
وقرأ الجَحْدَري وعيسى: " وَعَزَرُوهُ "، مخففاً.
وروي عن ابي بكر عن عاصم: " وَيَضَعُ عَنْهُمْ أَصْرَهُمْ "، بفتح الهمزة، لغة.
قوله: ﴿قُلْ يا أيها الناس إِنِّي رَسُولُ الله إِلَيْكُمْ جَمِيعاً﴾، إلى قوله: ﴿يَظْلِمُونَ﴾.
والمعنى: ﴿قُلْ﴾، يا محمد: ﴿يا أيها الناس إِنِّي رَسُولُ الله إِلَيْكُمْ جَمِيعاً﴾، أي: لست كمن قبلي من الأنبياء الذين يبعثون إلى بعض الناس دون بعض.

﴿الذي يُؤْمِنُ بالله وَكَلِمَاتِهِ﴾.
أي: وآياته.
وقيل: ﴿وَكَلِمَاتِهِ﴾: عيسى ابن مريم، ( ﷺ ). قاله مجاهد والسدي.
ثم قال: ﴿وَمِن قَوْمِ موسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بالحق﴾.
أي: يدعون الناس إلى الهداية بالحق.
﴿وَبِهِ يَعْدِلُونَ﴾.
أي: في الحكم.
وقيل: وبه يؤمنون.
و" الأُمَّةُ " هنا: الجماعة.

قال ابن جريج: بلغني أن بني إسرائيل لما قتلوا أنبيائهم، وكفروا، وكانوا اثني عشر سِبْطاً، تبرأ سبط منهم مما علموا، واعتذروا، وسألوا الله ( تعالى)، أن يُفَرِّق بينهم وبينهم، ففتح الله لهم نفقاً في الأرض، فساروا فيه حتى خرجوا من وراء الصين، فهم هناك حُنفاء مسلمين، يستقبلون قبلتنا. قال ابن جريج: قال ابن عباس: فذلك قوله: ﴿وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسكنوا الأرض فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ الآخرة جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً﴾ [الإسراء: ١٠٤].
و ﴿وَعْدُ الآخرة﴾: عيسى بن مريم يخرجون معه. قال ابن جريج: قال ابن عباس: ساروا في السَّرَب سنة ونصفاً.
وقيل: هم قوم في منقطع من الأرض، لا يوصل إليهم، آمنوا بمحمد ( ﷺ)، وأقاموا الحنيفية كأنهم بنو أب وأم، ليس لأحد منهم مالٌ دون صاحبه، يُمطرون في كل ليلة، ويصحون في النهار، يزرعون ويحرثون، ليس يدخر أحد منهم دون أخيه شيئاً، مقيمين على عبادة الله ( تعالى)، لا يبكون على ميت.

وقيل في معنى: ﴿وَمِن قَوْمِ موسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بالحق﴾: أنه يكون هدى لمن آمن منهم بمحمد ( ﷺ)، ويكون لقوم قد هلكو.
ثم قال تعالى: ﴿وَقَطَّعْنَاهُمُ اثنتي عَشْرَةَ أَسْبَاطاً أُمَماً﴾.
ف " أسباط " بدل من: ﴿اثنتي عَشْرَةَ﴾. و ﴿أُمَماً﴾ نعت ل " الأسباط ".
و" الأسباط ": الفرق.
وقيل: هم القَرْنُ [الذي] يجيء بعد قَرْنٍ.
و" الأسباط " في ولد إسحاق، (عليه السلام)، بمنزلة القبائل في ولد إسماعيل.
و" الأَسْبَاطُ ": مأخوذ من: السَّبط "، وهو شيء تَعْتَلِفُهُ الإبل، فكأن إسحاق (عليه السلام)، / بمنزلة شجرة، والأولاد بمنزلة أغصانها، فشُبّهَ ذلك

ب " السَّبَط ".
وإنما أنث في ﴿اثنتي﴾؛ لأن " الأسباط " في موضع الفرقة؛ فكأنه: اثْنَتَيْ عشرة فرقة.
وقيل المعنى: وقطعناهم فرقاً اثنتي عشرة أسباطاً.
وقال بعض الكوفيين: إنما أُنِّثَ؛ لأن الكلام ذهب (به) إلى " الأمم "، فغلّبَ التأنيث، كما قال:
وَإِنَّ كِلاَباً هَذِهِ عَشْرُ أَبْطُنٍ | وَأَنْتَ بِرِيءٌ مِنْ قَبَائِلِها العَشْرِ |

وقال بعضهم: " إنما أنث لذكر " الأُمَمِ " بعد ذلك.
وقيل: المعنى: وقطعناهم قطعاً اثْنَتَي عَشْرَةَ، فأنث لتأنيث " القطعة "، ودل على ذلك: " قَطَعْنا ".
و" أسباط " ليس بِتَفْسير للعدد؛ لأن حق هذا أن يفسر بواحد؛ وإنما هو بَدَل.
ثم قال: ﴿وَأَوْحَيْنَآ إلى موسى إِذِ استسقاه قَوْمُهُ﴾.
أي: لما فرقناهم اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أسباطاً، أوحينا إليه إذا عطشوا، ﴿أَنِ اضرب بِّعَصَاكَ الحجر﴾، وقد تقدم ذكر ذلك في البقرة.
﴿فانبجست﴾.