدم الم يبق من عمرى أربعين سنة قال او لم تعطها ابنك داود فجحد آدم فجحدت ذريته ونسى آدم فاكل من الشجرة ونسيت ذريته وخطأ آدم فخطأت ذريته ورواه الترمذي عن ابى الدرداء عن النبي صلى الله عليه واله وسلم قال خلق الله آدم حين خلقه فضرب كتفه اليمنى فاخرج ذريته بيضاء كانهم الذر وضرب كتفه اليسرى فاخرج ذريته سوداء كانهم الحمم قال للذى فى يمينه الى الجنة ولا أبالي وقال للذى فى كتفه اليسرى الى النار ولا أبالي رواه احمد كذا ذكر مقاتل وغيره من اهل التفسير فذكروا نحوه وفى آخره ثم أعادهم جميعا فى صلبه فاهل القبور محبوسون حتى يخرج اهل الميثاق كلهم من أصلاب الرجال وأرحام النساء قال الله تعالى فيمن نقض العهد الاول وما وجدنا لاكثرهم من عهد وعن مسلم بن يسار قال سئل عمر بن الخطاب عن هذه الاية وإذ أخذ ربك من بنى آدم الاية قال عمر رضى الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يسأل منها فقال ان الله خلق آدم ثم مسح ظهره بيمينه فاخرج منه ذرية فقال خلقت هؤلاء للجنة وبعمل اهل الجنة يعملون ثم مسح ظهره

(١) وبيص يعنى البريق ١٢

صفحة رقم 427

فاستخرج منه ذرية فقال خلقت هؤلاء للنار وبعمل اهل النار يعملون فقال رجل ففيم العمل يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ان الله إذا خلق العبد للجنة استعمله بعمل اهل الجنة حتّى يموت على عمل من اعمال اهل الجنة فيدخله به الجنة وإذا خلق العبد للنار استعمله بعمل اهل النار حتى يموت على عمل من اعمال اهل النار فيدخله به النار رواه مالك وابو داود والترمذي واحمد فى مسنده والبخاري فى التاريخ وابن حبان والحاكم والبيهقي وقال الترمذي حديث حسن ومسلم بن يسار لم يسمع من عمر قال البغوي قد ذكر بعضهم فى هذا الاسناد بين مسلم بن يسار وعمر رجلا وعن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه واله وسلم قال أخذ الله الميثاق من ظهر آدم بنعمان يعنى عرفة فاخرج من صلبه كل ذرية ذراها فنشرهم بين يديه كالذر ثم كلمهم قبلا قال الست بربكم قالوا بلى شهدنا ان تقولوا يوم القيامة انا كنا عن هذا غافلين او تقولوا انما أشرك ابائنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون رواه احمد والنسائي والحاكم وصححه واخرج ابن جرير بسند ضعيف عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فى هذه الاية أخذ من ظهره كما يوخذ بالمشط من الرأس فقال لهم الست بربكم قالوا بلى قالت الملائكة شهدنا قال البغوي روى عن ابن عباس ايضا ان الله أخرجهم وأخذ الميثاق بدهناء من ارض الهند وهو الموضع الذي هبط آدم عليه السلام وقال الكلبي بين مكة والطائف وقال السدى خلق الله آدم ولم يهبط من السماء ثم مسح ظهره فاخرج ذريته وعن ابى بن كعب جمعهم فجعلهم أزواجا يعنى أصنافا ثم صورهم فاستنطقهم فتكلموا ثم أخذهم العهد والميثاق واشهدهم على أنفسهم الست بربكم قال الله تعالى فانى اشهد عليكم السموات السبع والأرضين السبع واشهد عليكم أباكم آدم ان تقولوا يوم القيامة لم نعلم بهذا اعلموا انه لا اله غيرى ولا رب غيرى ولا تشركوا بي شيئا انى سارسل إليكم رسلى يذكرونكم عهدى وميثاقى وانزل عليكم كتبى قالوا شهدنا بانك ربنا والهنا لا رب لنا غيرك ولا اله لنا غيرك فاقروا بذلك ورفع عليهم آدم عليه السلام ينظر إليهم فرأى الغنى والفقير وحسن الصورة ودون ذلك فقال رب لولا سويت بين عبادك قال انى أحببت ان اشكر ورأى الأنبياء فيهم مثل السرج عليهم النور خصوا بميثاق اخر فى الرسالة والنبوة وهو قوله تعالى وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم الى قوله وعيسى بن مريم وعيسى بن مريم كان فى تلك الأرواح فارسله الى مريم فحدث عن ابى انه دخل من فيها رواه احمد زاد

صفحة رقم 428

فى بعض الروايات بعد قوله لا تشركوا بي شيئا قوله فانى سانتقم عمن أشرك بي ولم يؤمن بي وزاد بعد قوله فاقروا بذلك قوله ثم كتب اجالهم وأرزاقهم ومصائبهم وبعد قوله انى أحببت ان اشكر انه فلما قررهم بتوحيده واشهد بعضهم على بعض أعاد الى صلبه فلا تقوم الساعة حتّى يولد كل من أخذ ميثاقه قال البغوي ما معنى قوله وإذ أخذ ربك من بنى آدم من ظهورهم وانما أخرجهم من ظهر آدم قلت وبه نطق الأحاديث قيل فى جوابه ان الله اخرج ذرية آدم بعضهم من ظهور بعض على نحو ما يتوالدون فاستغنى عن ذكر ظهر آدم لما علم انهم كلهم بنوه فاخرجوا من ظهره ولذلك لم يذكر ظهر آدم فى الاية قلت وإخراج كلهم الى ظهر آدم انما أسند فى الحديث بناء على انه لما كان بعضهم فى ظهر بعض والأصول فى ظهر آدم فكان كلهم فى ظهره فصح اسناد إخراج كلهم الى ظهره او لان المراد بآدم فى الحديث آدم وبنيه اقتصر على ذكر آدم اكتفاء بذكر الأصل عن ذكر الفرع قلت ومعنى قوله صلى الله عليه واله وسلم ضرب كتفه اليمنى فاخرج ذرية بيضاء انه ضرب كتفه او كتف أحد من ابنائه فاخرج منها ذرية بيضاء وكتفه او كتف أحد منهم اليسرى فاخرج منها ذرية سوداء ثم قال خلقت هؤلاء للجنة وهؤلاء للنار قال البغوي قال اهل التفسير ان اهل السعادة أقروا طوعا واهل الشقاوة قالوا تقية وكرها
وذلك معنى قوله تعالى وله اسلم من فى السموات والأرض طوعا وكرها شَهِدْنا قال السدى هو خبر من الله تعالى عن نفسه وملئكته انهم شهدوا على اقرار بنى آدم وقال بعضهم هو خبر من قول بنى آدم حين اشهد الله بعضهم على بعض فقالوا بلى شهدنا وقال الكلبي ذلك من قول الملئكة وفيه حذف تقديره لما قالت الذرية بلى قال الله تعالى للملئكة اشهدوا قالوا شهدنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ منصوب على العلية قرأ ابو عمرو ويقولوا فى الموضعين بالياء التحتانية على الغيبة تقديره اشهدهم كراهية ان يقولوا او لئلا يقولوا والباقون بالفوقانية على الخطاب تقديره اخاطبكم بالست بربكم كراهة ان تقولوا او لئلا تقولوا قلت والاولى «١» ان يقال تقديره على قراءة ابى عمرو ذكرهم يا محمد بالميثاق كراهة ان يقولوا انا كنا عن هذا غافلين وعلى قراءة الجمهور أخبرتكم ايها الناس بالميثاق كراهة ان تقولوا إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا الميثاق او الإقرار غافِلِينَ فان قيل كيف يلزم الحجة واحد لا يذكر الميثاق قيل لما اخبر بذلك المخبر الصادق المؤيد بالمعجزة لزمهم الحجة ولا يسقط الاحتجاج بعدم حفظهم

(١) وجه الاولوية ان تذكير الميثاق بلسان صاحب المعجزة يزيل الغفلة لانفس الاشهاد والميثاق والله اعلم ١٢
.

صفحة رقم 429
التفسير المظهري
عرض الكتاب
المؤلف
القاضي مولوي محمد ثناء الله الهندي الفاني فتي النقشبندى الحنفي العثماني المظهري
تحقيق
غلام نبي تونسي
الناشر
مكتبة الرشدية - الباكستان
سنة النشر
1412
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية